أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ارتفاع معدل الدين الخارجي في المغرب أية ديون لأية تنمية ؟

محمد حميمداني

 وضع كارثي وصلته نسبة الدين الخارجي المغربي و الذي قارب حدود 373.7 مليار درهم خلال الربع الأول من سنة 2021 .

 جاء ذلك في إطار التقرير الذي أعدته مديرية الدراسات و التوقعات المالية بوزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة ،

و التي أوضحت من خلال نشرتها الإحصائية الخاصة بالدين الخارجي العمومي التي بثتها عبر موقعها الإلكتروني ، أن هذا الدين يتوزع ما بين الخزينة بنسبة 200.9 مليار درهم و باقي الدائنين العموميين بنسبة 172.8 مليار درهم .

 و أشارت المديرية إلى أن خدمة الدين الخارجي العام ، سجلت ارتفاعا هاما ، إذ بلغت 5.3 مليار درهم .

 و للإشارة فإن هاته النشرة الفصلية تنجز بناء على المعيار و التحديد الخاص لنشر المعطيات الصادر عن صندوق النقد الدولي .

 و كان تقرير “آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و أفغانستان و باكستان” ، الصادر عن صندوق النقد الدولي ، قد أرجع دوافع الاضطرابات الاقتصادية في المغرب وغيره من بلدان المنطقة إلى نوع من حالة “السخط حيال الأوضاع الاقتصادية” ، حاصرا أهمها في انتشار البطالة و قلة الفرص و الفساد و ضعف الخدمات العامة .

 واقع اقتصادي وصفه المختصون بالرازح تحت سيطرة الكساد الاقتصادي و الاحتقان الاجتماعي ، إذا أخدنا بعين الاعتبار نسبة الدين العام للخزينة المسجل .

 و في تشريح للواقع الاقتصادي المريض و ارتفاع نسبة الدين ، فقد أرجع المختصون الوضع ، الذي اعتبروه بنيويا ، إلى محدودية الموارد و الفاتورة الطاقية التي تتحملها الخزينة ، و اعتماد الموازنة العامة على تحويلات المهاجرين

و الاستثمارات الأجنبية ، و هو الأمر الذي يدفع الدولة إلى الاقتراض المستمر من الخارج .

 كما أن القطاعات الإنتاجية ضعيفة و المداخيل الفلاحية مرهونة بالتقلبات المناخية ، كما أن وضعية التعليم المتدنية تجعل الاعتماد على هذا القطاع كرافعة للتنمية حلما بعيد المنال وغير فعال في شكله الحالي في بناء التنمية ، لإضافة إلى انتشار ثقافة الإسراف في النفقات.

 و في مقاربة لوضع المؤسسات الاقتصادية المغربية رأى مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين أن أكثر من 30 % من نفقات الموازنة الخاصة بهاته المؤسسات تبقى رهينة المديونية ، و هو ما يعمق هذا الجرح و بالتالي التبعية ، الأمر الذي يفرض إعادة الهيكلة و باستمرار ، خاصة و أن المديونية تمثل أكثر من 51 % من الناتج الخام الداخلي الإجمالي ، و ما يعمق الأزمة هو نسبة فوائد الدين ، مما ينتج هوة عميقة على المستوى الاجتماعي ، الأمر الذي يعني أوتوماتيكيا أن تكلفة الدين هي أقوى من الميزانيات الاجتماعية الرئيسية ، و بالتالي يصبح الأجراء و الفئات الشعبية هم وقود كل تلك الأزمات البنيوية .

 محللون آخرون يرون أن الوضع لا يتطلب كل تلك النظرة السوداوية في المقاربة ، و أن المغرب بعيد عن الارتهان للدين الخارجي ، و بالتالي فلا داعي للقلق ، و هو رأي لا يوافقهم فيه العديد من خبراء الاقتصاد المغاربة الذين يرون أن الواقع يعري جدوى المشاريع المتحدث عنها لا اقتصاديا و لا ماليا و لا اجتماعيا ، لأن تلك المشاريع لا تفرز فائضا و بالتالي لا أثر لها يذكر على التنمية ، فالديون لا تغطي إلا نفقات عمومية و قطاعات غير منتجة ، و حركة النمو الاقتصادي في هاته الحالة تبقى دائرية لا تستهدف إلا أداء الديون و الاقتراض من جديد دون تحقيق نسبة نمو هامة .

 و كان حزب “الأصالة و المعاصرة” المغربي المعارض ، قد أبدى سابقا “قلقه” من المستوى الذي وصل إليه الدين العام المغربي ، مشيرا إلى أنه بات يوازي حجم مداخيل الاقتصاد المغربي ، أي وصوله إلى مستويات جد خطيرة.

 و هو ما سبق أن رد عليه رئيس الحكومة بأن في هذا القول تضخيم لموضوع الدين العام ، معتبرا أن نسبة الاقتراض الخارجي ، تعد من أكثر النسب انخفاضا في العالم مقارنة مع الناتج المحلي ، و أنها موجهة لمجال الاستثمار فقط .

 لكن الوقائع على الأرض تشير إلى عكس ذلك ، فعن أية تنمية نتحدث ما دامت النجاعة و الفعالية الاقتصادية منعدمة !!! ، لأن النمو لا يمكن فصله عن التشغيل ، فنمو الاستثمار معناه زيادة التشغيل و هو ما لا تعكسه الأرقام المسجلة و التي تشير إلى ارتفاع في معدلات البطالة ، و بالتالي رهن البلاد للمؤسسات المالية العالمية و شروطها المجحفة على مستوى الميزانية و الضرائب و النفقات و أجور الموظفين و حتى التشغيل.

 

التعليقات مغلقة.