الأزمة في حرية الإعلام: هل تكرّس تعزيز الخروقات القانونية في لقاء الموثقين بالرباط؟
بقلم الأستاذ محمد عيدني
أصوات من الرباط
تشهد الساحة الإعلامية في المغرب، وخاصة في الفترة الأخيرة، تصاعداً ملحوظاً في التضييق على حرية ممارسة العمل الصحافي، مما يعكس تدهوراً واضحاً في التزام بعض المؤسسات بالقوانين والدستور المغربي. يأتي ذلك في ظل الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس هيئة الموثقين المغاربة، حيث تم رصد خروق جديدة تثقل كاهل الممارسة الإعلامية.
المؤسسة التي يتذرع بها البعض كأداة للتنظيم وتفسير القوانين، مثل “لي شدى إعلام”، قد تسببت في خلق حالة من التناقض بين التوجيهات الملكية التي تدعو إلى تعزيز حرية التعبير وضمان حقوق الصحافيين، وبين الواقع المرير الذي يُمارس فيه التضييق على الصحافيين المحترفين. إذاً، هل أصبحت هذه المؤسسات، بممارساتها، فوق القانون والدستور، متجاهلة بذلك كافة القواعد التي يجب أن تُحكم العلاقات بين الصحافة والمجتمع؟
يشكل ذلك تحدياً حقيقياً للسلطات القضائية والسياسية التي يجب أن تتدخل لوقف هذا التدهور. وينذر الواقع الحالي بخطورة كبيرة على صورة المغرب ومؤسساته. تشير تقارير منظمات دولية مثل “مراسلون بلا حدود” إلى أن الحالة الإعلامية في المغرب تعاني من توترات قد تؤثر سلباً على سمعة البلاد. إن عدم تفعيل روح الدستور في حماية حرية الصحافة يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان احترام هذه الحقوق.
كما ينص الدستور المغربي، وبالأخص في الفصل 25، على أن حرية الصحافة يجب أن تظل محمية، مع تأكيد ضرورة أن يعمل الصحافيون في بيئة خالية من القمع. إن القيود غير المبررة التي تواجه الإعلام تعكس انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية التي يجب أن تحظى بالحماية، وهذا يتطلب من السلطات بصفة عامة، والقضاء بصفة خاصة، التحرك سريعاً.
يتوجب على جميع الأطراف المعنية الالتزام بالمبادئ الدستورية والتي تُحقق التوازن بين حرية التعبير وحق المجتمع في معرفة الحقائق. إن غياب هذا الالتزام قد يفضي إلى دمار صورة المغرب كرائد في حرية التعبير، ويهدد استقرار المؤسسات بشكل عام.
في الختام، نجد أن ما يحصل من قيود على الصحافة ينبغي أن يُنظر إليه كقضية ذات أبعاد عميقة تمس جوهر الديمقراطية بالمغرب. يتطلب الوضع الراهن تحركاً فعّالاً من كل المعنيين لدعم حرية الإعلام، وفتح آفاق جديدة من التعاون بين المؤسسات والصحافيين، لضمان بيئة صحفية ملائمة تعزز من ثقافة الحوار والمساءلة، ما يعكس التطلعات نحو بناء دولة قوية وعادلة تدافع عن الحقوق وتعزز قيم الديمقراطية.
التعليقات مغلقة.