أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الخائنات الجميلات…

بقلم الباحثة/ سمية

لعبت الترجمة دورا رياديا في تلاقح الثقافات، فكانت جسرا وقنطرة لعبور مختلفها وتواصلها فيما بينها، وليس هذا فحسب بل لنسج علاقات التبادل السياسي والتجاري إضافة إلى الثقافي الذي هو لب الجوهر المقصود.. لقد ربطت أواصر العلاقات في مختلف المجالات.

وفي كتاب “ضيافة الغريب في ترجمة الشعر العربي الحديث” للدكتورة خديجة الشرقاوي الخطابي نسافر فكريا قرون غابرة، عبر الزمن لحضارات قديمة بدءا باليونان حيث انطلقت الترجمة وكانت المهد الأول لهذا النشاط الإنساني، كما تحدثت عن مراحلها ونماذجها، غير أنها كانت مثار جدل بين مؤيد ومعارض بين مفكرين وفلاسفة وشعراء، فهناك من يقر بإمكانية وجودها وهناك من يعتقد غير ذلك، وفي ترجمة الشعر خاصة، نظرا لاختلال المعاني ولما تحمله من استعارات ومجازات ووزن وقافية..، ومن ذلك نجد الجاحظ الذي يقر ويرفض وبشكل كبير بعدم إمكانيتها، باعتبارها خيانة للمعاني وبالتالي اختلال القصيدة شكلا ومعنا، فحين نجد من الشعراء والمفكرين من انكب على ترجمة الأشعار وسبر أغوارها فجاءت القصائد في أجمل حلة وبإبداع آخر زاد القصيدة بهاء وجمالا، ومن ذلك أرتور رامبو وشارل بودلير وغيرهم كثير ممن ترجموا وتُرجم لهم، وكانت لترجماتهم صدى في الترجمة العربية، وعلى سبيل المثال لا الحصر“فصل في الجحيم لرامبو” الذي توغل في عوالم الرمز والغموض، وإتيانه بالجديد والإثارة في اللغة، وقد سعى من ذلك التعبير عن الحياة في حركتها الإيقاعية خارج الزمان والمكان.. أما عن بودلير فقد تميز بالجمع بين التهويل المصطنع والجد العميق.

ما جعل الأستاذة خديجة الشرقاوي تعتبر الترجمة الشرفة التي أطل منها العربي على عالم آخر مغاير، وبالفعل فقد كانت كذلك النافذة التي فتحت آفاق كثيرة على العالم وسببا في الانفتاح والاطلاع على ثقافة الآخر “الغريب” الذي هو في ضيافة، وقد استطاعت المؤلفة أن تحيطنا بجميع التيارات والتجارب الأجنبية التي أثرت في الشعر العربي، وبلغة عميقة ومميزة.

التعليقات مغلقة.