أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الحرب الباردة للسيطرة على بيانات العالم ( صراع الجيل الخامس)

بقلم : صبرينة مسعودان
  لطالما كانت التكنولوجيا عاملا إستراتيجيا في صراع القوى العظمى. سواء من ناحية التهديد  لحياة الإنسان في ساحة المعركة أو في السباق للتفوق الثقافي . في ظل وباء الفيروس التاجي و الصراعات السياسية الحالية بين الدول و إنشغال البلدان العربية بأزمات التطبيع مع الكيان الصهيوني . تتسارع الصين والولايات المتحدة الأمريكية في شن الحرب الباردة، هذه الحرب لا تتعلق بالاسلحة المتقدمة أو السعي لغزو الفضاء بل تدور حول معركة طويلة ومملة على تكنولوجيا الإتصالات السلكية واللاسلكية المتقدمة،  معركة تجارية وأمنية وسياسية في نفس الوقت.
 مع نهاية هذا العام أصبح للصين أكثر من نصف مليون من أبراج محطات ال 5g الأساسية في طريقها للوصول الى 5 ملايين . وهو إرتفاع سريع جدا لحملة البنية التحتية الجديدة، التي تهدف الى تعزيز التكامل العميق لانترنت الأشياء والإقتصاد الحقيقي ، مما يتيح إتصالا أسرع لمئات الملايين من مستخدمي الهواتف الذكية. في المقابل تمتلك كوريا الجنوبية معدل إختراق بنسبة 10% لإستخدام ال 5 g . وهو الأعلى عالميا .
   أصبح صراع ال5g أكثر ساحات المعارك إحتداما، حيث تسعى الولايات المتحدة لمنع إستخدام الصين من صنع المعدات في الشبكات الخلوية المتقدمة، خاصة تلك التي تنتجها شركة هواوي الصينية.
 إشتدت الحرب منذ مايو 2019 ، عندما  أعلنت وزارة التجارة الأمريكية لأول مرة أنها ستمنع هواوي من الحصول على أشباه المواصلات التي تعد المنتج المباشر للتكنولوجيا و البرامج الامريكية. لكن جاء الرد قويا من الصين و هددت هي الأخرى بإتخاذها إجراءات ضد الشركات الأمريكية التي تَعتبٍرها كيانات غير موثوقة ، و فرض قيود على علامات تجارية مثل apple و boeing.  كرد مباشر لعدة هجمات ناحيتها، تطاولت من الولايات المتحدة وصولا الى الاتحاد الاوروبي. خاصة أن الولايات المتحدة تنتهج سياسة التهديد الأمني لكل من  ينخرط في نهج الاتصالات الصيني، كنوع من أساليب الضغط إتجاه الصين. حيث هددت بقطع التعاون الإستخباراتي مع الدول التي تقوم بتثبت البنية التحتية للاتصالات الصينية على أراضيها.
   تعاظم نزاع الجيل الخامس بعد إنضمام العديد من الدول لساحة المعركة ضد الترسانة الصينية في صناعة معدات  الاتصالات حول العالم. نجد في الجانب الصيني هواوي التي تسيطر على قرابة 40 %من حجم السوق، و شركة ZTE   التي تعد من الشركات المتقدمة جدا في إنشاء التكنولوجيات الحديثة. بينما في الطرف الاخر نجد التحالف الغربي من 30 شركة على رأسه google ومايكروسوفت و ericsson السويدية و NOKIA الفلندية و samsung لكوريا الجنوبية و IPM و ITNT و فودافون بالإضافة الى كوالكوم  و شركات أخرى،  يسارعون الزمن  لتحقيق هدفين : أن يتم توفير إكتفاءها الذاتي و أمنها السيبراني القومي ، و أن تلعب دورا أبعد عن حدودها في مد هذه الشبكات. كما يوجد حاليا أكثر من 25 شركة إسرائيلية تعمل في تكنولوجيا الإتصالات ذات الصلة ب ال 5g ، بداية من الشركات العملاقة مثل INTEL .
