أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

إيلون ماسك يُطلق “حزب أميركا” طموح سياسي يواجه عقبات النظام الانتخابي والتاريخ

جريدة أصوات

 

أعلن الملياردير إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، عن تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم “حزب أميركا” (America Party)، بهدف تمثيل ما وصفه بـ “80% من الناخبين في الوسط”، في خطوة تُعيد إشعال الجدل حول دور الأحزاب الثالثة في النظام السياسي الأميركي.

تحول مفاجئ وتحديات جسيمة
جاء إعلان ماسك بعد أشهر من دعمه العلني للرئيس السابق دونالد ترامب، ثم تحوُّله إلى معارضته بسبب خلافات حول الإنفاق الحكومي المرتفع. ورغم ثروته الهائلة وتأثيره الواسع، تُشير تحليلات – مثل تلك التي نشرتها “واشنطن بوست” – إلى أن طموح ماسك السياسي قد يصطدم بعقبات مؤسسية وتاريخية تعيق تقدم حزبه الوليد.

عقبات النظام الانتخابي: “الفائز يأخذ كل شيء”
يواجه الحزب الجديد تحديات جوهرية بسبب طبيعة النظام الانتخابي الأميركي، الذي يعتمد على مبدأ الفوز الحاسم (Winner-takes-all)، ما يُضعف فرص الأحزاب الصغيرة في الحصول على تمثيل مؤثر. ويوضح هانز نويل، الأستاذ في جامعة جورج تاون، أن الولايات المتحدة تفتقر إلى آليات التمثيل النسبي التي تسمح للأحزاب الناشئة بالحصول على مقاعد حتى لو حققت نسبة أصوات محدودة.

كما أن الظهور في بطاقات الاقتراع يتطلب استيفاء شروط معقدة تختلف من ولاية إلى أخرى، مثل جمع توقيعات الناخبين أو شروط الإقامة. ويصف ماك ماكوركل من جامعة ديوك هذه المتطلبات بأنها “شاقة”، مشيرًا إلى أنها أحبطت مرشحين بارزين من خارج الحزبين الكبيرين في انتخابات سابقة.

إرث فشل الأحزاب الثالثة.. ومخاطر “التأثير المُفسد”
التاريخ الأميركي لا يبشر بالخير لمشروع ماسك. فآخر مرة فاز فيها مرشح من خارج الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأصوات المجمع الانتخابي كانت في عام 1968. وحتى الملياردير روس بيرو، الذي حصل على 19% من الأصوات الشعبية عام 1992، فشل في كسب أي أصوات انتخابية.

الأكثر إثارة للقلق – بحسب الخبراء – هو أن الأحزاب الثالثة قد تلعب دور “المُفسد” (Spoiler) بتشتيت أصوات أحد الحزبين الرئيسيين. ففي انتخابات 2000، يُعتقد أن ترشح رالف نادر كسر تماسك الديمقراطيين لصالح الجمهوريين. واليوم، قد يُسحب حزب ماسك أصواتًا من الجمهوريين، مما يعزز فرص الديمقراطيين في معاقل محورية.

استراتيجية ماسك: تركيز الموارد أم وهم؟
يعتمد ماسك على استراتيجية “التركيز على انتخابات محددة”، مثل انتخابات منتصف المدة، لتحقيق اختراق سريع. لكن خبراء يشككون في جدوى هذه الخطة، خاصة مع غياب رؤية سياسية واضحة للحزب بخلاف معارضة الإنفاق الحكومي – وهي قضية يُنظر إليها كـ شعار عام أكثر منها برنامجًا متكاملاً.

كما أن تناقضات ماسك تزيد التحديات تعقيدًا: فشركاته (مثل SpaceX وTesla) تعتمد على عقود حكومية ضخمة، مما يُضعف مصداقيته كمناهض للإنفاق العام.

التماسك الغائب.. هل يمكن تجميع “الوسط”؟
يزعم ماسك أن حزبه يستهدف “الوسط المعتدل”، لكن نويل يشكك في وجود قاعدة جماهيرية متماسكة لهذه الفئة، قائلاً:

“الناخبون في الوسط قد يرفضون الحزبين التقليديين، لكنهم غير متفقين على أجندة موحدة”.

فبدون تحالفات سياسية أو ناخبين مخلصين – ليسوا مجرد ممولين – يصعب بناء حزب قوي. والأمر يتطلب صبرًا طويلاً، وهي سمة لا يُعرف عن ماسك التزامه بها، وفقًا لتحليل “واشنطن بوست”.

رغم ضخامة موارد ماسك، فإن تاريخ الأحزاب الثالثة في أميركا، وقسوة النظام الانتخابي، وغياب الرؤية السياسية الواضحة، تجعل مهمة “حزب أميركا” شبه مستحيلة. والسؤال الأكبر: هل يملك ماسك الصبر والاستراتيجية لخوض معركة قد تستغرق عقودًا؟ أم أن الحزب سيكون مجرد صوت عابر في مشهد سياسي يُجيد ابتلاع الأحلام الكبيرة؟

الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن الطريق إلى واشنطن لن يكون مفروشًا بـ “تغريدات” نارية أو مليارات ماسك.

التعليقات مغلقة.