“البام” يعزز قواعده بأصيلة في أول اختبار بعد وفاة بن عيسى
جريدة أصوات
لم تسجل الانتخابات الجزئية الأخيرة التي جرت في جماعة أصيلة مفاجآت جوهرية على مستوى النتائج، لكنها أعطت إشارة واضحة حول قدرة حزب الأصالة والمعاصرة على إدارة مرحلة انتقالية هامة، عقب وفاة أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في تسيير المدينة، محمد بن عيسى.
فاز مرشح الحزب، عبد السلام بلهردية، بالمقعد الشاغر بعد أن حصل على 142 صوتاً، مقابل 78 صوتاً لمنافسه من حزب الاتحاد الدستوري، في اقتراع اتسم بالتراجع النسبي في الحماسة السياسية والإقبال الشعبي.
ورغم عدم وجود نتائج صادمة، تعكس هذه الانتخابات القدرة الاستباقية للحزب على الانتقال من مرحلة الزعامة الفردية إلى مرحلة جديدة، مستفيداً من خبراته السابقة دون الإخلال بالتوازنات التي خلقتها المسيرة الطويلة للزعيم الراحل.
نجح الحزب في الحفاظ على استقراره الانتخابي من خلال ترشيح شخصية تقنية تنتمي إلى خلفية إدارية محافظة، ما يعكس خطته للحفاظ على توازنات الجماعة وتفادي المخاطر غير المحسوبة.
ويشير عدد من المتابعين إلى أن الهدف من هذا الترشيح لم يكن مجرد استعراض للقوة، بل كان تكتيكياً لتمرير فترة حساسة بسلاسة، حيث تمكن الحزب من تفادي التصدع الداخلي ومنع خروج المنافسين من الظل، إذ عجزت الأحزاب الأخرى عن تقديم بدائل سياسية مقنعة.
وعادت الانتخابات، ولو في نطاق محدود، لتؤكد على ما يعتبره بعض الفاعلين المحليين “أولوية الاستمرارية المؤسساتية” في مدينة اعتادت على أساليب التسيير المستقرة بدل المجازفات.
من ناحية أخرى، لم تظهر باقي الأحزاب المحلية، بما في ذلك الاتحاد الدستوري، أي مبادرات لإعادة بناء عرضها السياسي، مما منح حزب الأصالة والمعاصرة فرصة لإعادة ترتيب صفوفه في بيئة أقل ضغطاً.
مع ذلك، يبقى التحدي الحقيقي للحزب هو تحويل نجاحه في ملء المقعد إلى لحظة تأسيس جديدة تعزز موقعه كفاعل جماعي مؤثر بدلاً من كونه ورثاً رمزياً. يتطلب ذلك الانتقال من الاعتماد على شخصية واحدة إلى بناء شرعية مؤسساتية قادرة على مخاطبة المواطنين عبر برامج مستقبلية بدلاً من الذكريات.
في خضم هذا، يبدو أن الحزب يمتلك من الحضور التنظيمي والتقدير المركزي ما يسهل عليه خوض هذا التحول بخطى محسوبة ودون ضجيج.
التعليقات مغلقة.