احواش “تازناخت” ب”آيت واوزگيت”، ثقافة، فن، عادات وتقاليد
الباحث الحسن اعبا
لقد كتب العديد من الباحثين، المغاربة و الأجانب، الأمازيغ ام غير الأمازيغ، في موضوع “أحواش”، وفي فترة الاستعمار الفرنسي كتب أغلب الباحثين الكولونياليين. حول هذا الموضوع.. من بينهم “اندري باسيه” و”هنري باسيه”، الذي كتب عن الشعر والشعراء الأمازيغ آنذاك، وبالذات بمنطقة “تازناخت” بقبيلة “ازناگن” دون ان ننسى الباحثين الأمازيغ المغاربة.. كالدكتور “عمر امرير” والأستاذ “محمد المستاوي” و”احمد أبو زيد” في كتابه.. “الرقص الجماعي بسوس.. والأستاذ الباحث الشاعر.. “احمد عصيد”، في كتابه “ءيماريرن”، أضف الى ذلك “ابراهيم ؤبلا” الذي كتب عن نفس الموضوع.
كما تطرقت لهدا الموضوع في جريدة “تامازيغت” سنة 1999، ونفس الشيء بجريدة “تاويزا” وأيضا بجريدة “اگراو امازيغ” في نفس السنة تقريبا.
فما هو أحواش؟ وما الفرق بين أحواش وأكوال وأحيدوس؟ وماهي يا ترى مقدماته ومرتكزاته الأساسية؟ وكيف يبتدئ وكيف ينتهي؟ وما هو الرايس وما دوره؟ وما الفرق بين أمدياز وأمارير؟ وما هي الايقاعات المختلفة في أحواش؟ وما هي أوجه التشابه والاختلاف التي يمكن للباحث ان يستخلصها عندما يستمع لهذا الفن بآيت واوزكيت؟
كل هذه الأسئلة وغيرها لا يمكن لنا الإجابة عنها الا إذا أخذنا نظرة موجزة عن قبائل آيت واوزكيت وموقعهم الجغرافي.
فايت واوزكيت هي كونفدرالية قديمة تضم مجموعة من القبائل الأمازيغية المختلفة، فهي إذا نقطة التقاء سلاسل جبال الاطلس الثلاثة في المغرب، وتستحوذ على أكبر المساحات مقارنة مع الكنفدراليات القديمة الأخرى في المغرب. وتمتد من تلوات أو تيشكا التحتانية مرورا باسكاون وايزيون بسوس لتشمل جميع القبائل بتالوين وتضم أيضا جميع القبائل من تازناخت الكبرى وازناكن وتاماسين وايت زينب وفوم زكيت وورزازات بأكملها إلى حدود واد درعة. ونظرا لهذا الموقع الجغرافي الهام وكذلك قربها من الصحراء، كل هذا جعل من آيت واوزكيت منطقة التقاء مجموعة من الثقافات..الأمازيغية ..اليهودية..الإفريقية لتنصهر مع الثقافة المحلية الشيء الذي جعلها ثقافة متميزة بامتياز.
فإلى جانب احواش توجد بايت واوزكيت مجموعة من الأصناف والأنواع الأدبية الامازيغية الأخرى، منها ..الأمثال الشعبية، القصص، الحكم، النوادر، الاحاجي…وءيدبويلماون.. وءيدبوخو نتاشورت، والأشعار الغنائية والصوفية وأغاني الأعراس.. والمواسم والنسيج المختلف إلى غير ذلك من الأصناف الأدبية التي تحتاج إلى الجمع والتدوين.
فأحواش أولا وقبل كل شيء هو فن وثقافة وتراث شعبي خالد، وليس فلكلورا كما يدعي البعض، فهو فن قديم وأصيل، وعندما قمت ببحث ميداني في هذا الموضوع، توصلت عند بعض المسنين بآيت واوزكيت، وبلسان المرحومة “فاضمة ايت سالم” التي بلغت آنذاك قبل أن تتوفى اكثر من 82 سنة، بأسطورة جذابة ورائعة تتعلق أساسا بايت واوزكيت عندما امرهم زعيمهم آنذاك أن يبحثوا عن ..امارك..وامارك في المفهوم الشعبي الامازيغي هي الموسيقى وهي أيضا الشعر كما تفيد اللوعة وشدة الحب، وتقول هذه الأسطورة الجميلة والخالدة في دهن سكان ايت واوزكيت.. لقد طلب زعيم قبائل ايت واوزكيت من السكان أن يبحثوا عن امارك..واخذوا معهم كيسا من الفضة ثم ذهبوا للبحث عن امارك.. واقصد الغناء والموسيقى فلما وصلوا الى جبل، هطل المطر وتساقط على أوراق شجرة حيث أحدث المطر المتساقط على أوراق هذه الشجرة التي تسمى عندنا “تالكوت” نوعا من الإيقاع الموسيقي “ماق..ماق” واستأنف ايت واوزكيت السير باحثين في الطبيعة على لحن آخر، فسمعوا صوت العصفور وهو يقول “ويج ..ويج”، ولما سمعوا ذلك، رجعوا الى دواويرهم فاخدوا يرددون ما سمعوه، ويقولون بصوت شعري وبلحن رائع
.. تنا تلكوت ماق ماق
.. ءينا ؤكضيض ويج ويج
وتقول الأسطورة عندما أخذوا هذه الكلمات لحنوها ومن ذلك اليوم عثر ايت واوزكيت على امارك.. أي الموسيقى والغناء والشعر..
