وفي الوقت الذي لا يزال فيه معسكر رئس الدولة يحظى بالثقة في تجسيد وعود الحملة الانتخابية على الرغم من بعض التعديلات، يسود الشك داخل صفوف المعارضة التي تعبر عن رفضها للتوجه الحكومي.
فالانتقادات التي وجهت على عدة جبهات، من بينها إصلاح مدونة الشغل ، انتهت بتبديد الحماس الذي ميز الأسابيع الأولى من الولاية الرئاسية ، وهو ما أثر سلبا على شعبيىة رئيس الدولة التي ما مافتئت تتراجع شهرا بعد شهر.
كما أن استقالة رئيس هيئة الأركان عقب الإعلان عن خفض ميزانية الدفاع والتدابير المعلنة المتعلقة بالإئتمان الخاص بالجماعات الترابية وإعانات السكن والوظائف المدعمة ودعم القدرة الشرائية للأجراء، كلها زادت من حدة الانتقادات الموجهة للسلطة التنفيذية بين إكراهات الميزانية والرغبة في تنفيذ وعود الحملة الانتخابية.
وبالنسبة لرئيس معهد استطلاع الرأي أودوكسا جايل سليمان ” فإن الصعوبات الحقيقية تحصل والمخاطر الحقيقية المتمثلة في حدوث قطيعة مع الرأي العام حاضرة”.
غير أن المخاوف المعبر عنها تتناقض مع الثقة السائدة في معسكر رئيس الدولة ، حيث أكد عزم السلطة التنفيذية القيام بالإصلاحات التي من أجلها تم انتخاب إمانويل ماكرون في سابع ماي الماضي بنسبة 66 في المائة من الأصوات.
واقتناعا بهذه الاختيارات يبقي الرئيس ماكرون على هدف إجراء قبل صيف 2018 ، مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يتضمنها برنامجه والذي مافتئ يؤكد على تحقيق الانسجام على أسس جيدة.
وجدد الوزير الأول إدوارد فيليب ، الوفي لهذا التوجه، أول أمس الاثنين مرة ثانية هذه الثقة التي يحظى بها المعسكر الرئاسي، مشددا على ضرورة توضيح للفرنسيين انسجام الإصلاحات المستقبلية.
وأكد عقب منتدى الدخول الذي عقد في قصر الإليزي، بالقول “نحن على يقين أن البلاد في حاجة إلى تحولات و الفرنسيون يعرفون ذلك”.
وأضاف رئيس الحكومة الفرنسية “سندخل في المرحلة ويمكننا تغيير بشكل عميق السياسات العمومية”.
وشدد عقب هذه الندوة المنظمة حول رئاسة الدولة ، أن ما نريده هو أن يفهم الفرنسيون بشكل تام ليحكموا فيما بعد ، على كل ما نريد القيام به “.
وفي ظل هذا المناخ من التعبئة، تستعد الحكومة إلى تقديم غدا الخميس ، أي غداة انعقاد مجلس الوزراء الذي يعتبر مهما ، التعديلات المزمع إدخالها على مدونة الشغل ، باعتباره الإصلاح الأكثر حساسية منذ بداية السنوات الخمس.
وكان الرئيس ماكرون قد أكد، لطمأنة أولئك الذين يخالفونه الرأي أن “هذا الإصلاح لا يعني تقويض الحقوق الاجتماعية ، بل سيتيح إمكانية خلق اقتصاد يتكيف مع دورات ووقائع قطاع وتحدياته، وليس صلبا يدمر اقتصادنا في بعض اللحظات”.
وبالرغم من ذلك، فإن بعض النقابات يمكن أن تتبع نهج الاتحاد العام للشغل الذي سبق أن دعا إلى التظاهر يوم 12 شتنبر. كما لا تستبعد النقابات الطلابية (فاج) و (أونيف) القيام بالتظاهر.
هذه المعطيات توحي بالاحتقان الاجتماعي الذي يلوح في الأفق في الوقت الذي يشحد فيه المعسكر الرئاسي طاقته لتنفيذ على أكمل وجه الأجندة الحافلة بحلول الصيف القادم .
وقال الرئيس ماكرون لوصف الروح التي ينبغي أن تسود الحكومة في هذه المرحلة المهمة من ولايته الرئاسية أن ” البعض يتوقع أن يحدث الأسوء . لابد من عدم الاستسلام و البعض قد يتمنى ذلك ، وإذا كنا هنا فمن أجل العمل وبعزم “.
أمينة بلحسن : م.و.م.ع.أ
التعليقات مغلقة.