أصدرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أمس الثلاثاء 27 أبريل 2021 بلاغا تندد فيه بقرار محكمة النقض الرافض لبنوة طفلة لأبيها.
وقالت الجمعية في بلاغها “اطلعنا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بأسف شديد على القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض بتاريخ 29 شتنبر 2020 ، الذي اعتبرت فيه أن الطفل “غير الشرعي” لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بالأب البيولوجي لا بالنسب ولا بالبنوة، وذلك بعد أن حكم قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة قبل ثلاث سنوات بثبوت بنوة بنت وُلدت خارج إطار الزواج ، وحكم إثر ذلك على الأب البيولوجي بأداء تعويض قدره 10 ملايين سنتيم، إلا أن محكمة الاستئناف ألغت هذا الحكم المتنور، مما دفع الأم إلى اللجوء إلى محكمة النقض التي رفضت بدورها إقرار البنوة”.
وأضافت “على إثر صدور هذا القرار وكذا ما رافقه من سند وأدلة سواء من طرف محكمة النقض أو حكم قضاة محكمة الاستئناف،تعتبر الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أن القرار ينبني على:
- خرق واضح للدستور المغربي الذي أقر بسمو الاتفاقيات الأممية في ديباجته، وخرق جسيم لحقوق الطفل ولمصلحته الفضلى، والتي يؤكد عليها الدستور من خلال منطوق الفصل 32 منه ” تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بغض النظر عن وضعيتهم العائلية” ؛
- تفسير للمدونة وتطبيقها بشكل ينأى بالقضاء الذي يعتمدهما عن روح مدونة الأسرة ومقاصدها ويتشبث على عكس ذلك بتفسير ضيق ناكص (rétrograde)، من خلال الاستعانة بالنصوص الفقهية والانتصار لمدرسة تقليدية متمسكة بمرجعية أصولية إن لم نقل أرثوذكسية تعود لعهود قد خلت وتضرب عرض الحائط حتى بالحقائق العلمية التي تخولها الخبرة الجينية، عوض التعامل مع قضايا الأسرة بنفحة حقوقية منسجمة مع تطور المجتمع ومع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان؛
- ضرب للاجتهاد القضائي المستند على قوة الدليل الواقعي الذي اعتمدته المحكمة الابتدائية بطنجة والذي يميل إلى الاجتهاد والتطبيق والتفسير الإيجابيين للنصوص والانفتاح على الصكوك الدولية لحقوق الإنسان سيما منها حقوق الطفل وعلى الحقوق الإنسانية للنساء؛
- تكريس لهشاشة وضع النساء اللواتي يتحملن لوحدهن مسؤولية طفل مولود خارج إطار الزواج من خلال اعتبار أن “العلاقة التي كانت تجمع بين طرفي النزاع هي علاقة فساد… واعتبار أن البنت تعتبر أجنبية عن أبيها، ولا تستحق أي تعويض لأنها ناتجة عن فعل غير مشروع كانت أمها طرفاً فيه“، وما سيترتب عن ذلك من ضياع مصلحة الأطفال المعنوية والمادية على اعتبار أن محكمة النقض أعلى هرم للسلطة القضائية ومحكمة قانون من المفروض فيها أن تسهر على توحيد الرؤية القانونية ومنهج القراءة القانونية للنصوص وتطبيقها”.
كم أكدت “أن هذا القرار ينضاف إلى جملة من القرارات المجحفة المشابهة الصادرة عن غرفة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض والتي تناولتها بالتحليل في دراسة لها تحت عنوان “مدونة الأسرة بين النص والتطبيق من خلال العمل القضائي لمحكمة النقض” سنة 2018، والتي تضعها رهن إشارة كافة الفاعلين، فإنها تدعو:
- محكمة النقض إلى ضرورة الالتزام بالإشارة ضمن تعليلات القرارات إلى المرجعية الدولية لحقوق الإنسان عامة وتلك التي تخص حقوق الطفل والحقوق الإنسانية للنساء، على غرار ما جرى به عمل بعض غرف المحكمة، كما تدعوها إلى وجوب التقيد في القرارات بالمرجعية القانونية والحقوقية بلغة حديثة تفهمها المتقاضيات والمتقاضين؛
- المؤسسة التشريعية إلى ضرورة المراجعة الشاملة و الملحة والعاجلة لمدونة الأسرة مراجعة تحقق الانسجام بين نص المدونة وروحها وفلسفتها ومقتضياتها وتتوخى ملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية للحقوق الإنسانية للنساء و مطابقتها للدستور، كما تدعوها إلى التعجيل بإصدار القانون التنظيمي المتعلق بالدفع استثناء بعدم دستورية القوانين لضمان عدم المس بالحقوق التي يضمنها الدستور؛
- وزارة العدل إلى مراجعة مناهج تكوين القضاة بإدراج مواد تتضمن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق الطفل والحقوق الإنسانية للنساء، ووضع برامج للتكوين المستمر لمختلف العاملين في المهن القضائية في مجال حقوق الإنسان بعامة وحقوق الطفل والحقوق الإنسانية للنساء بخاصة؛
- المعهد العالي للقضاء إلى مراجعة مناهج تكوين القضاة بإدراج مواد حقوق الإنسان وحقوق الطفل والحقوق الإنسانية للنساء ومقاربة النوع، مع منحها نفس الأهمية التي تحتلها باقي المواد والموضوعات”.
الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب
التعليقات مغلقة.