إن الذي يهمنا من هذه الأسطورة والمغزى منها وبكل وضوح هو أن أصل الموسيقى والغناء جاء من الطبيعة أي لولا المطر المتساقط على أوراق الشجر لما توصل ايت واوزكيت بالإيقاع.
أجل لقد قلنا سابقا بأن فن أحواش يعد من التراث الشعبي الأمازيغي وليس هناك فرق كبير بينه وبين أحيدوس واكوال. فماهو الرايس في المفهوم الشعبي الأمازيغي في الجنوب المغربي؟ وما الفرق بينه وبين امدياز وانظام وامارير، وما وجه العلاقة بينهم؟
إن كلمة “الرايس” ليس المقصود منه رئيس مؤسسة او منظمة، بل هو مقدم الفرقة كما يطلق على الشاعر المعروف في ساحة أحواش، وتطلق أيضا على الشاعر كما تطلق هذه الكلمة غالبا على الذي يعزف على آلة الرباب ولوتار، أي القيثارة الامازيغية، او ادينان في اللغة الامازيغية القحة، وتطلق أيضا على ذلك الذي يحسن الضرب على الدف والبندير، أما الموسيقى في الامازيغية فهي ازاوان، أما كلمة امدياز فتطلق على الشاعر وامارير على المغني، وعن هذه الكلمة يقول أحد الشعراء الواوزكيتيين القدماء:
ءيكا رايس املماد ؤرتا ءيسين ءييات
ءيوري ويدي غ ءيدباب نس ءيغال ءيس ءيحرش.
هذا البيت تعود إلى الرايس والشاعر الحاج محمد بن يحيا ؤتزناخت عندما دخل في جدال مع ابنه فشبه ابنه بشويعر وليس شاعرا وشبهه بالكلب الذي يريد أن يغدر صاحبه، وقال آخر وهو يتحدث عن نفسه ويفتخر بنسبه
– نكا امدياز ءيسوكرن نكوك اييفيس –
اوانا كا ءيموسان غ تاكنت ران ادكون افوس –
وقال اخر –
امارير ءيغ سودان انفا اغا تيلين –
اكولو ماي لان غ تاكانت اراس ءيتيرير.
قلنا إن الشاعر هو امدياز لكن امارير يقصد به المغني أما العلاقة بينهما فهو الشعر. نعم إن الشاعر لدى الامازيغ له مكانة كبرى في المجتمع كيف لا .. فهو الذي يدافع عن القبيلة، وهو إعلامها وسيدها، وكلما نبغ شاعر في قبيلة من القبائل الامازيغية إلا وتقام على شرفه حفلات وولائم. إن فن أحواش يعد عند الامازيغ أب الفنون لأنه يشتمل على الغناء والشعر والرقص. وعن هذا الفن يقول أحد الشعراء القدماء البارزين في فن أسايس:
اتيزي ن تكاديرت ايا حواش ن وايور
ءيما كانكا ءيحتاجا سرس والون
و يمكن القول أن ما يثير الجماهير كثيرا هو حضور إنظامن أو الشعراء في أي مناسبة من المناسبات التي يقام فيها أحواش ، ما زلت أحتفظ في ذاكرتي بالمعارك الكلامية التي دارت بداية السبعينات بين شاعرنا الكبير “بوقدير
يحيى” الذي بدأ يفرض نفسه آنذاك على ميادين أحواش في منطقة إداوزدوت و ثلة من الشعراء الأشاوس أمثال بن زيدة ، باخشين ، علي أو الحاج رحمهم الله، هذا الفن يأخذ مسميات مختلفة أهنــــــــقـــــــــــار •الـــــــدرســــــــت
• • أكنــــــــــــــــاوي
أحواش يعتمد بالأساس، و كما سبق الذكر، على الكلمة الشعرية والنظم، الشعر هو شعر ارتجالي يكون دائما مقترنا بالموسيقى أي “حواش”، هذه الرقصة الأصيلة الرائعة تعتمد على آلات إيقاعية بسيطة الطبل ـ كنكا ـ الدف ـ ألون ـ إقرقاون كالتي تستعملها مجموعات كناوة.
