الانتقال الطاقي والرقمي في المغرب: رؤية مستقبلية نحو التنمية المستدامة

بدر شاشا
يشكل الانتقال الطاقي والرقمي في المغرب أحد الأعمدة الأساسية للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة. يتضمن هذا الانتقال تحولاً جذريًا في طريقة إنتاج واستهلاك الطاقة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الرقمية لتعزيز الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية. يهدف المغرب من خلال هذا التحول إلى تحقيق استقلالية طاقية، تحسين جودة الحياة، وتعزيز النمو الاقتصادي.

أولاً: الانتقال الطاقي

يمثل الانتقال الطاقي في المغرب خطوة مهمة نحو تحقيق الأمن الطاقي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. يسعى المغرب إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني إلى 52% بحلول عام 2030. في هذا السياق، تعتبر مشاريع الطاقة الشمسية والريحية أبرز المبادرات. على سبيل المثال، مشروع نور للطاقة الشمسية في ورزازات، الذي يعد من أكبر المشاريع الشمسية عالميًا، يسهم في إنتاج 580 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.

إلى جانب الطاقة الشمسية، يركز المغرب على تطوير مصادر الطاقة الريحية، حيث تم إطلاق عدة مشاريع في مناطق مختلفة من البلاد. كما تسعى الحكومة إلى تعزيز كفاءة الطاقة من خلال تطبيق تقنيات جديدة في مختلف القطاعات.

ثانياً: الانتقال الرقمي

التحول الرقمي يمثل بعدًا آخر في استراتيجية المغرب التنموية، حيث تركز الحكومة على تحسين البنية التحتية الرقمية. يتضمن ذلك زيادة الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة وتوسيع خدمات الاتصالات في المناطق النائية.
تسعى الحكومة أيضًا إلى رقمنة الخدمات العامة، مما يسهل على المواطنين الوصول إلى المعلومات والخدمات الحكومية، ويقلل من البيروقراطية. في هذا الإطار، تُعتبر مبادرات مثل “المغرب الرقمي 2020 خطوة رئيسية في تعزيز الابتكار وتحفيز ريادة الأعمال.
رغم التقدم الكبير في كلا المجالين، يواجه المغرب تحديات كبيرة، منها الحاجة إلى استثمارات ضخمة، وتطوير مهارات القوى العاملة في المجالات الرقمية والطاقة المتجددة. ومع ذلك، توفر هذه التحديات فرصًا كبيرة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق وظائف جديدة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا
يمثل الانتقال الطاقي والرقمي في المغرب رؤية مستقبلية نحو التنمية المستدامة. يتطلب تحقيق هذه الرؤية تعاونًا قويًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. إن الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية ليس مجرد حاجة اقتصادية، بل هو أيضًا واجب تجاه الأجيال القادمة لضمان بيئة مستدامة ومزدهرة.