أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الأحزاب السياسية في غرفة الإنعاش…متى تستيقظ من الغيبوبة؟

رضا سكحال

شهد المشهد السياسي المغربي في الآونة الأخيرة تحولات دراماتيكية، حيث استحوذت حملة الاعتقالات الواسعة على اهتمام الجمهور، مستهدفة مجموعة من السياسيين، بما في ذلك النواب البرلمانيين والمستشارين الجماعيين. إذ ما إن يتخلص الناخبون من أثار خيبة أملهم بعد سماع خبر اعتقال أحدهم، حتى يتلقوا أنباء اعتقال شخصية سياسية أخرى.

تم فتح العديد من الملفات في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث تتنوع التهم بين ما تم الكشف عنه والملفات التي لا تزال قيد الانتظار. وقد حظيت بعض الملفات باهتمام خاص، كالقضية التي تُعرف بملف “إسكوبار الضحراء”، والتي تشمل شبهات الاتجار الدولي بالمخدرات. هذه التهم الخطيرة تلاحق سياسيين كانوا قد أقسموا أمام الناخبين بالسهر على مصالحهم، دون أن يحددوا المكان الذي سيقومون فيه بذلك.

يتبادر إلى الذهن تساؤلات عديدة حول دور قيادات الأحزاب التي زكت هؤلاء السياسيين الذين خذلوا آمال المواطنين. هل كان اهتمامها منصبًا فقط على تحقيق انتصارات انتخابية وزيادة عدد مقاعدها، حتى لو كانت هذه المقاعد مشغولة من قبل أشخاص متورطين في نشاطات مشبوهة؟ يبدو أن الانغماس في السلطة والمراكز كان له الأولوية على حساب القيم والمبادئ.

ومع ذلك، يجب التنبيه إلى أن هناك استثناءات يتمثل بها عدد قليل من الأحزاب السياسية التي لم تُتهم بالفساد أو الاتجار بالمخدرات، ولم تشملها فضائح نهب الأراضي. بينما تعكس السلوكات السياسية السلبية للأحزاب الأخرى واقعًا مؤسفًا، حيث تحولت من تأطير الشباب واستقطاب الكفاءات إلى استقطاب أصحاب السوابق في النصب والاحتيال.

إن الوضع الراهن يحتّم على المشرع المغربي أن يفكر بإضافة تهم جديدة إلى قائمة الجرائم الجنائية، تركز على الفساد السياسي وتنامي الجرائم الاقتصادية التي تستهدف أحلام الناس. فالهجرة الجماعية التي نشهدها حالياً تبرز عري الأحزاب السياسية والمنتخبين، سواء كانوا في صفوف الأغلبية أو المعارضة.

تتجلى مأساة الوضع عندما نشاهد طفلا يفكر بدوره في الهرب، عن طريق الهجرة غير الشرعية بسبب مشاهدته لعمليات اغتيال معنوي لأقربائه من قبل واقع الفساد. فبينما السياسيون مشغولون بالنهب وتكديس الثروات لذاتهم ولأبنائهم، يُترك الشباب يعاني من البطالة وغياب الفرص.

إن هذه الظروف هي التي تفسر تزايد الاعتقالات في صفوف السياسيين، وتُعزز من حاجة المجتمع إلى إصلاحات جذرية تعيد الثقة في العمل السياسي وتضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة.

يتبع

التعليقات مغلقة.