الدروس الحسنية.. نمودج مغربي متفرد لإعلاء شأن العلماء
حمزة غطوس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء”.
إلتزم أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، منذ أن ولاه الله مقاليد الحكم والأمور بالمملكة المغربية، خلفا لوالده المنعم الحسن الثاني طيب الله ثراه، بالحفاظ على إرث الدروس الحسنية المنيفة خلال شهر رمضان الأبرك، والتي انفرد بها المغرب، عن باقي دول العالم العربي والإسلامي، وجعلت منه قبلة لكل المثقفين ورجال العلم والفكر الإسلامي من شتى أنحاء العالم.
وطبعت، هذه السُنّة الحميدة التي دأب عليها جلالته في الأذهان صورة مشرفة يعتز بها كل المسلمون، لما تكتسيه هذه المجالس من جلال ووقار، بالحضور الفعلي لصاحب الجلالة دام علاه، محفوفا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وأفراد الأسرة الملكية الشريفة، وكذا حضور السادة الوزراء في حكومة جلالته، والسادة سفراء الدول الإسلامية المعتمدين بالمغرب، وعدد من الشخصيات المغربية المرموقة: مدنية وعسكرية، إضافة إلى عدد من رجالات العلم والثقافة والفكر من المغرب والخارج.
وقدم العلامة الشيخ عبد الفتاح أبوغدة، للراحل الحسن الثاني، شهادته في الدروس الحسنية قائلا: “ولقد تفردتم في هذا العصر من بين الملوك والرؤساء بهذه السنة الحسنة وهذا الفضل الفريد وتفردتم أيضا بأنكم حين تجمعون العلماء، تجمعونهم لإعزازهم ورفع مقامهم وإعلاء شأنهم، تجمعونهم وتجلسون بينهم متواضعين صاغين مجلين معتقدين بقداسة ما يقولون من كتاب وسنة وفكر إسلامي صحيح سلفي أو خلفي فأنتم بينهم في مقام الشهود لهم بصدق ما ينقلون وحق ما يقولون”.
وشارك رموز وقامات كبار في العالم العربي والإسلامي، من مختلفة المذاهب والتيارات الفكرية في جلسات الدرس الحسني، حيث حضر كل من أبو الأعلى المودودي والشيخ محمد متولي الشعراوي والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي و الشيخ محمد سيد طنطاوي ورئيس جمهورية السودان السابق عمر البشير مرورا بالشيخ يوسف القرضاوي وشيخ الأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية سابقًا جاد الحق علي جاد الحق و الدكتور عبد الصبور شاهين ورئيس دولة المالديف السابق مأمون عبد القيوم الذي ألقى سنة 1993 درسا أمام الملك الحسن الثاني، حول “الاجتهاد وضرورته الملحة لمعالجة القضايا المعاصرة”.
وترأس أمير المؤمنين، خلال رمضان 1444هـ- 2023م، سلسلة من خمس دروس حسنية، تناولت مواضيع مختلفة، وعالجتها انطلاقا من آيات الله وسنة نبيه، وألقاها بين يدي جنابه الشريف صفوة من علماء المغرب والعلماء الضيوف المشاركين.
وافتتح السيد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السلسلة بتقديم أول الدروس متناولا موضوع “ثمرات الإيمان في حياة الإنسان”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة النحل “من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.
وألقى الدرس الثاني، بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ محمد رضوي بن محمد إبراهيم، رئيس جمعية علماء سريلانكا، متناولا بالدرس والتحليل موضوع: “كيف نكون أمة مثالية في ضوء الكتاب والسنة”، انطلاقا من الحديث الشريف: “الناس معادن كمعادن الفضة والذهب فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا”.
وقد حضي، الأستاذ محمد مشان، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بالدار البيضاء، بشرف إلقاء الدرس الثالث، بين يدي أمير المؤمنين، متناولا بالدرس والتحليل موضوع: “فضل الاعتصام بحبل الله المتين وبسنة سيد المرسلين”، انطلاقا من الحديث الشريف رواية عن الإمام مالك رحمه الله أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه”.
وقدّم الأستاذ عبد الرحمن إبراهيم زيد الكيلاني، عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية،إلى أمير المؤمنين، رابع الدروس، متناولا بالدرس والتحليل موضوع : “مقاصد القرآن الكريم وبناء المشتركات الإنسانية الجامعة”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة الحجرات : “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”.
واختتم الأستاذ أبو بكر الزبير مبوانا، مفتي تنزانيا، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ورئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجمهورية تنزانيا، هذه السلسلة، متناولا بالدرس والتحليل موضوع: “رمزية إمارة المؤمنين وحضورها في الفكر الديني لدى علماء شرق إفريقيا: تنزانيا نموذجا”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة النساء: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”.
التعليقات مغلقة.