في ردهات الجامعات، حيث تنبعث الأصوات بهدوء من مباحثات فكرية وقراءات معمقة، يطرح سؤال أخلاقي ملح: ما هو دور الأكاديميين في عالم يموج بالصراعات؟
وما هي المسؤوليات الأخلاقية على عاتق المتخصصين في العلوم الإنسانية، حين تكون مهمتهم فهم المجتمعات وتقديم الحلول لمشاكلها، بينما يعم صوت السلاح على صوت العقل والعدالة؟
أثارت هذه الأسئلة الأكاديمية الأميركية جودي دين، أستاذة العلوم السياسية في إحدى الجامعات في ولاية نيويورك، بعد الهجوم الذي نفذته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي يُعرف بـ “طوفان الأقصى”.
في مقالها “فلسطين تتحدث إلى الجميع”، الذي نُشر بعد سبعة أشهر من الحرب الإسرائيلية ضد غزة، قالت جودي: “ومن منا لا يشعر بالبهجة عند رؤية المُضطهَدين وهم يدمرون الأسوار التي تسجنهم؟”.
لكن، على الرغم من كون الجامعات مكانًا مثاليًا لطرح مثل هذه الأسئلة، إلا أن ردود أفعال المؤسسات التعليمية كانت معاكسة.
جودي دين توقفت عن العمل بعد نشر مقالها، حيث اعتبرت رأيها بأن المقاومة الفلسطينية مشروعة لا يتماشى مع الموقف الرسمي للجامعة.
مع تصاعد الحرب، انتقلت الأسئلة الحادة من الإعلام إلى الأروقة الأكاديمية، حيث أصبحت الجامعات مراكز لتوزيع الروايات المتحيزة التي تدعم الموقف الإسرائيلي.
لم تقتصر آثار هذا التنكيل على جودي دين وحدها، بل شملت العديد من الأكاديميين الذين عبروا عن رفضهم للعدوان الإسرائيلي.
تحدثت أنيتا ليفي، مسؤولة في الرابطة الأميركية لأساتذة الجامعات، عن “مكارثية” جديدة، حيث تزايدت القضايا المرفوعة وتركزت على من تم اعتقالهم بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، بينما لا يوجد أي دعم للجانب الإسرائيلي.
وفي الوقت نفسه، احتشدت الآلاف من الطلاب في مختلف الجامعات للتظاهر، وعندما عبّر الأساتذة عن دعمهم، واجهوا تهديدات بالفصل.
ورغم ذلك، كتب المئات من الأكاديميين مؤكدين على حقوق الطلاب في التعبير والتظاهر.
هذا التحرك الطلابي العالمي، والذي يتجلى بوضوح في الجامعات الغربية، أظهر الفجوة بين القيم المعلنة للديمقراطية وحقوق الإنسان والواقع الذي تعيشه المؤسسات التعليمية.
التعليقات مغلقة.