في الوقت الذي كان من المنتظر توسيع المركز التقني العالي بتطوان لتمكين أكبر عدد من الطلبة ولوجه، يفاجأ الطالبات و الطلبة الراغبين في الولوج إليه بإغلاقه تماما في وجههم، هذا بعد أن كان معهد تطوان السباق وطنيا لاحتضان شعب التقني العالي لما يزيد عن 16 سنة من التكوين، لاسيما وأن المركز التقني العالي كان يتوفر على المعدات التطبيقية والتجهيزات وأساتذة مكونين في مختلف التخصصات، و هو الأمر الذي جعل المدينة تستقطب الطلبة من مختلف أنحاء المغرب.
إغلاق إغلاف خلف تدمرا و استياء عميقين في صفوف طلبة المنطقة، الذين حرموا قصرا من التكوين و الحصول شهادة التقني العالي الوطنية التي تعتبر من الشواهد العليا التي تمنحها وزارة التربية الوطنية لتكوينات ما بعد البكالوريا، على غرار الأقسام التحضيرية للمدارس العليا التي تستغرق الدراسة فيها سنتين بعد البكالوريا، حيث يتلقى الطلبة تكوينا نظريا وتطبيقيا وتدارب ميدانية داخل شركات خاصة و عامة بمدينة طنجة الصناعية، مما يخول لحامل الشهادة ولوج سوق الشغل من بابه الواسع، و لم لا استكمال الدراسات العليا.
أحلام سرعان ما حطمها قرار الإغلاق غير المبرر والذي ضرب عرض الحائط تكافؤ الفرص بين مختلف أقاليم وجهات المملكة في ميدان التكوين والتشغيل، خاصة وأن طلاب هذا المركز كانوا يستفيدون من أفق مفتوح على سوق الشغل بفعل قربه من مدينة طنجة القطب الصناعي الثاني للمملكة بعد الدار البيضاء، و الغريب في الأمر أن مراكز صغيرة بمدن أخرى، لا تتوفر على فرص مماثلة كتلك التي يتوفر عليها إقليم تطوان و المنطقة برمتها، لم يتم إغلاقها.
و هذ الإغلاق الفجائي المثير للجدل سوف يساهم لا محالة في تعميق أزمة شباب تطوان وحرمانهم من التكوين وولوج عالم الشغل، خصوصا وأن المنطقة تعيش ظروفا صعبة استثنائية بفعل إغلاق باب مدينة سبتة المحتلة، وتفشي جائحة كورونا، حيث سيحرم شباب المنطقة من هاته الشواهد الوطنية التي ستفتح لهم أبواب الشغل وتبعدهم عن شبح البطالة، مما يتطلب التدخل الفاعل و العاجل لوقف هذه الفعل و البحث في الأسباب والدوافع الموضوعية لهذا الإغلاق من خلال إرسال لجان التفتيش و المراقبة الإدارية والمالية للوقوف على حقيقة الوضع.
يشار إلى أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بفعل وصايتها على هذا المعهد و غيره، هي الجهة المخول لها قانونا صلاحية المراقبة وضمان تقيد أجهزتها المختصة بأحكام القانون المنظم لها، وعليها الحرص بوجه عام على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العمومية التابعة لها في حدود دائرة نفوذها الترابي، و العمل على استمرار تطبيق السياسة التربوية والتكوينية بالمدارس و المعاهد التابعة لمجال نفودها، مع مراعاة الأولويات والأهداف الوطنية المحددة من لدن السلطة الحكومية الوصية، كما على الأكاديميات الجهوية أن تقوم بإعداد مخطط تنموي يشمل مجموعة من التدابير والعمليات ذات الأولوية في مجال التمدرس و التكوين طبقا للتوجهات والأهداف الوطنية، مع الحرص على إدماج الخصوصيات والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الإقليمية والجهوية و الوطنية في البرامج التربوية، و ذلك بوضع الخرائط التربوية التوقعية على مستوى الجهة بتنسيق مع الجهات المعنية، وبالتشاور مع الجماعات المحلية والمندوبيات الجهوية للتكوين المهني، و كذا المساهمة في تحديد حاجيات الشباب في مجال التكوين المهني، مع الأخذ في الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية الجهوية، ووضع وتطوير التكوينات التقنية الأساسية ذات الأهداف المهنية الخاضعة للنظام المدرسي.
هاته الإجراءات التي تم تطبيقها بالمركز التقني العالي، المتواجد بالثانوية التقنية “الامام الغزالي” بتطوان، فاجأت الشباب الذين يتابعون دراستهم بالسلك الثانوي، أو حاملي شهادة البكالوريا أو البكالوريا +2، أو الحاصلين على الإجازة التي ستخول لهم الترشح للحصول على شهادة تقني عالي حر، حيث رسيقضى على طموحهم بقرار الإغلاق الفجائي لهذا المركز الوحيد بالإقليم، و الذين كانت طموحاتهم تثوق إلى الحصول على شهادة تقني عالي متخصص من مدينتهم تطوان عوض طنجة أو مدن اخرى، وهو الفعل الذي تسبب في توقف الشعب الأربعة وهي: الكهروميكانيكي للأنظمة الآلية، الإنتاج، شبكات نظم المعلومات، و شعبة الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي كان من المفروض أن تعمل المؤسسة على تكوين أكثر من 240 طالبا سنويا، في أربع شعبة تضم 60 طالب وطالبة .
و هنا يتساءلالرأي العام المحلي، لماذا لم تقم الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراقبة حالات المؤسسة، لا من حيث الصيانة أو التجهيزات ومدى توفرها على وسائل العمل الضرورية؟، و أين هو البرنامج التوقعي المتعدد السنوات للاستثمارات المتعلق بهذه المؤسسة التكوينية؟، وذلك على أساس الخريطة التربوية التوقعية.
التعليقات مغلقة.