قد تأتي إيران بأقوى ما لديها، بينما إسرائيل لا تنام. فمن سيُبلغ إيرانَ أن طموحاتها في الغالب أوهام؟ يجب أن يعيد مفكروها تقييم المعلومات المُحصَّلة قبل الحرب، وتحديثها بأهم ما يستدعي الاهتمام.
لقد نجحت إيران في إخفاء استعداداتها، متظاهرةً بعكس ما تخفيه في الجوهر، صامتةً حتى انتهاء الجولة الأولى. وفي هذه الأثناء، تفحص إسرائيل خطواتها، غارقةً في فرحة الخروج من أزمة لم يدرك خطورتها إلا قلّة من كبار القادة في “عرفة” (الغرف العملياتية الخاصة)، الذين يديرون منذ سنوات عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي والواجهة السياسية المُشرفة على تنفيذ الخطط.
عندما أيقنوا أن المصيدة الإيرانية محكمةُ الصنع، مُربَّعاتها مُرتَّبة بدقة بخيوطٍ كالحديد الخام، كان الأوان قد فات. مصيدةٌ ناجحةٌ وثّقت وثائقَ غنمتها إيران بأساليب أسطورية، بقوة المال وخيانة أحد كبار العسكريين الإسرائيليين، الذي ارتبط ضميره بمجموعة من الشيعة المخلصين. هؤلاء يتغلغلون في عمق الكيان الصهيوني بشبكة مقاومة خبيرة، تتقن العبرية وتتخفى بهيئة المتدينين، لكنها في الحقيقة قوةٌ منظمة تعمل لتحقيق العدل.
ما حدث مجرد غيض من فيض اختراقات إيرانية معقدة، مزّقت أوهام إسرائيل بأنها في حصن منيع. فبينما تعتمد إسرائيل على الأقمار الصناعية الأمريكية لرصد إيران كهدف سهل، اخترقت إيرانُ عمقَ المؤسسات الإسرائيلية الاستراتيجية عبر “أقمار بشرية” تتخفى بهوية إسرائيلية، لكنها في الحقيقة جنودٌ للحق، لا مجرد أدوات خائفة تحمل البنادق.
زيارة نتنياهو لواشنطن جاءت محمَّلةً بشكوك بأن إيران تُعدّ لردّ أعظم، قد يصل صداه إلى داخل الولايات المتحدة، مما قد يُجبر مؤسساتها الدستورية على مراجعة مواقفها. فترك زمرة ترامب – التي لا تعرف سوى العنف والتدمير لكل معارض لإسرائيل – دون محاسبة سيزيد من الاصطدامات.
ولكن كما لأمريكا قنابل تخترق أعماق الأرض، فإن لإيران صواريخَ تهدد واشنطن وكل ولايات أمريكا. صواريخٌ إن استُخدمت، ستقلب الموازين وتُسقِط من في السلطة، ما يجعل المواجهة القادمة اختباراً لمصير الجميع.
التعليقات مغلقة.