إعداد مبارك أجروض
قد يعلم الكثيرون أن من أضرار العمل المكتبي آلام الظهر والتي قد تتطور إلى إصابات مزمنة في العمود الفقري، ولكن هل تقتصر أضرار العمل المكتبي على ذلك فقط ؟ لقد بينت الدراسات مؤخراً أن أضرار العمل المكتبي لا تقتصر على آلام الظهر والتي قد يتعايش معها الإنسان مع مرور الوقت في حال لم تكن مزمنة، بل لقد تبين أن هناك العديد من الأمراض التي تترافق مع الجلوس لأطول مدة زمنية أثناء أداء العمل جلوساً خلف المكتب كل يوم ولساعات طويلة.. ومن بين تلك الأمراض ارتفاع مستويات الكوليسترول وضغط الدم، ناهيك عن خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. كما أن العديد من المهنيين يعانون من بعض الأوجاع والآلام جراء عادات العمل التي يتبعونها.
الأمراض المرتبطة بالعمل المكتبي:
* مضاعفات الرأس المنحنية
هل استيقظت يوما ووجدت نفسك تعاني من تصلب في رقبتك، وبالكاد يمكنك تحريكها ؟ أو تشعر ببعض الآلام بين عظام كتفك ؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت تشبه 30% من الناس الذين يشتكون من الإجهاد في الرقبة والجزء العلوي من الظهر.. هناك الكثير من الأسباب التي تجعلك تعاني من هذا الألم، والمتفق عليه هو أن السبب الرئيس لهذه الآلام ينتج عن الوظائف المكتبية بالإضافة إلى أن الكثير من الناس لا يجلسون بشكل مستقيم، مما يشكل ضغطا أكثر مما تدرك على النصف العلوي من جسدك. وإن الجلوس على جهاز كمبيوتر في الكثير من الأحيان يجعل الكتفين في وضعية منحنية، مما يسهم في انحناء الرأس إلى الأمام.
إن البقاء في هذه الوضعية لساعات طويلة ومتواصلة، يوما بعد يوم، وسنة بعد سنة، يمكن أن يتسبب تدريجيا في تغير وضعية عظام الرقبة الطبيعية والجزء العلوي من الظهر، واتخاذ هذه الوضعية المنحنية غير الطبيعية.. وتعد هذه الحالة الصحية شائعة للغاية لدى الكثير من الموظفين. وفي حال تُركت من دون علاج، يمكن أن تنتج عنها بعض العواقب الوخيمة، بما في ذلك الإصابة بالصداع، والصداع النصفي، وتشنجات العضلات، ومشاكل في الفك، أو حدوث خلل في المفصل الصدغي الفكي، وانخفاض سعة الرئة.
في كثير من الأحيان، تتطور الحالة بصمت قبل فترة طويلة من حدوث الألم. وفي حال لم تشخص بشكل صحيح، ستزداد سوءا مع مرور الوقت، ومن الممكن أن تصل إلى مستوى خطير للغاية. وتبعا لذلك، إذا كنت تعاني من الألم، فمن المهم أن تزور طبيبك للحصول على توصيات ونصائح تتعلق بضرورة الخضوع لعلاج طبيعي. وعموما، فإن على الموظفين المطالبة ببيئة عمل مناسبة، بما في ذلك توفير شاشات الكمبيوتر على مستوى العين. وفي هذا السياق فإن الجلوس ووضع القدمين في وضعية ممددة على الأرض، والحرص على أن يكون الظهر في وضع مستقيم، وفرد الكتفين؛ من شأنها التقليل من الضغط المفرط المسلط على الرقبة والجزء العلوي من الظهر.
* آلام أسفل الظهر المزمنة
من المؤكد أن 80% من البالغين يعانون من آلام أسفل الظهر المزمنة في مرحلة معينة من حياتهم. ورغم أن هذه الحالة شائعة للغاية لدى القوى العاملة، فإن لها تأثيرات سلبية على الصحة، إن هذه الحالة الصحية تعد السبب الرئيس للإصابة بالعجز في جميع أنحاء العالم، والعامل المباشر لضياع 26 مليون يوم عمل سنويا. ومن المؤكد أن تغيير وضعية الكرسي ورفع مستوى المكتب يمكن أن يخففا حدة أعراض هذه الحالة الصحية. وفي الواقع، يمكن أن تشمل الراحة الحقيقية التي سيلاحظها الموظف الجزءَ الأسفل من الجسم، بما في ذلك عضلات الأوراك والفخذ وباطن الركبة.
