ونحن نشارف على الاقتراب من عقدين من تفعيل مدونة الأسرة، ارتأينا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أنه من الأهمية بمكان القيام بوقفة للتقييم وعرض ملاحظاتنا المستمدة من سند الواقع الذي تعيشه مئات آلاف النساء والفتيات ببلادنا، ونؤكد مرة أخرى على مطالبنا الخاصة بمراجعة كل السياسات والتشريعات التمييزية وعلى رأسها مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع الدستور والالتزامات الدولية للمغرب.
وعليه، نسجل إسهام الثغرات القانونية وغياب الانسجام بين العديد من المقتضيات والمواد التمييزية التي طبعت مدونة الأسرة ولازمت اعتمادها أثناء التطبيق وما أقرته من قواعد واستثناءات في تكريس الوضع الدوني للنساء والفتيات وتعميق الهشاشة والفقر في حياتهن وسد أفق الاستقلالية والتمتع بالأمان في الحياة الخاصة والعامة. كما أن السلطة التقديرية الممنوحة للقضاة وما نتج عنها من تأويل سيء للنصوص، نتج عنه الضرر بمصالح الفتيات والنساء وأطفالهن، محدثة معضلات حقيقية من قبيل:
– تفاقم ظاهرة زواج القاصرات عبر السنوات السبع عشرة وتصاعدها من سنة لأخرى، إذ تؤكد الإحصائيات هذا التفاقم بين سنة و2004 و2018 إذ تم سنة 2015، إبرام 150 35 عقد زواج، وهو ما يعني حوالي ضعف عقود زواج القاصرات المبرَمة سنة 2004 (341 18عقداً). بما يناسب 85,22% من طلبات الزواج، أما سنة 2018 فقد وصل عدد الطلبات 33600، سنة مما يدق ناقوس الإنذار بخصوص حقوق الطفلات وسلامتهن البدنية والنفسية واستقلاليتهن؛
– تشجيع تعدد الزوجات والتحايل على شروطه، مما أفسح المجال خلال هذه السبع عشرة سنة لتكريس القبول الاجتماعي للتعدد، التي حرصت المدونة على تقييده بشروط كثيرة، من أجل تعطيل اعتماده في أفق إلغائه من النص بشكل نهائي، وإن كان كون فتح القضاء تلقائيا لمسطرة التطليق للشقاق وفق المادتين 40 و41 في حالة توفر “المبرر الموضوعي الاستثنائي” يضع الزوجة في وضع القبول القسري؛
– تعطيل المادة الخاصة باقتسام الممتلكات المكتسبة خلال الزواج بسبب عدم إلزامية الوثيقة الملحقة بعقد الزواج، فبرسم سنة 2015، كانت نسبة 0,20% من الزيجات فقط مرفقة بإبرام مثل هذا الاتفاق، رغم أهمية هذه المادة بالنظر لمساهمة الزوجات في بناء الثروة الأسرية، ودورها في حماية النساء من التشرد والهشاشة في حالة انحلال العلاقة الزوجية؛
– تكريس التمييز بين الجنسين سيما في النيابة الشرعية، مما يعرض عددا من الأطفال للمشاكل الإدارية المتعلقة بالدراسة والسفر. إلخ ، إضافة إلى فقدان الأم المطلقة لحقها في الحضانة على أبنائها في حالة زواجها مرة أخرى.
لذا، فنحن إذ نعتبر أن تحقيق العدل والمساواة بين الجنسين في الفضاء الخاص هو مدخل حقيقي للتطلع إلى مجتمع ديمقراطي يساهم فيه الرجال والنساء في تحقيق التنمية المستدامة، فإننا ندعو إلى فتح ورش مراجعة مدونة الأسرة في كليتها استجابة للواقع اليومي للنساء ولتطلعاتهن، وانسجاما مع الدستور والالتزامات الدولية للمغرب، بما يضمن:
– تفكيك البنية الذكورية للعلاقة بين الرجال والنساء في الحياة الخاصة التي تكرس الوضع التمييزي تجاه النساء ضدا على المكاسب المحققة في مجالات أخرى؛
– القطيعة مع الأجهزة المفاهيمية المؤسسة لسياق لم تعد لمعالمه صورة في الحاضر رؤية ولغة؛
– تغيير التمثلات المترسبة في أذهان الأفراد بما يساهم في تكسير الصور النمطية لمهام وأدوار الرجال والنساء، عن طريق المناهج التربوية والإعلامية؛
– مرافقة مراجعة مدونة الأسرة بسياسة عمومية كفيلة بالنهوض بحقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية.
التعليقات مغلقة.