 يقول الباحث سيغيف المتخصص بالصين في معهد دراسات الأمن القومي ومقره إسرائيل. أن الصينيين يبذلون جهودا كبيرة للتسلل إلى السوق الاوروبية ولا يخشون تهديد الدول الكبيرة مثل المانيا والمملكة المتحدة بالعقوبات. كما أن هواوي تمكنت من تجنيد روسيا التي تتمتع برؤوس مع الولايات المتحدة إلى جانبها، مما يسمح لمزودي الشبكات الخلوية المحلية بنشر البنية التحتية الصينية في موسكو . ويتابع سيغيف قوله أن اسرائيل وجدت نفسها وسط صراع القوى العظمى، فهي الحليف الأكثر ولاءا للولايات المتحدة بينما من الناحية الاخرى تحاول الحفاظ على علاقتها الدقيقة مع السلطات في بكين خاصة بما أنها على بعد لحظات من نشر البنية التحتية للجيل الخامس في جميع أنحاء البلاد.
  للصين فرصة كبيرة في تمهيد الطريق لتنفيذ أجندة سياستها الصناعية بقوة دون تدخل من النقد بشان الاعانات والمنافسة غير العادلة. لأن برامج بكين تُعَد المحطات الأساسية الكبيرة، بمثابة صواميل ومسامير لبناء شبكات ال5g . وبالتالي سييطرتها على حلبة المعركة في الوقت الراهن، لكن تبقى كل التوقعات واردة حول من يقود في النهاية و يصبح الاقوى مَن يمتلك المعلومات أكثر، وجامع البيانات الأكبر، حامل ال big data. و مِنه إمتلاك بيانات العالم باسره .
   بطبيعة الحال البنية التحتية للشبكات الخلوية ذات أهمية كبيرة، كونها تحتوي على البيانات العسكرية و البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي . و الدولة التي تسيطر على البيانات الرقمية تمكنها من تخزين بيانات الجيش لجميع البلدان مما يساعدها في شن هجمات الكترونية على البنية التحتية للاتصالات لكل دولة. وهكذا تصبح لديها القدرة على شن هجوم دولي قومي بكبسة زر واحدة! أمر خطير جدا ومهول . لا يكمن في السيطرة على البيانات فقط بل له بُعد آخر يشمل الجنس البشري و الحياة النباتية والحيوانية .
 فقد أكد العلماء إستنادا على تجارب و أبحاث من ثمانينات القرن الماضي .وجود آثار بيولوجية و صحية ضارة من التعرض لترددات راديوية (rfr) بكثافة منخفضة، حتى الأبحاث التي إستندت إلى الإشعاع للتردد اللاسلكي الذي إعتمدته الفيدرالية في اواخر التسعينات، أظهر تغيير سلوكي في الفئران المعرضة للاشعاع. كما أوضحت الدراسات في منشورات علمية أن المجالات الكهرومغناطسية تؤثر على الكائنات الحية، و تشمل تأثيرات زيادة خطر الإصابة بالسرطان، الإجهاد الخلوي، الأضرار الجينية،  التغيرات الهيكلية و الوظيفية في الجهاز التناسلي و عجز التعلم و خلل في الذاكرة و الاضطرابات العصبية.
وبالتالي كمية الإشعاعات المنبثقة من أبراج الجيل الخامس تشكل مخاطر جينية فعلية على الكائنات الحية.
  و خِتاما لما تقدم فإن التطور التكنولوجي يبقى عملة لوجهين مختلفين ،لعل الوجه البارز فيها هو الهالك للبشرية، و تزداد مدى خطورته بتعدد الميادين التي يمسها، والمِثال البسيط على ذلك هو لَعِب الولايات المتحدة الامريكية لعبة الشطرنج ضد الصين حول السيطرة على شبكة الجيل الخامس، ضاربين عرض الحائط الأثر الجسيم لإستقرار الحياة الدولية و صحة الكائن الحي، سواء بخلق فيروسات أو عمل شبكات رقمية تهدد الأمن القومي إما بالسيطرة على الكائن البشري أو إنقراضه ، فمن ياترى سينظم غدا للموكب ناحية هلاك العالم!.

التعليقات مغلقة.