وفي الإطار ذاته، فإن العضلات الموجودة في أرجلنا ترتبط بالحوض، الذي يعد الجزء المتحكم في الجزأين العلوي والسفلي من الجسم. ونظرا لأننا نجلس بزاوية 90 درجة خلال معظم أيامنا، تصبح عضلاتنا ضيقة، مما يخلق ضغطا على الحوض، ويتسبب في شد العضلات في تلك المنطقة. ومع أنه سيقوم معظم الموظفين بحركات بسيطة، وهم يجلسون على كراسيهم في مكاتبهم لتحريك الجذع بغية تخفيف حدة الألم. ومع ذلك، فهم ينسون أن يمددوا سيقانهم لبضع ثوان. وبدلا من ذلك، على الموظفين تخصيص بعض العناية والاهتمام للوركين والساقين قبل النوم من خلال القيام بحركات مثل رفع الساق للأعلى والأسفل، وإلى اليمين واليسار، ناهيك عن ممارسة بعض التمارين الرياضية.
* متلازمة النفق الرسغي
إننا نستخدم رسغينا في الكثير من الأعمال اليومية، مثل الكتابة وتحريك الفأرة ورفع الأوزان الثقيلة وحمل المشتريات، وما إلى ذلك. وفي الحقيقة، يمكن أن يتسبب الإفراط في استخدام هذا الجزء الصغير من الجسم في الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي التي تؤثر على الرسغ وتشمل أعراضها الرئيسة التنميل أو الوخز أو الشعور بالوهن في الأيادي.
وعلى من يشعر بالقلق من أنه قد يكون بالفعل يعاني من متلازمة النفق الرسغي، فينبغي عليه الإسراع إلى زيارة الطبيب، ليقدم له العلاج المناسب، والبدء في ممارسة التمارين لتحسين صحة اليدين، ويتضمن ذلك الضغط على قاعدة اليدين على الحائط أمامه أو على المكتب، وسحب كل إصبع، فضلا عن فتح وإغلاق قبضة اليد.
* السقوط والانزلاق
إن معظم الموظفين العاملين في مكاتبهم لا يعتبرون أن ظروف عملهم خطرة. وبالمقارنة مع أولئك الذين يعملون في المصانع أو في الزراعة، لا يبدو أن دخول مبنى يوميا ينطوي على مخاطر كبيرة. في المقابل، فإنه من المحتمل أن يتعرض لذلك العاملون في المكاتب مرتين إلى مرتين ونصف أكثر من غيرهم من غير العاملين في المكاتب. فعندما تتعثر أو تفقد توازنك، تتمثل ردة فعل معظم الناس الفورية في الهبوط على أيدينا ممدودة، ويمكن أن يتسبب ذلك في تضرر الكتف والمعصم والجزء العلوي من الجسم. كما يمكن أن تعاني من خلع في المعصم أو كسور، وتمزق الكفة المدورة، وعضلات الكتف، وربما أكثر من ذلك. وفي بيئة المكتب، هناك الكثير من العقبات المحتملة والتي يمكن أن تسبب مثل هذا النوع من الإصابات، بما في ذلك السجاد الفضفاض والبلاط غير المستوي والأرضيات المبللة والإضاءة السيئة، والمكاتب المفتوحة أو الدرج وأسلاك الكهرباء.
من المرجح أن الأمر يبدو سخيفا، غير أنه من المؤكد أن معظم هذه الحوادث يمكن الوقاية منها عن طريق المشي ببطء أكثر، مع الانتباه إلى المحيط الذي تمشي فيه وما يدور حولك. وإذا لاحظت وجود مشكلة تتطلب من الإدارة استدعاء الصيانة، فلا تتوانى عن القيام بذلك. وتجدر الإشارة إلى أن التمتع ببيئة عمل آمنة، وتوفير النظافة؛ من ضمن حقوقك. وفي حال تعرضت إلى حادث مماثل، اطلب المساعدة على الفور، حتى وإن كان الحادث بسيطا.
* إجهاد العين
إن 60% من البالغين أبلغوا عن تعرضهم لإجهاد بصري جراء الأجهزة الرقمية، مع مواجهتهم أعراضا تتراوح بين ألم العينين والشعور بالحرقة والحكة فيهما، فضلا عن عدم وضوح الرؤية والشعور بالصداع. ومن المرجح أنك لن تشعر بمدى حدة هذه الأعراض. في المقابل، يمكن أن يتأثر بصرك مع مرور الوقت، وفي هذا الصدد، عليك بممارسة تمارين اليوغا الخاصة بالعين، التي تساعد على الاسترخاء، ويمكن القيام بها على مدار اليوم، لتحسين مرونة نظرك وتعزيز تركيزك.
ونقترح إغلاق عينيك مرارا وتكرارا، ثم النظر إلى الأعلى والأسفل واليسار واليمين. وأثناء قيامك بذلك، تخيل أنك تنظر إلى أرقام الساعة أمامك، وكرر النظر من 12 إلى ثلاثة، ثم من ستة إلى تسعة. ثم اعكس الاتجاه. فضلا عن ذلك، يمكنك تجربة الرمش بسرعة عدة مرات، ثم إغلاق عينيك لمدة عشرين ثانية. وعلى العموم، تعد هذه التمارين مفيدة عندما يكون خط البصر الرئيسي الخاص بك يوميا هو شاشة الكمبيوتر.
التعليقات مغلقة.