في الأخير ، أود أن أنوه بما يقوم به الرايس يحيا بوقدير في مجال المحافظة على هذا التراث الأمازيغي الأصيل حيث نرى في كل مناسبة من المناسبات التي نستمتع فيها بأداء مجموعته وجوها شابة تبشر أن لا خوف على
هذا الفن من الانقراض، و أتمنى كذلك أن يتم التفكير في كيفية المحافظة على رقصات أحواش النسائية الأصيلة بطابعها المحافظ حتى لا يندثر هذا النوع من الفن الشعبي من فضاء أفراحنا و أعراسنا.
عني بكلمة أحواش الحائط الذي يحيط بالبيت أو البستان، وهو جمع حوش. ويعني مدلول الكلمة أن أحواش هو إحاطة الراقصين والراقصات بمكان الرقص الذي يسمى أيضا باسم” أساراگ” أو “أباراز” أو” أسايس” في السوسية والأطلسية، أو “رمارس” في اللهجة الريفية. وتعني كلمة أحواش في اللغة العربية التوسط، أي احتوش القوم الرجل، أحدقوا به وجعلوه في وسطهم. ويعني هذا أن رقصة أحواش الفلكلورية هي التي يتوسط فيها القوم صاحب الطبل كما يحيل أحواش في الخطاب الفني الأمازيغي على الغناء والرقص الجماعي. ويستعمل رقص أحواش أثناء الحفلات والأعراس والولائم والأعياد الدينية والوطنية والحفلات الفلكلورية الشعبية.
ومن المعلوم أن أحواش رقصة جماعية رائعة يشارك فيها عدد كبير من الراقصين والراقصات. ولا تبدأ هذه الرقصة الفلكلورية إلا بعد إلقاء بعض الأبيات الشعرية ( أمارگ) من قبل شاعر الفرقة أو من مجموعة من الشعراء بشكل
متناوب، وانطلاق زغاريد النساء لتعقبها رقصة أحواش. كأن هذه المراحل بداية لتسخين جو الحفل، واستشعار لأجواء الرقص والحركات الكوليغرافية التي تهتز فيها الأكتاف والرؤوس والأجساد .
ومن المعروف أيضا أن رقصة أحواش من أهم المصادر الرئيسة لشعر الروايس بمنطقة سوس؛ لأن راقصي أحواش ينشدون أشعارا متناغمة مع حركات الأجساد التي تنساق مدا وجزرا أمام المايسترو الذي يراقب حركاتهم الجسدية ، ويأخذ في يديه الدف أو ” قرقابة” الدقة المراكشية أو گناوة لتنشيط الحفل وتفعيله وجدانيا وروحانيا وحركيا . في حين نرى أعضاء أحواش الآخرين المقابلين للمايسترو يصفقون بأيديهم تصفيقا كثيرا، ويتحركون بشكل جماعي في انسجام تام مع الحركات الراقصة وإيقاعات الدف وتعاليم معلمهم أو شيخهم. وتلتحم جماعة أحواش عن طريق ضم الأيدي أو ملامسة الأكتاف، ويهتز الراقصون بأجسادهم يمنة ويسرة، تقدما وتراجعا. والملاحظ ميدانيا أن الزغاريد لاتستعمل في البداية فقط، بل قد تتخلل مشاهد الرقصات
حتى النهاية.
وقد تتخذ رقصة أحواش تنظيما صفيا في شكل مستقيم طويل، وقد تتبعثر هذه الفرقة الراقصة لتتخذ أشكال التوائية أو دائرية أو متداخلة متقاطعة أو متقابلة.
ومن نماذج رقصة أحواش انقسام الفرقة إلى صفين: صف من الذكور وصف من الإناث، ويفضل أن تكون الإناث عازبات غير متزوجات احتراما للعادات الاجتماعية والتقاليد السوسية. كما تمتاز رقصات أحواش بخفة الحركة والسرعة في استعمال أعضاء الجسد من الأعلى إلى الأسفل والعكس صحيح أيضا. وكل هذا ينبغي أن ينسجم مع توجيهات” الرايس” قائد المجموعة الراقصة في مشاهد أحواش الغنائية والمسرحية.
ويمكن الحديث عن أحواش النساء أو أحواش الرجال أو أحواش يختلط فيها الرجال والنساء. وتتميز لباس الراقصات الأحواشيات باستعمال الحلي الأمازيغي وثياب متقابلة بألوان مزركشة لامعة كاستعمال اللون الأصفر
والأحمر والأزرق والأبيض بكثرة. ومن جهة أخرى، نجد أعضاء فرقة أحواش يحملون مجموعة من الإكسسوارات الدالة على الصناعة التقليدية السوسية من خنجر أمازيغي، وحاملته الطويلة المصنوعة من خيوط ملونة مزركشة تحيط بظهر الراقص وكتفه وتتدلى على صدره ، وكيس مطرز بالفسيفساء السوسية.
