أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ارتجاع العصارة الصفراوية

إعداد مبارك أجروض

يعتبر ارتجاع العصارة الصفراوية أو الارتجاع المراري أحد الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي، وبالتالي يصاحبه بعض المشاكل الهضمية الأخرى فضلًا عن احتمالية حدوث مضاعفات.. والارتجاع المراري عبارة عن خروج العصارة الصفراوية من الأثنى عشر إلى المعدة بدلًا من نزولها في مجراها الطبيعي من الحويصلة المرارية إلى القناة المرارية ثم فتحة القناة المرارية في الأثنى عشر. ويرجع ذلك إلى وجود خلل في عضلة صمام نهاية المعدة، فمن المفترض أن تكون حركة المعدة من الفم إلى الشرج أي لأسفل، لكن الارتجاع يعني اتجاه العصارة عكس طريقها الطبيعي، فبدلًا من أن تقابل الطعام في الأثنى عشر يحدث لها ارتجاع لأعلى لتصل إلى المعدة ومن ثم تختلط بالحمض وهي قلوية وبالتالي تعادل الحمض داخل المعدة، الأمر الذي يؤدي لظهور عدة أعراض.

يحدث ارتجاع العصارة الصفراوية عندما ترتد العصارة الصفراوية، وهي سائل هضمي يفرزه الكبد، إلى المعدة والمريء. وقد يصحب الارتجاع المراري ارتجاع حمضي، وهو مصطلح طبي يشير إلى ارتداد أحماض المعدة إلى المريء. ويُعتبر دور العصارة الصفراوية في حدوث الارتجاع محل جدل. فغالبًا ما تُعتبر العصارة الصفراوية سببًا للارتجاع عندما يتجاوب الأشخاص بشكل غير كامل أو لا يستجيبون على الإطلاق إلى الأدوية الخافضة للحموضة قوية المفعول. ولكن هناك القليل من الأدلة التي تحدد بدقة آثار ارتجاع العصارة الصفراوية لدى الأشخاص. وتشير الدراسات التي تمت على حيوانات التجارب المختبرية إلى أنه بمرور الوقت، قد ينطوي ارتجاع العصارة الصفراوية على نتائج خطيرة، حيث من المحتمل أنه يزيد من مخاطر سرطان المريء.

وعلى العكس من الارتجاع الحمضي، يتعذر عادة السيطرة بشكل كامل على ارتجاع العصارة الصفراوية عن طريق تغيير النظام الغذائي أو نمط الحياة. وإنما يتم التعامل مع ارتجاع العصارة الصفراوية في أغلب الأحيان باستخدام الأدوية، أو في الحالات الشديدة، عن طريق الجراحة.

* الأعراض

قد يكون من الصعب تمييز ارتجاع العصارة الصفراوية عن الارتجاع الحمضي. فالعلامات والأعراض مماثلة، وقد تحدث الحالتان في نفس الوقت. وليس من الواضح ما الدور الذي تلعبه العصارة الصفراوية في حالات الارتجاع.

وتتضمن علامات وأعراض ارتجاع العصارة الصفراوية ما يلي:
ـ ألم في الجزء العلوي من البطن قد يكون حادًا.
ـ حرقة في فم المعدة، شعور بالحرقة في الصدر يصل في بعض الأحيان إلى الحلق، بالإضافة إلى طعم الحموضة في الفم.
ـ الغثيان.
ـ تقيؤ سائل أخضر وأصفر اللون (العصارة الصفراوية).
ـ في بعض الأحيان، سعال أو بحة في الصوت.
ـ فقدان الوزن بشكل غير مقصود.

* متى ينبغي زيارة الطبيب ؟

حدد موعدًا لزيارة الطبيب إذا كنت تعاني بشكل متكرر من أعراض الارتجاع أو إذا كنت تفقد وزنًا دون محاولة منك لذلك. وإذا تم تشخيص حالتك بأنك مصاب بمرض الارتجاع المعدي المريئي ولكنك لا تشعر بالراحة الكافية من الأدوية، فاتصل بالطبيب. قد تحتاج إلى علاجات إضافية لعلاج ارتجاع العصارة الصفراوية.

* الأسباب

العصارة الصفراوية هي سائل ذو لون بين الأخضر والأصفر ويُعتبر ضروريًا لهضم الدهون والتخلص من خلايا الدم الحمراء المستهلكة وبعض السميات من الجسم. وتُفرز العصارة الصفراوية في الكبد وتُخزن في المرارة. وتناول وجبة ما تحتوي على كمية صغيرة من الدهون من شأنه أن يحفز المرارة على إصدار العصارة الصفراوية، التي تتدفق عبر أنبوبين صغيرين (القناة المرارية والقناة الصفراوية المشتركة) إلى الجزء العلوي من الأمعاء الصغيرة (الاثنى عشر).

