نظم صباح اليوم 16 غشت بمقر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط ندوة صحافية لتقديم البرنامج الانتخابي2021 تحت شعار “المغرب أولا، تناوب جديد بأفق اجتماعي ديموقراطي”، ويتوجه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في انتخابات 2021 إلى الناخبات والناخبين بعرض سياسي متكامل، واقعي وطموح.
ويتمثل هذا العرض في برنامج يتضمن مجموعة من الالتزامات الواقعية، في ظل ظرفية استثنائية فرضتها جائحة كوفيد-19، التي أكدت للعالم أنها ليست سحابة عابرة، بل مرحلة عصيبة سيكون لها ما بعدها. إنها ظرفية انعكست تداعياتها السلبية على جميع الأصعدة، صحيا واقتصاديا واجتماعيا، مما يتطلب معها مجهودا سياسيا ومجتمعيا مضاعفا ومتواصلا لامتصاص آثارها الوخيمة.
في هذا السياق الخاص، يعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن شعاره البارز “المغرب أولا” لأن ذاكرته تختزن الكثير من قيم الوفاء والولاء للوطن قبل كل شيء، ذاكرة التحدي بدءا من مرحلة بناء الدولة المستقلة، وطريق الوحدة، وتحرير الاقتصاد الوطني، مرورا بمرحلة التناوب التوافقي، وتجاوز السكتة القلبية، ووصولا إلى ترسيخ الدولة الاجتماعية. وبالنفس الوطني ذاته الذي يقر بأن الوطن أولا وأخيرا، يتوجه الحزب نحو بناء المستقبل، نحو تناوب جديد بأفق اجتماعي يتيح للجميع الحق في الصحة والتربية والشغل والتنمية والعيش الكريم،
وبأفق ديمقراطي يعزز التعددية السياسية والسلوك السياسي النزيه ومشاركة النساء والشباب.
إن برنامج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشكل الجواب الاشتراكي الديمقراطي المغربي على الأسئلة الكبرى والقضايا التي خلفتها الأزمة في بلادنا على غرار باقي دول العالم، إذ بكل الزخم الفكري حول المصير والمآل، والمساءلة النقدية للواقع وتوقعات الغد وتحديات المشترك وفق ترتيب محكم للأولويات، يرسم البرنامج الاتحادي طريقا ممكنا، ومنهجا متجددا، وبديلا واقعيا عن مناهج الرأسمالية المتوحشة والاحتكار والريع.
فمن أجل النمو والارتقاء بأوضاع الإنسان والمجتمع المغربيين، وفي انسجام تام مع التوجه الفكري الذي تبناه منذ تأسيسه مبلورا بديلا ديمقراطيا اجتماعيا صار محط توافق الجميع على محك الأزمة الصحية، يقترح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تعزيز أدوار الدولة الاجتماعية وتوجيه تدخلاتها الحيوية في الحياة الاقتصادية والتنموية بما يرسخ مقومات الدولة العادلة القوية، ويكرس المجتمع الحداثي المتضامن.
إن استيعاب الوضع الراهن وتوقع مستقبل أفضل، يقتضي تناوبا سياسيا جديدا ذا أفق اجتماعي يتيح لجميع المغاربة الحق في العيش الكريم، في الصحة والعلاج، في التربية والتشغيل، ويجعل من الاستثمار في العنصر البشري رافعة أساسية للتنمية. بهذا الأفق سيكون بالإمكان وضع حد نهائي لمظاهر التهميش والبطالة، ويستنهض كل فئات المجتمع، خاصة في أوساط النساء والشباب، للانخراط الجماعي في بناء مجتمع تسوده قيم الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية.
ويطمح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى تحقيق هذا الأفق الاجتماعي في 2026، من خلال الإجراءات الواقعية، المعقولة والقابلة للتنفيذ، التي يعلنها في برنامجه الانتخابي باعتبارها التزامات تهم الأقطاب الاجتماعية والاقتصادية، والمجتمعية، والثقافية، والمؤسساتية. إنها 25 التزاما أساسيا يتعاقد الحزب بشأنها مع المواطنات والمواطنين ويتعهد بالوفاء بها من خلال 150 إجراء بعد تمكينه من المساهمة في تدبير الشأن العام.
فعلى المستوى الاجتماعي، يلتزم الحزب بجعل الإدماج الاجتماعي الشامل حافزا للتنمية وآلية للاستقرار والتضامن الاجتماعي، وبتعميم الحماية الاجتماعية لصون كرامة المواطن، مع ضمان الحق في خدمة صحية عمومية ذات جودة عالية، وفي سكن مناسب يوفر شروط التنشئة الاجتماعية السليمة. كما يولي عناية خاصة للتشغيل باعتباره دعامة القدرة الشرائية وأساس العدالة الاجتماعية، الأمر الذي يدفعه إلى الالتزام بتنمية مدرسة تكافؤ الفرص، المنفتحة على العالم والمحققة للارتقاء الاجتماعي، وتطوير جامعة عمومية تقدم تكوينا بمستوى عالمي لإنتاج المعرفة وإفراز نخب المستقبل.
