أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الارهاصات الأولى لمحمد حسنين هيكل

الدولة بيروكي

ولد محمد حسنين هيكل عام 1988 في قرية “منصورة” بمصر، من أسرة ريفية ثرية، تلقى تعليمه في القرية، ثم انتقل للدراسة في القاهرة، وحصل على إجازة الحقوق سنة 1909، ثم سافر إلى فرنسا ليكمل دراسته، وكتب رواية “زينب” التي تعتبر باتفاق النقاد على أنها الرواية الفنية التأسيسية في الأدب العربي.

 

نشأت الرواية العربية الحديثة في محض التجارب الذاتية سوآء أكانت تلك التجارب، وقائعا وأحداثا وسيرا وتاريخا شخصيا، أم هي تأملات ومواقف فكرية، ومن الطبيعي أن تدمج هذه المعطيات لحظة التشكيل السردي بالمتخيل الروائي الذي هو شرط لازم لأي إنشاء يندرج ضمن هذا النوع.

 

هذا التغيير يقيم اختلافا أساسيا بين الكاتب والناس الأخرين، حسبما يؤكد بول مان في مقاله: “يجب أن يفهم بوضوح أن من لم يتعود أن يتكلم مباشرة وعلى مسؤوليته، وإنما يجعل الناس والأشياء يتكلمون بدلا منه، أن ذلك الإنسان الذي تعود أن يصنع فنا لا يستطيع أن ينتحل الروح والفكر بجدية كاملة “، إن الفكرة العقلية في العمل الفني لا تفهم إذا أخذنا المرء على أنها غاية في ذاتها، أو أنها غائية فيما يتعلق بالإنشاء.

 

في رواية “زينب” لمحمد حسنين هيكل لا يخفى التطابق بين شخصية بطل الرواية “حامد” وهيكل نفسه، المؤلف الشاب آنذاك، وبخاصة التأملات الفكرية التي تقتحم مشارك السرد، وتقوم هذه فوق الأحداث وتوافق منظور هيكل الفكري، على أنه لم يمض وقت طويل، وقد شاع ما هو أكثر من ذلك، فالمماثلة بين “إبراهيم المازني” وبطله “إبراهيم الكاتب” كانت مسار تشخيص من طرف النقاد.

يتكون فسيح هذا العمل الذي أنجزه هيكل من 335 صفحة تدور أحداثها حول الحب والإكراه، إسراف في العواطف، ومبالغات في الشخوص، وغرابة في الوصف المستفيض، وقد أعادت تنقلاتهم المكانية والزمانية حتى يتسع لهم المكان والزمان.

“زينب” اذن ثمرة حنين الوطن وما فيه، صورها قلم موجود في باريس مملوء حنينه المصري إعجابا بباريس والأدب الفرنسي، وأثناء عودته إلى مصر تردد في نشر هذه الرواية لكي لا تغلب صفة روائي على محامي وصحافي، وهذا ما جاء به “ماركيز”، هو أيضا، حيث يرى أن التحقيق الصحافي أفضل ما كتب على الإطلاق “في رواية قصة موت معلن، فكتب هيكل مصري فلاح، من هنا نستنتج أن الدوافع الداخلية أقوى من الدوافع الخارجية في هذه المرحلة، ولم ليكن الأدب البسيط الغني إلا ليعكس قصة زينب بين الحب والإكراه.

وإذ لم تكن “زينب” مثل الأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران، ورواية “خارج الحريم” و”زنبقة الغور” ل “أمين الريحاني، تمثل ظاهرة جديدة مليئة بالتدبير والدرس في نطاق هذه المرحلة، لمحاور اهتمام الكتاب في تلك الفترة تلتقي جميعها، حيث يصورون زواج الإكراه القائم على غير المحبة وما أنتجه من كوارث.

حولت رواية “زينب” الى فيلم سينمائي مما يوحي بموقعة “زينب” الفلاحة الريفية من التاريخ الأدبي والاجتماعي والسياسي المصري بصورة موجزة.

إذن ف “هيكل” حائر أمام عمله، هل هو قصة؟ هل هو رواية؟ هل هو خواطر؟ هل هو وصف لمناظر وأخلاق ريفية؟، هل هو محرج من أن يجعل الحب الخالص محور عمله؟، كل هذا له أهمية في هذه المرحلة التي كتب فيها هيكل عمله هذا.

فمن “حامد”؟ ومن “زينب” الفلاحة العاملة؟ ومن “عزيزة” ابنة عم حامد؟ وهي من طبقته ومن طبقة “إبراهيم”، رئيس العمال الزراعيين، ابن طبقتهم، ومن “حسن”، صاحب القلب الطيب وابن عم العائلة الميسورة وهو الذي يتزوج “زينب”؟، منهم جميعا كون هيكل هذا العمل.

نقدر أن نقول إن رواية “زينب” لا تقلل من الدور الذي لعبته في إعطاء دفع  قوي لرواية ولفن القصة، حيث عدها الدارسون تلبية فنية للدعوة إلى تمصير الأدب، والى إبراز الشخصية المصرية!بل عدوها فاتحة القصص الفني في الأدب المصري الحديث، من هنا كانت القيمة التاريخية الأدبية للوقوف عندها مثل هذه الوقفة المستأنية.

التعليقات مغلقة.