وعلى مستوى الأزياء، ينتعلون البلغة السوسية أو البلغة الفاسية، والجلابة المغربية الأصيلة و” تشامير” الداخلي، ويضعون في الكثير من الأحيان على رؤوسهم العمائم البيضاء.
ويلاحظ كذلك أن زغاريد النساء تتناوب مع أشعار أحواش تقاطعا وتداخلا . كما يتوسط الراقصون الأحواشيون مجموعة من ضاربي الدف أو الطبل. ، والترحيب بالمدعويين ذكورا وإناثا، رجالا ونساء، والخوض في مواضيع
اجتماعية وسياسية ومحلية ووطنية وقومية وإنسانية وهناك نوع اخر من فن احواش والدي لايقل اهمية.
أحواش نترحالت تعبير فني شعبي واحتفال جماعي متكامل يساهم فيه الشعراء والراقصون بالميدان المعروف ب”أسايس” ، ويجمع هذا الفن بين الكلمة المعبرة والرقص والإيقاع، وليس وسيلة للتسلية والمرح فقط بل مناسبة للتعارف والتآزر وصلة الرحم كما يعد وسيلة مثلى لفض النزاعات المستعصية أحيانا بين قبائل البدو.
أما مصطلح تارحالت فيرتبط بحياة ممارسي هذا اللون الفني من أحواش ، وهم البدو الرحل الأمازيغ الذين يتنقلون يرحلون وراء قطعانهم بحثا عن الكلأ والماء .
و أحواش نترحالت ليس برقصة فلكلورية وإنما يجمع بين الرقص الهادئ المتزن والشعر البليغ ويرتكز على مضامين المتون الشعرية في نصوصها المتداولة شفهيا كما يتميز بمشاركة النساء إلى جانب الرجال في صفين متقابلين
يتساجلان في ما بينهما بالشعر.
كما أن مصطلح تارحالت أتى مؤنثا وينطق أحيانا ب ( تاحوايشت نترحالت ) كما هو الشأن عند قبيلة ايت علي ويدو سلام بل هناك أنواعا قريبة منها أو فروعا لها تسمى ب (تانانايت) أي أن أشعارها خاضعة للميزان الشعري
الامازيغي (تالالايت) إلا أن بعض قبائل الجنوب الشرقي المغربي تنطق اللام نونا فنطقت تالالايت ب تانانايت.
ويتم التعبير في هذا الصنف من أحواش ب:
*التعبير بالكلمة الموزونة على شكل أبيات ومقاطع شعرية خاصة وان قرض الشعر لدى البدو مكتسب بالسليقة والفطرة.
*التعبير بالصوت والنغمة الشجية حيث يتفنن البدو في أصواتهم ويلحنون الكلمات والأبيات الشعرية .
*التعبير بالحركة ونحسه بالرؤية وخاصة تناغم حركات الأيدي والأرجل وحركات الصفوف إلى الأمام والى الخلف وهي التي تجدب عشاق الرقص .
2) المجال:
نظريا يمكن اعتبار جميع أراضي شمال إفريقيا مجالا له لأنه مكان انتجاع القبائل الامازيغية الرحل لكن اقتصرنا في موضوعنا على بعض الجزيرات المجالية التي يمارس بها هذا الفن وسنقتصر على منطقة باني الوسطى أراضي
قبائل ايت على ويدو سلام و اذبراهيم واذموسى وداود بين اقليمي طاطا وكلميم بالمغرب .
3) طقوس الممارسة:
أ) الإعداد والتهيؤ/ لحيلان:
إن حياة الرحل بسيطة ومعقدة فهم منشغلون بهموم الحياة اليومية من رعي للقطعان وورد للماء وجمع لحطب التدفئة وغيرها …كما أنهم مهتمون بقرض الشعر وأداء أحواش نترحالت مما يجعلهم يبتكرون وسائل للاتصال فيما بينهم في زمن ومكان تغيب فيه وسائل الاتصال الحديثة ، إذ يتم إخبار سكان الخيام المتباعدة عن موعد الاحتفال بواسطة مرآة صغيرة تسمى محليا (تيسينيت) تعكس ضوء الشمس في اتجاه الخيام ولا تستعمل هذه المرأة إلا للتذكير بمناسبة احتفالية لأحواش نترحالت .أما بالنسبة للباس فهذا الفن لا يتطلب لباسا موحدا وكل هذه الأبهة من جلباب ابيض وعمامة وخنجر كما هو الشأن في الأصناف الأخرى لفن أحواش وإنما تستعمل لباس الرحل
العادية وغالبا ما تكون أما جلبابا اسودا أو بنيا او فوقية زرقاء وعمامة سوداء ونعالا جلدية .
