بقلم : محمد حميمداني
مواكبة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة و متابعة لآخر تطوراتها و فصولها التراجيدية للبعض و الملهاتية للبعض الآخر ، نقف اليوم على فصول نسجت داخل ردهات حزب “المصباح” ، و جعلت عاصمة الغرب “القنيطرة” ، مكانا للقاء و كتابة خطاب غراميات عشق السلطة و اقتناص جميع السبل للحفاظ على إمبراطورية ولدت لكي تتوطد ، فلم يكن تصفيق لجنة الترشيحات الإقليمية لاختيار “الرباح” قائدا لسفينة “البيجيدي” في عاصمة الغرب و “رقية الرميد” قبطانا لهاته السفينة ، بالشيء الغريب بل كان متوقعا ، لأن صك الإمبراطورية يقتضي اعتماد كل الطرق التي تتعدى الوصول إلى “روما” التي لا تحتاج آنيا إلا إلى الطائرة لتصل و في ظرف وجيز ، بينما هاته الرحلة تقتضي ما تقتضيه من الشرعي و “الكولسي” للوصول إلى المطمح و تحقيق الحلم بالتربع على العرش الإمبراطوري .
ربما يكون غضب بعض “البيجيدييين” و اتهامهم ل “زعيم الغرب” ، و “قائد طاقة و معادن الحكومة البيجيدية” ، بممارسة “الكولسة” و امتهان لعبة تصفية الحسابات لتقليم أظافر كل من خرج عن بيت الطاعة الإمبراطوري ، مجرد تخمينات هزيمة ضمن مشروع يطبل على ديمقراطيته المتميزة .
فما يمنع “الرباح” من البحث عن رسو سفينته الإمبراطورية في عاصمة الغرب (القنيطرة) و للمرة الثالثة ؟ هل هو حسد من حسادة معارضين حالمين بالسلطة ؟ الواقع على الأرض يشير إلى نقمة شعبية على إدارة مختلف الأزمات التي عانت و تعاني منها القنيطرة ، و على حد قول الشاعر الفلسطيني الكبير “محمود درويش” “كسروك ، كم كسروك كي ثقفوا على ساقيك عرشا” ، فلا الحافلات تحركت ، و لا البنى التحية وقفت صامدة ، و لا الأشجار و الأماكن الخضراء أوقفت الجشع الإسمنتي الرسمي المغلف بشراكات النفعية و البراغماتية باسم تشجيع الاستثمار الذي لا يفهم إلى لغة قضم قيم الجمال و إحلال قيم الخشب و الحطب على كل فضاءات القنيطرة المنتشية بذيول التدمير و الموت القسري الممنهج …. .
فكما كان متوقعا إذن أعلن “الرباح” مرشحا لقيادة إمبراطورية “المصباح” مرة أخرى ، عن دائرة القنيطرة ، مشهد ليس غريبا في فضاء و سوق النخاسة السياسي المغربي حيث العمل السياسي يورث كما تورث المباني و الحقول و الإبل و الأموال … ، فالوجوه الجديدة القادرة على صنع الفارق و الجديد بقوة العقل الناقد و النافذ لعمق مأساة الشباب القنيطري أزيلت من لافتة شيوخ السياسة ، و الذي عكسه رفض المجلس الوطني للحزب ، يوم السبت 03 أبريل 2021 ، مقترح لجنة الأنظمة و المساطر القاضي بتقييد عدد الولايات المسموح لمنتسبيه ترشحها لمجلس النواب و التي حصرها المقترح في ولايتين فقط ، و هو ما فتح الباب لتشييد الإمبراطوريات داخل حزب أصبح دليله “مصباح علاء الدين السحري” بقوة الشيوخ الشادين على السلطة اتعاظا بحكمة معاوية التي تنصح الساسة من بني جلدته بأن “يعضوا عليها النواجد” و هو ما أكده “بوانو” عضو اللجنة الذي كان قد قال إن “اللجنة اقترحت عدم ترشح البرلماني الذي أمضى ولايتين كاملتين و متتاليتين بمجلس النواب ، خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ، و هو الأمر الذي حظي بنقاش مطول يوم السبت ، و قوبل بالرفض” ، بل أن القيادات المتحكمة في الإمبراطورية “المصباحية” قدموا مبررات لا تقنع حتى “الأخرس و الأعمى” وفق ما أورده “بوانو” نفسه الذي قال مبررا سبب رفض الأمانة العامة للحزب و مجلسه الوطني لمقترح اللجنة بكون “معركة الانتخابات المقبلة لا تسمح بالحد من الأدوات و الأسلحة الموجودة مسبقا” ، و كأن المغرب في حرب و معركة تتطلب شراء الأسلحة الشائخة لخوض حرب لا يعلم أماكنها و وقت حدوثها إلا الحالمين بالسطوة و البراغماتيين الذين لا يعدون من الزفرات إلا الأصوات التي تدر في الصناديق فتقربهم من باب الاستوزار ، و رآسة المجالس و البرلمان و هلم جمعا ، و اسألوا “الرباح” عن هاته النعمة إن كنتم جاهلين ، علما أن هاته الحجة لم تقدم للمرة الأولى لإدامة النعمة على شيوخ الحزب و دهاقنته الرافضة دوما لنقطتي تقييد لسلطتي “الولايات الانتدابية و التزكية” تحت مبرر الاستفادة من خبرات عمالقة السياسة في الحزب التي لا ينبغي التفريط فيها .
