احتجاج رابور أمام مقر عمالة فاس بشعار “الباسبور ولا قبور” يثير الجدل حول طبيعة التعبير الاجتماعي
جريدة أصوات
أصوات من الرباط
شهدت مدينة فاس خلال الأيام الأخيرة حدثًا لافتًا أمام مقر العمالة، حيث نظم أحد المواطنين (رابور) احتجاجًا عن عدم حصوله على جواز سفره، يحمل شعار “الباسبور ولا قبور”.
يثير هذا البناء الدعائي تساؤلات واسعة حول ما إذا كان يمثل شكلًا من أشكال الضغط الاجتماعي على السلطات، أم أنه وسيلة جديدة للتعبير عن الرأي والتعبير عن مطالب المجتمع بطريقة رمزية وأسلوب فني يحمل دلالات عميقة. فالشعار يعكس صراعًا بين الأمل والطموح، ممثلًا بـ”الباسبور” الذي يرمز إلى الفرص، الإفراج، والانفتاح على العالم، وبين اليأس والانغلاق، كما يرمز “القبور” إلى حالة الخيبة والجمود، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة على المستويات الاجتماعية، الصحية، والاقتصادية التي يعيشها المجتمع حاليًا.
إن هذا الشكل من الاحتجاج، الذي يعتمد على الرمزية واللفتة البصرية، يطرح في الوقت ذاته أسئلة حول مدى جدية وفعالية وسائل التعبير الجديدة، ومدى تأثيرها في التغيير الاجتماعي والسياسي. هل يحمل هذا الاحتجاج رسالة حقيقية تطالب بالتغيير، أم هو تعبير عن حالة اليأس، ويأس المجتمع من الحلول التقليدية؟ فمن المهم دراسة دوافع هذا الحدث، وفهم الرسائل التي يود المطالبون توصيلها للسلطات وللرأي العام، خاصة في سياق تقلبات الأوضاع الاجتماعية، التي غالبًا ما تدفع بالفئات المهمشة والمستضعفة إلى استخدام وسائل غير تقليدية للتعبير عن معاناتها.
هذه الظاهرة، التي تناولتها العديد من وسائل الإعلام والمنابر التواصلية، تثير أيضًا أسئلة حول مدى مسؤولية الإعلام في تسليط الضوء على القضايا الجوهرية بشكل مهني وموضوعي. فوسائل الإعلام تمتلك القدرة على تشكيل الرأي العام وتوجيهه، ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على تصور المجتمع لقضايا الحقوق والعدالة. لذلك، من الضروري أن تُستخدم وسائل الإعلام بحذر، وأن تكون معبرة عن قضايا حقيقية تهم المجتمع، بدلاً من التركيز على مظاهر أو تعبيرات سطحية قد تؤدي إلى الانزلاق نحو صور من التشنج أو اليأس المجتمعي.
يُعد إدراك المجتمع لأهمية دوره في حماية قضاياه الأساسية عاملًا أساسيًا لنجاح أي شكل من أشكال التعبير والتظاهر. يجب أن تتضافر جهود جميع الأطراف، بما في ذلك الدولة، الإعلام، والجمعيات المدنية، لبناء مستقبل يتسم بوعي أعمق، ويستند إلى العدالة والكرامة. فالمسؤولية تقع على الجميع للعمل على استدامة المجتمع، وتعزيز العدل، وتحقيق المصلحة العامة، بعيدًا عن الالتفات إلى مظاهر التظاهر أو التعبيرات السطحية التي لا تخدم في النهاية إلا أغراضًا آنية.
باختصار، إن احتجاج الرابور بفاس يحمل في طياته رسائل متعددة، كاستعماله لبعض المنابر الالكترونية الجهوية كوسيلة ضغط لدفع الجهات المختصة إلى التفاعل مع مطلبه. وليظل دائمًا السؤال مطروحًا حول مدى قدرة التعبيرات الرمزية على إحداث تغييرات حقيقية تُغير مسار السياسات وتحسن من أوضاع المجتمع بشكل شامل ومستدام..
التعليقات مغلقة.