ب)المكان/ اسايس: ميدان أداء وممارسة طقوس فن تارحالت ويكون مكانا مستويا
ونظيفا وسط مضارب الخيام وبعيدا عنها ويسمى (أسايس) .
ج) الزمان /ازمز: وغالبا ما يكون الليل هو الزمن المفضل لإقامة أحواش
نترحالت وهو الوقت الملائم الذي يكون فيه البدو الرحل غير منشغلين بمشاغلهم اليومية وذوي صلة وطيدة بالممارسة الفنية ، كما يضفي ضوء القمر صبغة رومانسية على هذه الاحتفالات الليلية، وفي الليالي الحالكة الظلام يتم يقاد النار/ الفكرت، امتكاس في وسط الميدان لإنارة المكان ولإشعار بقية البدو الأبعدين بإقامة الحفل.
د)الجمهور /اكدود:إن جمالية فن أحواش عامة، وتارحالت خاصة، لا تتم إلا بحضور الجمهور الذي يؤدي دورا هام في تنشيط احتفالات هذا الفن بالتصفيق والتشجيع بالصيحات والزغاريد وتقديم باقات الورود والأزهار.(تاوشكينت
نلحباق )و(تادلا ن لغنباز) …
هـ) الشاعر/الرايس ،انظام ، امدياز :يتصف بمعرفته الجيدة بهذا الفن وان يتمكن من الأوزان الشعرية ويكون صوته شجيا لاجتذاب المستمعين له وفن تارحالت لا تقتصر على شاعر أو شاعرة واحدة بل على شعراء يتحاورون فيما
بينهم .
و) الفال:من الطقوس المصاحبة لأحواش نترحالت من طرف الجمهور، حيث يتم رمي حصاة وانتظار أول غصن شعري فما قاله الشاعر يعتقد رامي الحصاة انه سيقع له مما يجعل الشعر مقدسا لدى الامازيغ .
3) مراحل الأداء :
*) الافتتاح: يبدأ أداء أحواش نترحالت بترديد لازمة على شكل موال والمعروف عند البدو الرحل بالفال وهو:
اوهــو هـو هــو أوهـــو هـــو هـــو وبهذه اللازمة يتم الإعلان عن بداية الاحتفال والاستعداد للرقص والحوار
الشعري بين الشبان والشابات الذين تقاطروا على الميدان من كل حدب وصوب ثم يشكلون صفان متقابلان صف للذكور وصف للإناث كل صف يرأسه شاعر من جنسه .
*)الحوار الشعري مع الرقص المتزن: يستهل الشاعر الحوار الشعري بمقدمة غزلية ثم يتناول موضوعا عاطفيا أو اجتماعيا أو سياسيا فتبتدئ الندية في الحوار الشعري ( انعيبار ن واوال )بين الشعراء والشاعرات ، وتردد الشابات
الأبيات الشعرية التي تقولها الشاعرة ويردد الشبان الأبيات الشعرية التي يقولها الشاعر.
وعلى مستوى الشكل يحل الذكور محل الإناث و الإناث محل الذكور من اليمين إلى اليسار بحركة جانبية ثم من اليسار إلى اليمين بحركة ورائية أمامية ، قبول ودبور ثم انحناء.
