الأزمة تُهدد مستقبل الفلاحين الصغار.. والحكومة مدعوة لاتخاذ إجراءات إنقاذ عاجلة
جريدة أصوات
في ظل استمرار التدهور الذي يعيشه القطاع الفلاحي، يواجه الفلاحون الصغار تحديات كبيرة تهدد استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي، في وقت تزداد الحاجة إلى تدابير جريئة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي. حيث اعتبر فريق الحزب الاشتراكي بمجلس النواب أن الظروف المناخية القاسية، خاصة سنوات الجفاف المتتالية، قد فاقمت من معاناة الفلاحين، ودعت إلى اتخاذ إجراءات عملية وفعالة من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري.
وفي سياق ذلك، وجه الفريق سؤالًا كتابيًا إلى وزير الفلاحة، يدعوه فيه إلى النظر في موضوع ديون الري، خاصةً المتعلقة بذعائر التأخير عن أداء المستحقات، والتي تراكمت بشكل كبير خلال السنوات الماضية. وأكد السؤال على أن العديد من الفلاحين، خاصة الصغار، أصبحوا يواجهون ديوناً ضخمة تتطلب تسديدها، وهو ما يشكل عبئًا لا يطاق في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
الواقع الصعب للمزارعين في المناطق المتضررة
تُعد منطقة بني ملال-خنيفرة من بين المناطق الأكثر تضررًا جراء نقص الموارد المائية، حيث تراجع منسوب حقينة السدود، واندثرت الآبار، وتوقف التزويد بمياه السقي، الأمر الذي أدى إلى تدهور النشاط الزراعي بشكل غير مسبوق. فبالإضافة إلى فقدان المياه، يعاني الفلاحون من قلة دعم الوزارة وتدني عملية الاستفادة من برامج الدعم المعلن عنها، مما يزيد من سوء الوضع ويعرض المزارعين لخسائر فادحة.
وفي ظل استمرار تراكم الديون، أصبح الفلاحون في حالة من حالة الإحباط واليأس، حيث يطالب العديد منهم بإعفائهم من الذعائر والغرامات التي فاقت قدراتهم، خاصة وأن غالبيتهم يكدحون لترجمة الأحلام الصغيرة إلى واقع ينقذ مزارعهم ويوقف تدهور مجالات العمل الزراعي.
دعم وزارة الفلاحة.. هل كان كافياً؟
رغم أن وزارة الفلاحة والصيد البحري أعلنت عن برامج دعم متعددة للفلاحين، إلا أن التقييمات الميدانية أثبتت أن تلك البرامج لم تكن كافية أو فعالة بالشكل المطلوب. العديد من الفلاحين لم يتمكنوا من الاستفادة منها، سواء بسبب بُعد المناطق أو ضعف التوعية أو المعايير غير الملائمة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة واستمرار تراكم الديون.
وفي ذات السياق، قال الفريق الاشتراكي إن استمرار مطالبة الفلاحين بدفع الذعائر في هذه الظروف يُعد نوعًا من التضييق على المُنتجين، ويهدد استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي، مطالبًا الوزارة باتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ القطاع الزراعي، وعلى رأسها إلغاء الديون المتراكمة أو على الأقل تخفيفها، بالإضافة إلى دعم مستدام وموجه يضمن استمرارية الإنتاج وصمود المزارعين.
الحلول المقترحة.. إجراءات جريئة لإنقاذ القطاع
يُجمع المتابعون على أن الحلول لا تكمن فقط في التمنيات أو التصريحات الإعلامية، وإنما تتطلب إجراءات عملية وملموسة، تتضمن على سبيل المثال لا الحصر:
إلغاء كامل ديون الفلاحين الصغار المتراكمة على مصالح الري، خاصةً تلك المتعلقة بذعائر التأخير والديون الكاملة.
تقديم دعم مالي وطاقة استيعابية أكبر لبرامج الدعم الحالية، مع تبسيط الإجراءات وتوسيع نطاق المستفيدين.
تشجيع التحول إلى أنظمة ري أكثر كفاءة، وتقوية قدرات الفلاحين على إدارة الموارد المائية بشكل عقلاني.
توفير البنية التحتية اللازمة، مثل تحسين قنوات توزيع المياه والآبار.
تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية بأهمية الترشيد في استهلاك المياه.
يواجه القطاع الفلاحي في المناطق المتضررة أزمة غير مسبوقة تستدعي استجابات عاجلة وجريئة من الجهات المعنية، خاصةً وزارة الفلاحة والصيد البحري التي يُنتظر أن تتخذ خطوات فعالة لإعفاء صغار الفلاحين من الديون، خاصة في حال استمرار الظروف المناخية القاسية. فالمعاناة الحالية، إذا لم يُتخذ تجاهها موقف حاسم، قد تؤدي إلى تدهور كامل للقطاع، والذي يشكل الركيزة الأساسية للأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية في البلاد.
وفي النهاية، يبقى الأمل معقودًا على استجابة الوزارة، لتقديم التدابير الضرورية التي تضمن استمرار حياة الفلاحين ونجاحهم، وتساهم في استقرار المناطق القروية التي يمثلون عمودها الفقري. فالمسؤولية الآن تقع على عاتق الجميع من أجل إنقاذ الفلاحة من المأزق، وضمان مستقبل أكثر إشراقًا للمزارعين والصناعة الزراعية بالمغرب
التعليقات مغلقة.