أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

إسدال الستار على أكبر جريمة فساد في المغرب بطلها وزير سابق

محمد حميمداني

 أسدل الستار ، الأسبوع الماضي ، على أكبر قضية نهب للمال العام شهدها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، بعد أن أصدرت محكمة الاستيناف حكمها في الملف المتابع فيه 11 مسؤولا بالصندوق ، وهو الملف / الفضيحة التي هزت الأوساط الرسمية و الشعبية في أكبر عملية نهب منظم للأموال عمومية على مدار أكثر من 30 سنة .

 القضية أوقعت رؤوسا كبيرة في قفص الإدانة ، بعد أن أصدرت غرفة جرائم الأموال بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء ، حكمها في أكبر محاكمات الفساد المالي بالمغرب ، ارتباطا بالاختلالات التي عرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ما بين سنتي 1972 و 1992 ، و التي جاءت في تقرير لجنة برلمانية لتقصي الحقائق سنة 2002 .

 و هي المحاكمة التي كانت فصولها قد ابتدأت سنة 2011 بمحاكمة 11 متهما على ذمة القضية ، التي هزت الساحة السياسية و الاقتصادية بالمغرب .

 المحكمة قضت بتأييد الأحكام الصادرة ابتدائيا سنة 2016 في حق المتهمين ، وهم “رفيق الحداوي” ، وزير التشغيل السابق و المدير العام السابق للصندوق ، و الذي صدر في حقه حكم بالسجن لمدة 4 سنوات موقوفة التنفيذ ، وغرامة قدرها 40 ألف درهم ، مع مصادرة ممتلكاته .

 وسيتوجب على المدانين العشرة الذين كانوا يتحملون المسؤولية داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، حسب نص الحكم الصادر ، بإرجاع مبالغ لفائدة الدولة تقدر بحوالي 31 مليار درهم في المجموع .

 و هاته الأموال المنهوبة موزعة بين العشرة ، حيث قضت المحكمة بإرجاع “مصطفى جبوري” مبلغ 294 مليون درهم ، و “سعيد برويلة” 82 مليون درهم ، و “محمد بن المودن” مبلغ يناهز 10 مليارات درهم ، و “محمد الودغيري” مبلغ 32 مليون درهم ، و “علي باعدي” 13,9 مليارات درهم ، و “بنعيسى الأبيض” 200 مليون درهم ، و “مصطفى أبو زيد” و “محمد عدلاني” و “العربي الزياني” و “أحمد الخياطي” بإرجاع مبلغ يناهز 7,44 مليار درهم تضامناً فيما بينهم .

 كما أرغم الوزير السابق بأداء المبالغ المحكوم بإرجاعها على المتهمين الآخرين ، أي 31 مليار درهم لفائدة الدولة المغربية في حالة عدم أدائها من طرف باقي المدانين .

 فيما برأت ، نفس الهيئة ، الأمين العام السابق للمجلس الوطني للإحصاء و العمدة السابق لمدينة الدار البيضاء و صهر وزير الداخلية السابق “عبد المغيت سليماني” من التهم المنسوبة إليه ، إلى جانب متهمين آخرين .

 واستمرت المحاكمة في هذا الملف لسنوات بعدما افتتحت أطوارها سنة 2011 ، و انتهت اليوم بإدانة المتابعين .

 و للإشارة ففصول هاته الجريمة / الفضيحة في حق المال العام كانت قد تفجرت سنة 2002 ، و التي عرت واقع المؤسسات العمومية و حال المال العام داخل هاته المؤسسات ، و التي تعرضت للنهب على مسار أكثر من 30 سنة ، و التي تجاوزت قيمة المال المنهوب فيها 115 مليار درهم ( أي قرابة 12.5 مليار دولار) .

 على الرغم من أن التحقيق القضائي في هذا الملف بدأ سنة 2011 فإن تطوراته الجديدة و تفجره للعلن لم تسجل إلا ابتداء من سنة 2002 بعد نشر تقرير اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي شكلها مجلس المستشارين ، و التي دام عملها من شهر نونبر سنة 2001 و إلى غاية شهر ماي سنة 2002 .

 خلاصات التقرير البرلماني كان قد أشار إلى تعرض مالية الصندوق و ممتلكاته لأضرار عديدة تسبب فيها سوء التسيير و التبذير و الاختلالات و الاختلاسات المباشرة و غير المباشرة المتعددة و المتكررة عبر السنوات .

 و قالت اللجنة البرلمانية حينها إن هذا الضرر يبقى جد مهول وجد معبر عن سوء التدبير المالي للصندوق ، بحيث كان بالإمكان أن تصل ودائع الصندوق سنة 2002 إلى 67,7 مليار درهم عوض 15,1 مليار درهم المسجلة في تلك الفترة ، حيث كانت هذه الودائع تدر سنوياً فوائد قدرت ب 5 مليار درهم و هي تكفي لسد حاجيات الصندوق في مجال التعويضات ، و من شأنها أن تمكنه من مضاعفة ، بأزيد من مرتين ، مبلغ المعاشات الهزيلة التي كان يقدمها .

 

التعليقات مغلقة.