فعند قول بيت من الشعر وترديده يقبلون ويتقدمون إلى الأمام ثم يتراجعون إلى الصف الأخر ، وتتنوع قصائد تارحالت بين المتوسطة والطويلة وتتناول مختلف الأغراض الشعرية من مدح وهجاء واستعطاف ورثاء ووصف وغيرها… وشعر تارحالت كباقي فنون اسايس يرتكز في غالبيته على الارتجالية لما
للشاعر من الهام واستبصار فيكون بذلك مستعدا لكل مفاجأة أثناء الحوار الشعري ومراعيا لما تتطلبه الندية بين الشعراء المتبارين . وفي الإيقاع يتم الاعتماد على حركات الأرجل والأيدي فقط : ضربتان بالأرجل وصفقة واحدة بالأكف بإيقاع متناسق يعجب الجمهور الحاضر ، ولا تستعمل في هذا الصنف من أحواش أية آلة في الإيقاع، وعند انتهاء الاحتفال يتم هروب الطرف المنهزم وتتبعه الصيحات وللبدو الامازيغ الرحل فنونا تعبيرية تدخل ضمن فنون الرحل فمنها ما هو خاص بكل جنس ومنها ما هو مشترك بينهما معا . ففي بعض المناسبات وخاصة الأعراس والاحتفالات المصاحبة لها تؤدي النساء فنا من أحواش شبيها بتارحالت واقفات في شكل دائري أو نصف دائري تتوسطهن رئيسة ولا يستعملن أية آلة للإيقاع سوى التصفيق بالأيدي والضرب بالأرجل ويرددن أشعار تازررارت أي أشعار الترحيب والمدح(تانكيفت)، ويسمى هذا الصنف أحواش نتيدي/الوقوف أو تيبرديكييت/الضرب بالأرجل، ويبدأ هذا الفن
باللازمة الشعرية التالية:
أهــا هــا هـــا اهــا هـــا هــا كما يودي البدو الامازيغ صنفا أخر من فن أحواش جالسين إما مختلطين أو منعزلين كل جنس وحده ويسمى أحواش نتسكيوست / الجلوس أو أحواش ن ناقوس نسبة إلى آلة إيقاعية تصدر رنينا بعد الضرب عليها ، حيث يجلسون على شكل حلقة ويبدأ احد الجالسين أو الجالسات بإنشاد غصن شعري يتكون من بيتين يسمى ب ” تمنصفيت” يردد نصف الممارسين البيت الأول ويردد النصف الأخر البيت الثاني مدة من الزمن تم يختمونه بالإيقاع بالتصفيق واستعمال بقية الآلات إيقاعية من الدفوف و(النقوس) ، ثم الناي ويدخل إلى وسط الحلقة شابان راقصان يتباهيان بحركات الكتفين (تيغاريوين) وحركات الأرجل (لاركوز) ثم حركات باقي الجسم وقوف ثم جلوس وينتهي الاحتفال بتوقف عازف الناي على العزف. طلق لفظ “أحواش” و الذي يعني الفناء، على الرقص الجماعي بجميع أشكاله بجنوب المغرب خاصة في مناطق الأطلس الكبير و الصغير حيث تتوطن القبائل
الأمازيغية المتحدثة بلهجة تاشلحيت.***
رقصة أحواش رقصة جماعية مختلطة بين الذكور و الإناث، و يشترط في الفتيات اللواتي يرقصن أحواش أن يكن عازبات حيث تستبعد النساء المتزوجات بينما لا يسري نفس الشرط على الرجال .
تتميز رقصات أحواش بتماثل حركات الراقصين و الراقصات، وهي حركات يختلف شكلها و سرعة إيقاعها باختلاف المناسبة و المنطقة، و في حالات نادرة، ينبري رجل أو امرأة أو هما معا للإنفراد بالرقص خارج حلقة المجموعة .
تقام رقصة “أحواش” بمختلف المناسبات التي يحييها أبناء القرى و القبائل كالأعياد الدينية و الوطنية ولكن تبقى بالخصوص تعبيرا عن الفرحة الجماعية التي توافق و تطبع دورة الحياة الزراعية . يرتدي المشاركون في أحواش زي الحفلات و الأعياد المميز للقبيلة، فالرجال يلبسون الجلباب الوطني و القميص (تشامير) و البرنس و العمامة البيضاء و يتقلدون الخنجر الفضي، و” أقراب” ( المحفظة الجلدية المزركشة بالحرير ) بينما تتزين النساء بالحلي التقليدية التي تتكون عادة من القطع الفنيةالمسبوكة و كريات اللوبان
الفنون الأمازيغية
ويمكن معالجتها من خلال أصناف التعبير الفني
أولا : التعبير بالكلمة : ويمثل الشعر أبرز فن في هذا المجال ويسمى بالمنطقة ب”تانضٌامت” نسبة إلى لفظة “النظم” باللغة العربية أما اسمه القديم فهو” ؤِرار” أو “تامديازت” ويؤدى الشعر شفويا بالغناء ” تالغات ”
في عدة فنون.
ثانيا : التعبير بالحركة أو الرقص ويسمى ب”أشطاح “أو ” أموسٌو” ومنه نموذج يسمى ب”تيغاريوين ” ويؤدى بواسطة زي خاص ومن خلال فنون سوف نراها
..
ثالثا :التعبير بالصوت : ويسمى “تالغات” أو “لغا” وربما اشتقت الكلمة من اللغو استهزاء ،أما الاسم القديم له فهو “أنيا” ويختلف هذا الصنف من التعبير من فن إلى فن..
رابعا :التعبير بالإيقاع : وتستعمل له عدة آلات منها الطارة “تالونت” والطبل “كَانكَا” والقراقب “تيقرقاوين” والناقوس “أناكَنا” كما يستعمل المزمار “اعواد أو تاغانيمت ” في غرب باني، وتختلف الإيقاعات حسب الفنون
الميدانية..
