أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

التحول الرقمي في المغرب: نحو إدارة أكثر كفاءة وشفافية مبسطة

بدر شاشا

في عالم اليوم، أصبح التحول الرقمي ضرورة لا غنى عنها لتطوير الإدارة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. فالمغرب، كغيره من الدول، يسعى إلى تحديث الإدارة العمومية وتسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الحكومية من خلال رقمنة المساطر والإجراءات. ومن بين الأفكار التي يمكن أن تُحدث ثورة حقيقية في هذا المجال، توحيد جميع الخدمات الإدارية في موقع إلكتروني واحد، إضافة إلى تفعيل خاصية التواصل الفوري عبر تطبيق “واتساب”، مما سيجعل الإدارة أكثر قربًا وفعالية.
التحول الرقمي: أساس النجاح الإداري
لا يخفى على أحد أن التعامل مع الإدارات العمومية في الماضي كان يتطلب وقتًا طويلاً، حيث كان المواطنون يضطرون إلى التنقل بين المكاتب، والانتظار لساعات طويلة، وأحيانًا حتى العودة في أيام أخرى لإتمام معاملاتهم. هذه المشاكل التقليدية كانت تعرقل سير الإدارة وتزيد من معاناة المواطنين.
لكن مع التحول الرقمي، أصبحت هناك إمكانية لتبسيط الإجراءات، حيث يمكن للمواطن الولوج إلى الخدمات بسهولة عبر الإنترنت دون الحاجة إلى التنقل. ورغم الجهود المبذولة من طرف الدولة في رقمنة بعض الخدمات، فإن تحقيق نجاح كامل يتطلب تجميع جميع الخدمات الإدارية في موقع إلكتروني موحد، يمكن لأي مواطن الولوج إليه وإنجاز معاملاته بسهولة تامة.
مزايا توحيد جميع الخدمات الإدارية في موقع واحد
. تسهيل الولوج إلى الخدمات: عوض البحث عن كل إدارة على حدة، يمكن للمواطن أن يجد جميع الخدمات الحكومية في موقع واحد، مما يوفر الوقت والجهد.
. تقليل البيروقراطية: رقمنة المعاملات تحدّ من تعقيد الإجراءات الورقية، وتسمح بإنجازها بسرعة وسهولة.
. الشفافية ومحاربة الفساد: عندما يصبح كل شيء رقمياً، تقل فرص التلاعب والرشوة، لأن كل خطوة تكون موثقة إلكترونيًا.
. راحة المواطنين: بدل التنقل إلى الإدارات وانتظار الدور لساعات، يمكن للمواطن إنجاز معاملاته من هاتفه أو حاسوبه في أي وقت وأي مكان.
خاصية التواصل الفوري عبر واتساب: حل سريع للمشاكل الإدارية
إلى جانب توحيد الخدمات في موقع واحد، من الضروري أن تواكب الإدارات التقدم التكنولوجي بتفعيل خاصية التواصل الفوري عبر تطبيق “واتساب”. فهذا التطبيق هو الأكثر استخدامًا من طرف المغاربة، ويُعتبر وسيلة فعالة للتواصل المباشر بين المواطنين والإدارة.
فوائد استخدام “واتساب” في الإدارات
1. الرد الفوري على الاستفسارات: يستطيع المواطن طرح أي سؤال حول الإجراءات المطلوبة، ويتلقى الجواب بشكل سريع دون الحاجة للانتظار طويلاً.
2. تقليل الضغط على مكاتب الاستقبال: عوض قدوم المواطنين إلى المقرات الإدارية لطرح أسئلة بسيطة، يمكن للإدارة أن توفر الإجابات مباشرة عبر الرسائل الفورية.
3. إرسال الوثائق إلكترونيًا: بعض الوثائق يمكن إرسالها عبر “واتساب”، مما يسهل عملية تجهيز الملفات وتقليل الحاجة إلى التنقل.
4. تحسين العلاقة بين المواطن والإدارة: عندما يشعر المواطن بأن الإدارة قريبة منه ومتاحة دائمًا، تتحسن العلاقة بين الطرفين، مما يعزز الثقة في المؤسسات الحكومية.
النماذج  الناجحة 
نماذج دولية ناجحة يمكن للمغرب أن يستلهم منها
في العديد من الدول المتقدمة، تم تطبيق نظام رقمي شامل يتيح للمواطنين إنجاز جميع معاملاتهم عبر الإنترنت بسهولة. فمثلاً:
إستونيا: تُعتبر من الدول الرائدة في الرقمنة، حيث يمكن للمواطنين إنجاز جميع معاملاتهم الإدارية عبر الإنترنت، بما في ذلك التصويت الإلكتروني.
دبي: تعتمد بشكل كبير على الخدمات الرقمية، حيث يمكن للمقيمين إنجاز مختلف المعاملات الحكومية عبر تطبيقات ذكية دون الحاجة إلى زيارة المكاتب.
إذا تبنّى المغرب نموذجًا مشابهًا، فإن الإدارة ستصبح أكثر كفاءة، وسينعكس ذلك إيجابيًا على حياة المواطنين.
التحديات التي يجب تجاوزها
بالرغم من الفوائد العديدة للتحول الرقمي، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب التعامل معها، مثل:
ضمان الأمن السيبراني: يجب تأمين المعلومات الشخصية للمواطنين وحمايتها من الاختراقات.
توعية المواطنين: بعض الفئات لا تزال غير معتادة على الخدمات الرقمية، لذا يجب توفير برامج توعوية لمساعدتهم على استخدامها.
تحسين البنية التحتية الرقمية: لا تزال بعض المناطق تعاني من ضعف في شبكة الإنترنت، مما يستدعي تحسين الخدمات التقنية لتشمل الجميع.
إن رقمنة الخدمات الإدارية في المغرب، وجمعها في موقع واحد، بالإضافة إلى توفير خدمة التواصل الفوري عبر “واتساب”، يمثلان خطوة أساسية نحو بناء إدارة حديثة ومتطورة. فهذه المبادرات لن تسهم فقط في تسهيل حياة المواطنين، بل ستجعل الإدارة أكثر كفاءة وشفافية. المغرب يسير في الطريق الصحيح نحو التحول الرقمي، وما ينقصه هو التسريع في تنفيذ هذه المشاريع لتحقيق إدارة رقمية متكاملة تخدم المواطن أولاً وأخيرًا.

التعليقات مغلقة.