أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

” الخطيرة “: مرآة البؤس المغربي

فؤاد زويريق

يحمل كتاب ” الخطيرة ” للممثلة المغربية لبنى أبيضار بين طياته واقعا صادما لم أستطع مجاراة أحداثه.. الكتاب عبارة عن مأساة ومعاناة وآلام فتاة شابة وممثلة ذنبها انها ولدت امرأة في مجتمع يقلل من شأنها ولا يعترف بها، وخطيئتها الكبرى انها خيبت امال والدها فخرجت الى هذه الحياة انثى بينما هو ينتظر مولودا ذكرا. الذكورية التي عانت منها لبنى بدأت على يد والدها الذي لا يشبه كل الآباء والذي من المفروض ان يكون ملاذها والحضن الآمن الذي تلجأ اليه وقت الضيق، فقد رافقتها من صغرها الى كبرها ومازالت الى الان تعاني من تبعاتها.

صعب ان تكوني عاهرة في الواقع والأصعب ان تكوني ضمن طاقم يؤدي دوره في عمل فني، المجتمع لن يرحمك أبدا، ونظرات الناس ستقتلك، وهمسات اخوانك وأخواتك في الفن ستعذبك، لن يسامحك أحد ولن يغفر لك، سيقاطعونك وستبقين منبوذة، ستعانين بسببهم وبسبب افكارهم كما عانيت في طفولتك، لن يُقدروا انك ولدت بئيسة وعشت طفولة كلها حرمان وتعاسة، بل سيتناوبون ويتنافسون على تعذيبك أكثر ، وكل ما سيتبقى لك في هذا العالم هو ”الحمام البلدي” كحاضنة تفرغين فيها نكساتك وتطهري فيها جسدك وروحك، وربما ستهربين من الناس لتكلمي القمر والنجوم.

الكتاب يضم بين دفتيه العالم الداخلي والشخصي للبنى، لكنه يحيلك مرغما على العالم الخارجي الذي يجمعنا ككل في قالب واحد يسمى المجتمع بكل تناقضاته وبشاعاته، يكفي ان أشير حتى نتعرف على ماتعيشه لبنى من اكراهات نفسية خطيرة ، كنا بشكل أو باخر سببا فيها، انها تقضي أمتع الأوقات وأحسنها في دورة الماء، وتعتبره المكان الأنسب للراحة والاسترخاء الى درجة انها  تحتفظ بصور احبتها رفقة المقربين منها على جدرانه… الكتاب ليس سيرة ذاتية كما يظن البعض او الكل، بل هو مجرد مرآة تعكس بؤسنا، ومحكمة عادلة تحاكم مجتمعنا.

كنت احترم لبنى، لكن من خلال هذا الكتاب زاد احترامي وتعاطفي معاها أكثر وأدركت جيدا معنى ان تولد امرأة في مجتمعنا.

التعليقات مغلقة.