* كما تمكن معالجتها من خلال فنون أسايس :
– فن “أهناقار ” وتجتمع فيه أصناف التعبير التي رأيناها ويؤدى في جميع الأفراح وله أوزانه الشعرية وإيقاعاته الخاصة به أما بالنسبة للأصوات فلا زال الفنانون يبدعون فيها في حين أن الحركات القديمة بدأت تتلاشى لتحل
محلها حركات جديدة بفعل التثاقف، وينتشر هذا النموذج في إقليم طاطا بتاكَموت وطاطا وئسافن وأقا، وقد يمهد لهذا الفن بفن آخر هو “ئريزي” وهو وصلة خاصة بالدخول إلى أسايس أو إلى القرية التي تستضيف الفنانين ..
– فن “درست” ولأشعاره وزن واحد ويؤدى في طاطا عادة يوم الثلاثاء كهدية من العريس إلى العروس، ويمتاز بالحواريات الشعرية الطويلة الساخنة التي تأتي على شكل نقائض ومواجهات بين أكابر الشعراء..ولهذا الفن أشكال أخرى بغرب باني(أقا وتامانارت) وبمنطقة الفيجاء…
– فن ئسمكَان :وهو فنذو أصل إفريقي له أوزانه الشعرية ونغماته الخاصة به وقد كان فيما مضى يؤدى باللغة الإفريقية “تاكَناوت” فحلت محلها اللغة الأمازيغية شيئا فشيئا وأهم أدواته الطبل والطارة والقباقب ولا زال يؤدى
في قرية توزونين بأقا وقرية “يمي نتاتلت” بالفيجاء
– فن أكُوال : وتؤديه الفتيات والنساء بمساعدة جوقة الرجال وله أصناف أربعة بإقليم طاطا : نموذج ئسافن ونموذج غرب باني ولا يختلف على سابقه إلا في الزي ،ونموذج تاكَموت وطاطا ونموذج أسكُتي الذي ينتشر بجبال الفيجاء، وتتشابه هذه النماذج في الأصوات والأوزان وغالبا ما تختلف في الإيقاعات والحركات..
– فن تازرارت : وهو حوارشعري بين المرأة والرجل غالبا ما يعتمد فيه المتحاوران على المحفوظ من الشعر وله أصواته ونغماته وأوزانه الخاصة به إلا أن الكثير من ممارسيه اليوم بدأوا يستعملون أوزان الفنون الأخرى، ويؤدى في الأعراس والمناسبات الحميمية ك”أووديد”…
– فن تاماووشت : وهو حوار شعري ليلي تتسامر به مجموعتان من الرجال والنساء وله أوزانه ونغماته الخاصة به وقد انقرض أداء هذا الفن منذ الثمانينات بالمنطقة أن أحواش كفن ليس هو الرقصة التي نراها في المهرجانات، وفي الحفلات الرسمية، وفي مراسيم الاستقبالات الرسمية في الشوارع.أقول أن ممارسة فن أحواش تقتضي طقوسا خاصة بها من مكان الممارسة ” أباراز أو أسايس”، وتوقيتها وعناصرها ومراحلها. فما نراه إذن في تلك الاحتفالات السالفة الذكر لا يخرج في نظري عن نطاق الفلكلرة و التهريج إن صح التعبير، كما تقدم باقي فنون وعناصر ثقافتنا و تراثنا إلى السائح الأجنبي بما في ذلك من تشويه ،واحتقار، وتحريف لتراثنا الثقافي العريق، كما أن فن الروايس كذلك ليس هو ما نراه الآن من مسخ وتحريف. لهذا فما ينطبق على فن أحواش ينطبق كذلك على فن الروايس بعراقة هاذين الفنيين.
أحواش أصل الموسيقى الأمازيغية بسوس يمكن إذن تعريف فن أحواش بتشكيلة فنية تتكون من بناء إيقاعي، ورقص جماعي، ونظم شعري. وتنتشر هذه التوليفة الموسيقية في مناطق سوس والحوز وبعض مناطق درعة. وهو ما يمكن أن نحده جغرافيا من مدينة أسا جنوبا إلى مدينة دمنات شمالا ،و من المحيط الأطلسي غربا إلى مناطق درعة شرقا. ويتميز هذا الفن بتنوعه حسب المناطق داخل الرقعة الجغرافية المشار إليها آنفا.