* ارتجاع العصارة الصفراوية إلى المعدة

في الوقت الذي تتدفق فيه العصارة الصفراوية إلى الإثنى عشر، يدخل الطعام إلى الأمعاء الصغيرة عبر صمام البواب، وهو عبارة عن حلقة من العضلات التي توجد عند مخرج المعدة. وعادة ما يُفتح صمام البواب قليلاً فقط – على نحو كافٍ لإخراج حوالي ثمن أونصة (حوالي 3.5 ملم) من الطعام المسال مرة واحدة، ولكن هذا لا يكون كافيًا للسماح للعصارة الهضمية بالارتجاع إلى المعدة. وفي الكثير من حالات ارتجاع العصارة الصفراوية، لا يُقفل الصمام بشكل مناسب، الأمر الذي يجعل العصارة الصفراوية ترتد إلى المعدة.

* ارتجاع العصارة الصفراوية إلى المريء

يمكن أن ترتجع العصارة الصفراوية وحمض المعدة إلى المريء عندما يتعطل صمام عضلي آخر، وهو العضلة العاصرة للمريء السفلية. وتفصل العضلة العاصرة للمريء السفلية بين المريء والمعدة. ويُفتح الصمام بشكل طبيعي لفترة طويلة كافية للسماح بمرور الطعام إلى المعدة. ولكن إذا ضعف الصمام أو حدث له استرخاء بشكل غير عادي، يمكن أن ترتد العصارة الصفراوية إلى المريء.

* ما الذي يؤدي إلى حدوث ارتجاع العصارة الصفراوية ؟

قد يحدث ارتجاع العصارة الصفراوية بسبب ما يلي:

ـ مضاعفات الجراحة
يحدث معظم الضرر اللاحق بصمام البواب كمضاعفات لجراحة المعدة، بما في ذلك الاستئصال الكلي للمعدة (استئصال المعدة) وجراحة تحويل مسار المعدة لإنقاص الوزن.

ـ القرح الهضمية
يمكن أن تسبب القرحة الهضمية انسدادًا في صمام البواب بحيث لا يُفتح بشكل كافٍ للسماح للمعدة بإفراغ محتواياتها بشكل سريع كما ينبغي. والطعام الراكد في المعدة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط في المعدة الأمر الذي يؤدي إلى ارتجاع العصارة الصفراوية وحمض المعدة إلى المريء.

ـ استئصال المرارة
الأشخاص الذين خضعوا لعملية استئصال المرارة أكثر عرضة للإصابة بارتجاع العصارة الصفراوية من الأشخاص الذين لم يخضعوا لهذه العملية.

* المضاعفات

يعمل المخاط اللزج على تبطين وحماية بطانة المعدة من الآثار التآكلية لحمض المعدة. ويفتقر المريء إلى هذه الحماية، لذلك يمكن أن يسبب ارتجاع العصارة الصفراوية ضررًا بالغًا بنسيج المريء. ويزيد تجمع ارتداد العصارة الصفراوية وحمض المعدة من مخاطر المضاعفات، ومنها:

ـ الارتجاع المعدي المريئي
لا يكون حدوث الحرقة في فم المعدة بشكل عرضي عادة مصدرًا للقلق. بيد أن تكرار أو استمرار الحرقة في فم المعدة هو أكثر الأعراض شيوعًا للارتجاع المعدي المريئي، وهو ما يُحتمل أن يكون مشكلة خطيرة تسبب هياج والتهاب نسيج المريء (التهاب المريء). ويحدث الارتجاع المعدي المريئي في الغالب بسبب زيادة الحمض.

ـ مريء باريت
يمكن أن تحدث هذه الحالة الخطيرة عندما يسبب التعرض لفترة طويلة لحمض المعدة، أو للحمض والعصارة الصفراوية معًا، ضررًا للنسيج في الجزء السفلي من المريء. وتنطوي خلايا المريء التالفة (التنسج) على مخاطر متزايدة لتصبح سرطانية. وربطت الدراسات التي أجريت على حيوانات أيضًا بين ارتجاع العصارة الصفراوية بحدوث مريء باريت.

ـ سرطان المريء
قد يتعذر تشخيص هذا النوع الخطير من السرطان حتى يكون في مرحلة متقدمة. والعلاقة المحتملة بين ارتجاع العصارة الصفراوية والحمض وبين سرطان المريء تظل محلاً للجدل، بيد أن الكثير من الخبراء يعتقدون أن هناك علاقة مباشرة بينهما. في دراسات أجريت على الحيوانات، تبين أن ارتجاع العصارة الصفراوية وحده وسبب سرطان المريء.

التعليقات مغلقة.