كلما اقتربت الإنتخابات، اقترب معها زخم الأنشطة المتتالية للسياسيين الذين يبحثون عن موقع قدم. أو تتبيث أماكنهم مرة أخرى للاستمرار أطول مدة ممكنة في التسيير وبالتالي القرب من السلطة والقرار، كل ما أمكن ذلك.
تتكاثر الإجتماعات واللقاءات وتقام الندوات في كل موضوع وشأن. تفعل الدوائر هنا وهناك والهدف كما العادة، الاستعداد للانتخابات الجماعية أو البرلمانية من أجل إعادة البحث عن المصوتين الذين يصبح دورهم أساسيا و مصيريا في تحديد المرشحين وانتقائهم لمدة 5 سنوات أخرى.
لم يعد الأمر يحتاج لكثير من الذكاء و الفهم، لكي نعرف، أن العملية اصبحت روتنية في إطار السباق نحو المجالس البلدية أو المقاعد البرلمانية. فالأمر أصبح مكررا بصورة فوطوغرافية بدرجة الأفلام والمسلسلات التي تتكرر كل شهر رمضان الأبرك.
نفس المواضيع، نفس الممثلين، مع انضمام آخرين للساحة أو تقاعد آخرين لا يأسف لحالهم أحد. نفس المتابعين المتفرجين، ولا شيء جديد تحت سماء الساحة السياسية أو الفنية سواء بسواء.
من جهة أخرى، كما يقول المثل، اللهم اجعل كل أيامنا انتخابات وترشيحات. فالموسم الأخير من كل خمس سنوات، يعرف نشاطا زائدا في حجم الولائم والتواصل مع الجميع. وفي كل مكان تقريبا، حتى الأماكن التي لا تصلها العربات المصفحة، تصلها الحمير والبغال وكل ما يركب. وذلك لاستحضار واسترضاء ود الناخبين الذين يتم تهميشهم كل هاته المدة. ويتم تذكرهم خلال الفترة الذهبية من آخر كل فترة ولائية، حيث على أساسها تحدد مصائر نوابنا.
الكرم حاتمي، التواصل حقيقي حتى ولو انقطع الكهرباء، ولو تقطعت السبل، واصلون إليك لنصل لصوتك. فلولا صوتك فنحن لا شيء. لذلك فنحن معك لطفاء متواضعون طيبون وحوائجك سنقضيها لك، فقط أعطينا صوتك.
خلال هاته الفترة، الكل جميل ولطيف والجميع أخلاقه عالية ومستوى التواضع يصل لحدوده القصوى. ويتحول المصوت صاحب الصوت لورقة تساوي الكثير ووزنها لا يضاهى.
الأمر يتحول لساحة أعراس وأفراح كبرى، الكل مدعو فيها للأكل والشرب والمرح. وحتى من لا يستطيع الحضور، نحضر لها نصيبه حتى يقوم بدوره فرح نشيط وبلا أدنى ملل. المدن، القرى والدواوير تنشط ويكثر المرح، حتى اليوم الموعود. ليعود الكل لسكونه وهدوئه الروتيني، ليخلفه في النشاط أصحاب الروتين اليومي والمؤثرين في العقول والأبدان.
إنها أعراس من نوع آخر، تتحد في مصائر ومصائب الناخبين لما يتلوها من 5 سنوات أخر. ستتسم حثما بالتجاهل والتنافر، وأكل الثوم بأفواه الغير، وقيادة معارك لا علاقة لنا بها. ليعم الصمت الرهيب مرة أخرة و هكذا…
من الناحية القانونية، تثير هاته الظاهرة تساؤلات حول مدى احترام العمليات الانتخابية لمبادئ الشفافية والنزاهة. خاصة وأنها غالبًا ما تتسم بالمظاهر الشكلية دون مضمون فعلي يحقق تكافؤ الفرص. فالقوانين الانتخابية يجب أن تضمن عدم استغلال المناسبات الاجتماعية لأغراض الترويج السياسي بشكل يخل بمبدأ الحياد والشفافية، مع ضرورة مراقبة الحملات الانتخابية وتقييد المظاهر التي قد تؤثر على حرية وحق الناخبين في الاختيار بحرية، بعيدًا عن الضغوط والرشاوى. كما أن القانون يفرض على الأحزاب والمرشحين الالتزام بقواعد أخلاقية تضمن نزاهة العمليات الانتخابية، ويعاقب على أي ممارسات تخل بهذه المبادئ.
فالمواسم الانتخابية، وعلى الرغم من أهميتها، يجب أن تظل محكومة بقوانين صارمة لضمان أن تكون نتائجها نزيهة وشفافة. وأن تحترم إرادة الشعب التي تُعبّر عنها أصوات الناخبين بشكل حر. بعيدًا عن الشعارات الزائفة والطقوس المكررة التي لا تحمل أي مضمون حقيقي للمصلحة العامة.
التعليقات مغلقة.