هكذا إذن نجد هذا الفن يأخذ مسميات مختلفة حسب المناطق حيث نجد :
• أهنــــــــقـــــــــــار
• أهــــــمــــــــايــــلو
• الـــــــدرســــــــت
• أهيــــــــــــــــاض
• أهـــــــــــــــواري
• أكنــــــــــــــــاوي
تسكيـــــــــــــوين•
كما نجد مسميات، تعتمد على معيار الانتماء الجغرافي والقبلي حيث نجد مثلا:
o أحــواش إيمي نتانوت
o أحـــــــواش إســـــافن
o أحـــــــواش تلـــــوات
o أهــــيـــــاض إحاحان
o أهياض آيت بعمران…
والملاحظة الرئيسية المستنبطة من خلال الانتشار الجغرافي لفن أحواش، هي أن هذا الفن ينتشر بمختلف تلاوينه في المناطق الداخلية البعيدة عن الساحل، ك “إسافن ،” إبركاك” ، “إندوزال”، “إدوكنسوس”، “طاطا”،
“ورزازات”،” تلوات”،” إيوريكن”،” إمي نتانوت”…..لكن كلما اقتربنا من الساحل، إلا ونجد الاقتصار فقط على نمطين أو نمط واحد هو” أهياض”،فهذا الأخير منتشر بكثرة في سواحل” إحاحان”، “إداوتنان”،” أشتوكن”، “إيمسكين”، “أكلو” و”آيت بعمران”. فما هي إذن خصائص أهياض مقارنة مع باقي أنماط أحواش؟
يقتصر نمط ” أهياض” على العنصر الإيقاعي وعلى النفخ على الناي (العواد) ثم الرقص (الركز). أما أنماط أحواش الأخرى فتعتمد بالأساس على الكلمة الشعرية والنظم، وللإشارة فمنطقتي سوس والحوز تتميزان بخاصية فريدة في العالم، وهي أن الشعر بهذه المناطق هو شعر ارتجالي، ثم أنه يكون دائما مقترنا بالموسيقى ،وبالتالي فهو شعر غنائي بالأساس، فلا معنى في هذه المناطق للكلمة الشعرية دون اقترانها بالموسيقى أو ب “أحواش”. ونجد أنأنماط “أحواش” الأخرى عكس “أهياض” تعتمد على آلة الطبل (كنكا)، وهذا يدل على أن فن أحواش تأثر بالموسيقى الإفريقية، فهذه الآلة (كنكا)، معروفة في الموسيقى الإفريقية، انتقلت إلى المغرب بفعل الهجرات البشرية الآتية من إفريقيا السوداء لاسيما في العصر السعدي، إذ نجد هذه الآلة تنتشر بالخصوص في المناطق التي كانت ممرات ومحطات للقوافل التجارية، كواحات “طاطا” و” ورزازات” و”زاكورة”، وهذا يؤكد أن فن أحواش خضع لتأثيرات وتأثرات على مر الزمن، وهناك بعض الباحثين الموسيقيين الذين ذهبوا إلى أن الدقة المعروفة بالدقة المراكشية حاليا، ما هي إلى تفرع من أحواش، ويثبتون قولهم هذا بأن هذه الرقصة موجودة بمنطقة “دمنات” بين الأطلسيين المتوسط والكبير، تمارس فيه” الدقة الدمناتية” قريبة من فن أحواش، ومستعملة كلمات وأشعار أمازيغية محضة. أرشاش.. نظرة مستقبلية لتراث أحواش لقد شهدت الموسيقى الأمازيغية بسوس تطورات مهمة لاسيما في القرن الماضي، وهكذا وقبل ظهور المجموعات الموسيقية العصرية كانت الأنماط الموسيقية السائدة قبل الستينات من القرن الماضي متجلية بالأساس من خلال ثلاث تمظهرات رئيسية حيث نجد بالأساس فن” أحواش” بكل تلاوينه حسب المناطق، من”أجماك”,”أهنقار”,”أدرسي”,”أهياض”,إلى “أهواري”
و”أكناوي” اللذين يمكن إدراجهما ضمن هدا الفن. وكانت الآلات الموسيقية المستعملة عبارة عن
آلات إيقاعية بالأساس (كانكا- ألون – تكنزا – أكوال -…)، إضافة إلى آلات نفخية (الناي المحلي).كما تجلى النمط الموسيقي الآخر السائد آنذاك في فن” تيرويسا” الذي سطع نجمه مع الرايس الحاج بلعيد،بوبكر أزعري ،الحسين جانطي،عمر وهروش ،بوبكرأنشاد،صفية ءولت تلوات وآخرين. أما النمط الثالث و الذي قلما وجدنا فيه أبحاثا , فيتعلق بما يسمى “تمهضرين. و هو عبارة عن مجموعة من النساء يستعملن آلات إيقاعية، و ينشدن قصائد اجتماعية و عاطفية، ويحيين أفراحا كالأعراس و غيرها من المناسبات، كما أن النساء تمارسن كذلك فنا يسمى
“أكراو”، يعتمد بالأساس على الإنشاد الديني، وهذا النمط مختلف تماما عن مشاركة العنصر النسائي في”أحواش”.
– المراجع
– 1-الرقص الجماعي بسوس للاستاد احمد ابو زيد الكستنائي
– 2- ءيماريرن للاستاد والشاعر احمد عصيد
3- تيرويسا…للاعلامي الأستاذ محمد ولكاش
التعليقات مغلقة.