أما على المستوى الاقتصادي، فيلتزم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتقوية وتوسيع الطبقة الوسطى ومحاربة الهشاشة من أجل دعم التنمية الاقتصادية وتعزيز السلم الاجتماعي، ويلتزم باعتماد نظام جبائي عادل ومنصف لتوجيه التنمية الاقتصادية بشكل فعال. ويتعهد بتطوير الاستثمار الوطني بما يمكن من رفع من نسب النمو بشكل مضطرد ومنتج لمناصب الشغل، مع خلق تحول هيكلي في النسيج الإنتاجي لتلبية الطلب الداخلي والمنافسة في الأسواق الدولية. كما يتعهد بالتوجه نحو الاقتصاد الأخضر وترسيخ التنمية المجالية المستدامة من جهة، والتركيز، من جهة أخرى، على زيادة الإنفاق العمومي في البحث العلمي المتقدم لكونه عاملا حاسما في الانتقال إلى الأنماط الاقتصادية الصاعدة ودعم الابتكار.
بينما يلتزم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على المستوى المجتمعي، بإيلاء القطب المجتمعي العناية اللازمة من خلال إجراءات عملية لحماية الطفولة بوصفها اللبنة الأولى لبناء مواطن الغد، والنهوض بأوضاع النساء للقطع مع كل أشكال الحيف والعنف ولإشراكهن كليا في عملية التنمية. وعلاوة على اهتمامه بإقرار منظومة رياضية قوية ومساهمة في التماسك الاجتماعي، يلتزم كذلك بتحرير الطاقات الإبداعية للشباب عبر الاستثمار الأمثل للإمكانات التي يوفرها التعليم والشغل، مع تفعيل المشاركة السياسية لمغاربة العالم بما يمكن من مواكبتهم بشكل أفضل.
وبوصفه فاعلا مؤثرا في الحياة الثقافية، يطرح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التزاما أساسيا يتمثل في وضع “مخطط المغرب الثقافي” الذي يرمي إلى إفراز قطب ثقافي منتصر للإبداع والفكر، وإلى تطوير صناعة ثقافية وإعلامية تشكل قيمة مضافة في الاستثمار الوطني. كما يلتزم باعتماد قانون إطار للثقافة والفنون، وتعزيز الرأسمال اللامادي لصيانة الهوية والتنوع الثقافي، مع وضع آليات خاصة بترويج المنتوج الثقافي الوطني، وتبسيط المساطر لخلق الحوافز المشجعة للإنتاج الفني. ويتعهد الحزب بالنهوض بالوضع الاعتباري والاجتماعي للفنان والكاتب، وتعزيز الموارد البشرية والمالية للإعلام العمومي، ودعم وتأهيل المقاولات الصحافية مع تعزيز المكاسب الاجتماعية للصحافيات والصحافيين المهنيين.
وعلى المستوى المؤسساتي، يلتزم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بترسيخ الحقوق والحريات وفق منظور عصري حداثي، والمراجعة الشاملة للقانون الجنائي المغربي، وإخراج قانون الإثراء غير المشروع. أضف إلى ذلك التزامه بترسيخ الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة لإسناد الإقلاع التنموي وصون كرامة المواطن، وتسريع مسلسل الجهوية المتقدمة كمدخل حقيقي للعدالة المجالية والاجتماعية، مع تقوية الحكامة العمومية بوصفها دعامة ضرورية لتعزيز البناء الديمقراطي والتنموي.
وغني عن التذكير أن هذا التناوب الجديد ذا الأفق الاجتماعي الديمقراطي الذي ينشده حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومعه في ذلك فئات عريضة من المجتمع، ويتقاطع كليا مع التوجهات الملكية، من شأنه أن يضمن لبلدنا أسباب المناعة المؤسساتية، وشروط الاستقرار السياسي، ومقومات الأمن المجتمعي. فتأسيسا على هويته الاشتراكية الديمقراطية الراسخة، وإعمالا لمنطوق الفصل الأول من الدستور الذي عرف نظام الحكم بالمغرب بما هو “ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية”، يرى الحزب أنه بعد أن صالحت جائحة “كوفيد-19” العالم مع اختياراته الإنسانية والكونية، تعد المسألة الاجتماعية أولوية وحيوية، وضامنة للانسجام والتوازن المجتمعي، وصمام أمان للكرامة الإنسانية.
التعليقات مغلقة.