وقائع رائحة المطبخ السياسي للبيجيدي بالغرب تعكس منطق الاستفادة من الخبرات (الخيرات) المتراكمة ، من خلال إمبراطورية “الرباح” التي ما تركت ركنا من أركان الغرب إلا و غزته و فازت ببركاته (اللهم لا حسد) ، خاصة إن خلا الجو على حد قول المثل العربي “خلا لك الجو فبيضي و اصفري” و هو ما عكسته دواليب لجنة الترشيحات التي التأمت ، للحسم في وكلاء لوائح الدائرة الانتخابية بالقنيطرة، في أفق تحقيق الحلم الإمبراطوري ، علما أن الوضع العام يعرف انفجارا داخليا ، تفجر و أعلن انسحاب وجوه هامة من مشهد دعم “الرباح” و حلمه الإمبراطوري ، مثل “عزيز كرماط” ، الذي استقال مؤخرا ، و قرر الترشح في الانتخابات المقبلة على رأس لائحة مستقلة ، و ازدياد نسبة غير الراضين على حصيلة حزب “اللامبة” على صعيد إدارة شؤون القنيطرة ، و ما حصدته نقابة الحزب لموظفي جماعة القنيطرة من نتائج ضعيفة ضمن الانتخابات المهنية الأخيرة إلا تعبير عن هاته المحاسبة الأولية للمشاريع الإمبراطورية التي يدافع عنها “الرباح” و جوقته بشراسة متهمين غيرهم بترويج الشائعات ضد عطائهم الذي لا ينضب و لا يجف ، و هو ما يجعلنا في انتظار صراع قوي من أجل المحافظة على الكرسي الإمبراطوري اعتمادا على “مصباح علاء الدين” .
فعزيز رباح ، الذي ارتقى إلى سلم إمبراطورية مجلس القنيطرة لأول مرة سنة 2009 ، بدعم كبير من عائلة “الشعبي” حينها ، ليعود للتربع على نفس الكرسي للمرة الثانية سنة 2015 بدعم ، و لكن هاته المرة ، من شقيق الشعبي نجل الملياردير الراحل “ميلود الشعبي” ، قبل أن يغير “آل الشعبي” الوجهة إلى حزب الأصالة و المعاصرة ، و يعلنوا استقلالهم و منافستهم لإمبراطورية “الرباح” و حقهم في الحكم و الحلم بإمبراطورية “فوزي الشعبي” بعد الإطاحة بغريمهم الإمبراطوري ، و هو ما يؤشر لصراع إمبراطوري شرس ، لكن السؤال المعقد و الوجيه هو ، أين يوجد المواطن القنيطري من كل هاته التكتلات الإمبراطورية ،
ربما يكون امتحان رفض تزكية”أحمد الهيقي” ، صهر “الرباح” ، النائب البرلماني عن دائرة سيدي قاسم ، و نائب رئيس جماعة القنيطرة ، لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بدائرة سيدي قاسم ، و محاولته وضع صهره ضمن قوائم القنيطرة ، الأمر الذي يواجه بأعتى ردود الأفعال حتى من مقربيه ، الأمر الذي دفعه إلى فتح جبهة صراع بإقليم سيدي قاسم لتصدير شرارة الأزمة إلى هناك و إبعاد عاصمة الغرب عن العاصفة التي قد تقضم آخر أوراق التوت التي يتشبث بها “الرباح” لتحقيق حلمه الإمبراطوري بقيادة إمبراطورية الغرب للمرة الثالثة على التوالي ، فضلا عن تفجر صراعات داخل البيت الإمبراطوري بين أحلام كل من “محمد أمين الجوهري” ، الكاتب الإقليمي للحزب بمعية “أحمد الحرفاوي” ، النائب البرلماني و الأستاذ الجامعي بجامعة “ابن طفيل” بالقنيطرة ، من جهة ، و أحلام أقرب أقرباء الإمبراطور “عبد الحق بشري”، و “رشيد بلمقيصية” ، الحالمين بتصدر لائحة الانتخابات التشريعية “للامبة” ، في كل من الدائرتين الانتخابيتين بالقنيطرة (ثلاثة مقاعد) و سوق أربعاء الغرب (مقعدان) ، و الدفع بعبد العزيز رباح وكيلا للائحة الحزب بالجهة ، في أفق المنافسة على منصب رئيس جهة الرباط – سلا – القنيطرة .
وقائع تعكس عمق الصراع داخل دواليب حزب “المصباح” و شراسة المعركة التي تنتظر “الرباح” الحالم بالحفاظ على إمبراطورية الغرب و الجهة ، أمام وضع داخلي لا يساعد على تحقيق الأحلام على الرغم من شد “الرباح” على “مصباح علاء الدين السحري” بقوة الأمر الواقع مركزيا من خلال الأمانة العامة للحزب ، و وزاريا من خلال قوة حضوره في حلقة خاصية “العثماني” و اعتماده على اسم “الرميد” من خلال أخته “رقية” لاستمالة أكبر عدد من المريدين لحصد نتائج الظفر بمقعد القصر الإمبراطوري بالنافورة و الرباط ، و وضع خارجي يعطي لمشهد الصراع سخونة ليس بعدها سخونة مع “آل الشعبي” مناصري البارحة ، “باميي” و أعداء اليوم .
و لنا عودة لآل الشعبي و حلم الخروج من العباءة البيجيدية و تحقيق الفوز بالمقعد الإمبراطوري .
التعليقات مغلقة.