أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

” الجمعيات المدنية و سؤال إحياء المولديات المغربية 2/2 “

الجمعيات المدنية و سؤال إحياء المولديات المغربية 2/2

الحبيب عكي

– مولديات مشرقية:

1- “البردة” للشيخ الزاهد الإمام “البوصيري” المصري، وتسمى الكواكب الذرية في مدح خير البرية” وهي في 160 بيت، ومطلعها: “مولاي صلّ وسلّــم دائماً أبدا…على حبيبك خيــــر الخلق كلهم..أمِنْ تَــذَكِّرِ جيرانٍ بــذي سَــلَم..مَزَجْتَ دَمعــا جرى مِن مُقلَةٍ بِدَمِ”.

وخلال قرائتها يسبح القارىء والمستمع عبر عشرة بحور من الغزل البريء..فالنسب النبوي الشريف..فالتحذير من هوى النفس..فمدح النبي الكريم..فذكر مولده الشريف..فمعجزاته..فالإسراء والمعراج..فجهاده(ص)..فختمها بالتوسل والتشفع والتضرع والمناجاة.

 

2- “الهمزية” للإمام البوصيري أيضا، وتسمى ” أم القرى في مدح خير الورى” وهي في 455 بيت، ومطلعها: “كيف ترقى رقيك الأنبياء..يا سماء ما طاولتها سماء”..”لَمْ يُسَاوُوكَ في عُلاَكَ وَ قَدْ حَالَ..سَنًي منْكَ دُونَهُمْ وَسَنَاءُ”.

 

3- قصيدة “طلع البدر”مما يفيد أن المدح قديم قدم الدعوة مع “حسان بن ثابت” و “كعب بن زهير” و”كعب بن مالك” ولكنه تجدد في عهد الضعف مع “الإمام البوصيري”، وهناك مولديين آخرين من كبار الشعراء والزهاد والمتصوفة أمثال: “أبو العتاهية” شاعر الزهد و”أحمد شوقي” صاحب “ولد الهدى فالكائنات ضياء..” و”الحلاج” و”عبد القادر الجيلاني” و”علي الشادلي” و” عبد الغني النابولسي”..، ومن المغاربة والأندلسيين أيضا: “أبو العباس السبتي” و”القاضي عياض” و”محي الدين بن عربي” و”لسان الدين بن الخطيب”، وقد وقف المغاربة وحبسوا من أجل استمرار قراءة كل هذه “المولديات” وخاصة قراءة “دلائل الخيرات” للإمام “الجازولي” في الزوايا والمساجد؟.

 

وأخيرا، دواعي تدخل الجمعيات وكيفية ذلك:

  • اعتبار العدد الهائل للجمعيات: وضمنها الجمعيات التربوية والشبابية والفنية..، بالإضافة إلى تعدد مناطات نشاطها وفضاءاتها: المقرات .. دور الشباب.. مراكز الثقافة.. القاعات العمومية ..مناسبات الأحياء.. المؤسسات التربوية..الملاعب والساحات والمنتزهات..مما سيعطي امتدادا واسعا لنشر فن “المولديات” وثقافتها وإشعاعها.

 

  • المرامي السامية لإبداع “المولديات”: وإحياء فنها وهي التي تهدف في رسالتها التربوية وملحمتها الدعوية إلى التعريف بالرسول (ص)، ومحبته والصلاة عليه، والتأسي به والشوق إليه، وكل ذلك من لوازم ترسيخ هوية الشخصية الإسلامية المغربية، عليها يتعاون المتعاونون ويسخر وسائلهم المسخرون.

 

  • عمق ا”لمولديات” وروحها المتقدة: وتتمثل في كونها ولدت لمدح الرسول (ص) كأسوة وقدوة، صحيح، ولكن أيضا للرد على شيوع الانحلال والانحراف والخمريات والزندقة التي كانت سائدة آنذاك واستغلها “الغزاة التتار” لفتنة الناس وتخديرهم وفصلهم عن دينهم حتى سهلت سيطرتهم على أوطانهم، وكانوا قد أحرقوا مكتبتي قرطبة وبغداد حوالي 636 هجرية؟، فهي إذن “مولديات” المقاومة والتحصين، وما أشبه اليوم بالبارحة، حيث حملات الإساءة إلى الرسول (ص) وسياسة تهميش العلماء والأدباء وتشجيع التفاهة والتسطيح باستهداف اللغة والعلم وحامليها من الدعاة؟.

 

 أن بعض “المولديات” رغم روعتها: فهي طويلة وفيها بعض المغالاة التي لا تستقيم مع العقيدة الصحيحة، من هنا ضرورة مناولتها بالبحث والدراسة والتنقيح والاختصار واللحن المعاصر حتى تتناسب مع أبناء العصر وظروفهم، كما ان بعض “المولديات” الشعبية ترافقها بعض الطقوس البدعية خاصة في بعض الزوايا وعند بعض “الطوائف” ينبغي أن تطهر منها، كما في مواسم “السابعة” وما يرافقها من الخرافات، و طقوس تدخين “الكيف” أو”الحضرة” أو”الغلمانية” قديما ولم تعد؟.

 

  • أن فن الإنشاد المغربي على روعته وبراعته: ربما يحتاج إلى مراجعة في اتجاهات متعددة، منها اتجاه المغربة والأصالة بالدرجة الأولى، وفك الارتهان بالإنتاج المشرقي بشكل كبير، أولا، لأن تراثنا الإنشادي المغربي جد زاخر، يحتاج فقط لمن يبحث فيه ويستخرج درره والنفائس، كما فعلت بعض المجموعات الغنائية المغربية الناجحة، ثانيا، لأن ما يطرب المشرقي قد لا يطرب المغربي بالضرورة، لاختلاف البيئات والأذواق، ثالثا، لأن النمط الإنشادي المشرقي “الإخواني” بالخصوص يميل كثيرا إلى الثورية والحماسة المفرطة، في حين أن النمط المغربي يميل إلى الصوفية والملحونية الهادئة والمؤثرة، وعلى هذا تربت أذواقنا الأصيلة قبل تغريب بعضها الآن، ومن التعسف أن نصادر هوية وهوى قومنا، كما حدث في وقت مضى كان فيه بعض الاستلاب لا تجد فيه طالبات جامعيات أن ينشدن في عرس مغربي نشيد جهادي أفغاني “زندي مجاهد باد” ويفتخرن؟، بماذا؟، الله أعلم ؟؟.

 

  • وهكذا يمكن لجمعيات المجتمع المدني مساهمة في إحياء هذه “المولديات”: أن تنظم مهرجانات ومسابقات محلية..جهوية..وطنية خاصة بالمولد، تسهر على تنظيمها وزارات الثقافة والشباب وجمعيات المديح والسماع، وهنا تحية ل”مولديات” طنجة ومكناس..وجمعيات سماعها، ويمكن أن تدمج في هذه الملتقيات بعض إبداعات الجمعيات التربوية والفنية المعاصرة في نوع الإخراج والإيقاع الفني وفي الموضوع أيضا، من مسابقات تنافسية وإبداعية..ودوريات رياضية..و ورشات فنية.. وأيام محورية..وأسابيع ثقافية..ومعارض..وحملات..ولما لا “مهرجان دولي للمديح والسماع، بكل لغات العالم”..نعم بكل لغات العالم..وكبريات فرق الإنشاد وكبار منشدي العالم؟؟.

 

الحبيب عكي

التعليقات مغلقة.