أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

التراث والرواية في كتاب “الحداثة الممكنة” لرضوى عاشور:

دولة بروكي

لقد كان القرن التاسع عشر زمنا فاصلا في تحديد ماهية الرواية العربية، جعلت بعض الأجناس الأخرى والمقامات والسير الشعبية والحكاية تتشعب وتبنى على الكتابة السردية التراثية، كما قال الناقد “عبد الله إبراهيم” في كتابه “السردية الحديثة” على أن رواية “حديث بن هشام” لم تكن هي الأولى من نوعها، ولم تكن رواية “زينب” هي ما جبلت الرواية في القرن العشرين، وأنه كانت روايات عدة قد عملت على التثقف ضمن الرواية مع الحداثة، فهل نص “الساق على الساق، فيما بعد الفارياق” نص نموذجي اعتمد على التراث في كثير من تفاصيله؟ كما قالت “رضوى عاشور”، وإلى متى استعمال التراث في سيرة “سيف بن ذي يزن”؟.

في كتابها “الحداثة الممكنة “لرضوى عاشور، ومن خلال تحريرها لرواية “الساق على الساق فيما بعد الفارياق” لم تأخذ “رضوى” الرواية، ولكنها أخذت التراث، وضعت سؤالا يصعب على القارة فهمه، هل كان نص “الساق على الساق” النص الأقوى والأسود، هل يمكن أن نعتبره من التراث؟

وخلال قراءتنا للحداثة الممكنة يتطلع إلى تحديد ماهية الكتابة، وكأنها تقول على أنها مقامة على شكل كتابة سردية فنية غنية بالحكم والمواعظ غبر “غابة الحق” لفتح الله مراش، والتي تبنى فيها نهج تنويري قاده إلى معرفة الخير والشر، وكما هو الحال لدى “محمد عبده” و”رفاعة الطهطاوي” و”المنفلوطي” أخيرا، فالحداثة الممكنة تفتح باب التحليل عن رواية “الساق على الساق” وكيفية الكتابة التراثية على شكل رواية.

يحيلنا موضوع التراث على “فاروق خورشيد” الذي أضفاه على رواية أو نص سيرة “سيف بن ذي يزن” وعممها لتكون منطلقا إلى البحث عن أوجه الخير في العالم، مستعملا فيها الشكل والتخيل والدقة في وصف شخصية الملك “سيف”، فأعطت للنص الحداثة التي اعتبرها بينها وبين التراث من اتصال، اتصالا تاما، وهو ما سانده عليه عدة كتاب من بينهم “فيصل الدراج”، فالنص الحديث تمرد على التراث ليخلق تجربة شخصية وعمق تخيلي، كما هو الحال في رواية “زينب”، لمحمد حسنين هيكل، و”الحرافيش”، لنجيب محفوظ.

ففي رواية “حديث عيسى بن هشام” لمحمد المويلحي، وفي روايات عدة أعد الناقد “عبد الله إبراهيم”، على أنه كان يبحث عن التلاقح بين التراث والرواية، إلا أنه ومع بداية القرن العشرين تمكن من إعطاء نموذج تصويري على أن الرواية، حديثة الترابط بين الكتابة السردية القديمة، فالتجربة والنشأة من واقع عربي، ومن حيثيات الرواية الغربية  كما في المنهج “الكافكاوي” ومنهج “دون كيشطو”، ربما جعلت تعارض التراث في الكتابة الحديثة واعطت للكتابة نوعا من ثقافة الغرب وذلك بفعل الترجمة أو المترجمين. 

أن الكتابة السردية الحديثة امتازت بنظريتين، الرواية ومفهوم التراث فيها، والرواية ومعها الإرهاصات الأولى للرواية العربية التي ظلت متطورة وتتفاعل جيلا بعد جيل، والتي اخترقت لدى هذا الجيل في الرواية العربية بفعل الهزائم المتتالية التي مني بها العرب.

التعليقات مغلقة.