الذكرى المئوية لميلاد “حيدر علييف” الزعيم القومي ومؤسس “أذربيجان” الحديثة
بقلم الدكتور سيمور نصيروف: رئيس الجالية الأذربيجانية في مصر
يحتفل الشعب “الأذربيجاني”، هذه الأيام، بالذكرى المئوية لميلاد “حيدر علييف“، الزعيم القومي ومؤسس “أذربيجان” الحديثة، الذي حولها من التفكك والتشرذم إلى الوحدة والاستقرار، ومن الفقر والتخلف إلى التقدم والازدهار في كل مناحي الحياة، فأصبح، بحق، مؤسس نهضة “أذربيجان” الحديثة.
وقد أصدر الرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف” مرسوما بشأن إعلان عام 2023م “عام حيدر علييف” في جمهورية “أذربيجان”.
وأنا كشاهد عيان قد عشت في الحقبة الزمنية، بداية تسعينيات القرن الماضي، بما تراءى لي من فوضى عارمة في “أذربيجان” اقتصاديا واجتماعيا.
وقد شاهدت تلك الفوضى مع من كان في سني في أيام الاستقلال من “الاتحاد السوفياتي”، وبعده الاحتلال “الأرميني” للأراضي “الأذربيجانية”.
وكان هذا الزعيم القومي دائما يكرر ويدعو “أرمينيا” إلى ترك الأراضي “الأذربيجانية“، و يدعو إلى السلام، وكانت وصيته لابنه الذي انتخب بعده رئيسا للبلاد، فخامة الرئيس “إلهام علييف” أن يكون شغله الشاغل في المقام الأول هو إنهاء الاحتلال “الأرميني” للأراضي “الأذربيجانية”.
وقد تحقق الآن ما كان يدعو إليه، ونفذت وصيته، بعدما خاض “أذربيجان” ثلاث عقود من المفاوضات لإنهاء الاحتلال بطرق سلمية، إلا أن “أرمينية” أبت إلا أن تسير في طريق الحرب.
وفي هذا الشأن فقد خاضت “أذربيجان” الحرب نهاية عام 2020 مدة أربعة وأربعين يوما لاستعادة أراضيها المعترف بها من قبل جميع دول العالم، وانتهت هاته الحرب بوساطة “روسية”، وإبرام اتفاقية بين “أذربيجان” و”أرمينيا” قضت بإنهاء الاحتلال وخروج “أرمينية” من الأراضي “الأذربيجانية”.
ودائما ما تسعى “أذربيجان” للوصول إلى اتفاقية السلام الشامل مع “أرمينيا” حتى يعم السلام المنطقة، ويساهم في تحقيق التقدم والازدهار.
نبذة مختصرة عن الزعيم القومي حيدر علييف
وُلد “حيدر علي رضا أوغلو علييف” في 10 مايو 1923 في مدينة “نخجوان” العريقة في “أذربيجان“، وتخرج من دار المعلمين الابتدائية، وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره، قدم إلى “باكو”، والتحق بمعهد الصناعة “الأذربيجاني” ليصبح معماريا.
إلا أن الحرب العالمية الثانية أبعدته عن المعهد لفترة زمنية، حيث مثلت هذه الفترة مرحلة صعبة من حياته.
وفيما بعد، تخرج “حيدر علييف” من كلية التاريخ بجامعة “أذربيجان” الحكومية، إلى جانب حصوله على شهادة التخصص في مجال عمله في جهاز أمن الدولة “الأذربيجانية”.
عُيِّن “علييف” عام 1964 في منصب نائب رئيس لجنة أمن الدولة، ومنذ عام 1967 شغل منصب رئيس لجنة أمن الدولة لدى رئاسة الوزراء في جمهورية “أذربيجان”.
خلال هاته الفترة تم منحه رتبة “لواء”، وقد شكل ذلك حدثًا تاريخيًا لكل أبناء الشعب “الأذربيجاني”، فلم يسبق أن تم تعيين شخصية “أذربيجانية” لمثل هذا المنصب إبان حكم “الاتحاد السوفييتي”.
إدانة لتعذيب الجنديين الأذربيجانيين الأسيرين على يد أرمينيا ومطالبة بإدانة دولية للجريمة
في يوليو 1969 تم انتخاب “حيدر علييف” أول سكرتير للجنة المركزية للحزب الشيوعي “الأذربيجاني”، ومنذ تلك الفترة أصبح قائدًا لجمهورية “أذربيجان” بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة في ظل الحكم “السوفييتي”، وقد استمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982.
لن ينسَى الشعب “الأذربيجاني” إنجازاته في مجال العمران وبناء المراكز الصناعية العملاقة الحديثة، والتي لا مثيل لها في دول “الاتحاد السوفييتي” السابق، فضلًا عن افتتاح المراكز العلمية والثقافية، وإنشاء المدن والقرى والحواضر الجديدة.
في ديسمبر من عام 1982 انتخب “حيدر علييف”، عضوًا للمكتب السياسي للحزب الشيوعي “السوفييتي”، وعين لمنصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في “الاتحاد السوفييتي”، وشكَّل ذلك نقلة نوعية كبيرة في تدرجه السياسي، إذ أصبح يشغل منصبًا كبيرًا ومهما في الحزب الذي لا يقل عدد أعضائه عن 22 مليون شخص، ليتم انتخابه بعد ذلك عضوا للقيادة العليا للحزب من بين 21 عضوًا.
وشكَّل انتخاب أول “أذربيجاني” للمكتب السياسي حدثًا مهمًا في تاريخ الشعب “الأذربيجاني”.
ثم بعد أن انهار “الاتحاد السوفييتي”، حصلت جمهورية “أذربيجان” على استقلالها مرة أخرى، حيث تم انتخاب “حيدر علييف” رئيسًا لبرلمان “أذربيجان” في 15 يونيو من عام 1993، وفي 24 من نفس الشهر بدأ بقرار من البرلمان ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية.
وقد تم انتخابه رئيسًا للجمهورية عبر استفتاء شعبي عام نظم في أكتوبر من عام 1993، ليعاد انتخابه لفترة رئاسية الثانية عام 1998.
توفي المغفور له، الزعيم “حيدر علييف“، عام 2003 عن عمر ناهز 80 عامًا، وبهذه الإنجازات الكبيرة فقد سجل اسمه في تاريخ “أذربيجان” بماء من ذهب.
وحياة هذا الزعيم تحتاج إلى موسوعة كاملة لتوثيقها، فكل جانب من سيرته الحافلة بالعطاء بمثابة إرث وطني ومفخرة للشعب “الأذربيجاني”، فقد صنع التاريخ المعاصر ل”أذربيجان”.
وأنا أكتفي بهذا القدر ومن أراد الاستزادة فعليه بالرجوع إلى المؤلفات العديدة التي كُتِبَت عنه بلغات عدة، ورحم الله الزعيم القومي الأذربيجاني “حيدر علييف” رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته!
إدانة لتعذيب الجنديين الأذربيجانيين الأسيرين على يد أرمينيا ومطالبة بإدانة دولية للجريمة
التعليقات مغلقة.