أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الرد الكافي والشافي، شكرا لمعالي سفير‎ المغرب لدى الأمم المتحدة‎

د حنان أتركين

عضو لجنة الخارجية بمجلس النواب

 

معالي السفير عمر هلال، أتابع مداخلاته منذ مدة، يعجبني هذا الشخص بهدوئه، وبحجته، وبجرأته، وبتمرسه على إفحام صحافة الطلب والاسترزاق؛ فيجيب بجأش، وبأدلة، فيقلب كيد الكائدين، ويرد عليهم سحرهم، ولا يفلح الساحر حيث أتى؛ فحين يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلن تنتظر سوى العطاء المناسب أيضا.

هذا الشخص يعكس خيارات ومنهج الديبلوماسية المغربية كما وضع أسسها ومنهجها جلالة الملك؛ ديبلوماسية هادئة، معززة لحضور المغرب، بخطاب ولغة واضحة واثقة، تنقل للآخر صورة بلد للمؤسسات وللديمقراطية ولحقوق الإنسان؛ بلد لا يعطي دروسا للغير، لا يتدخل في ما لا يعنيه، محترم لجواره، لا أطماع له فيها ماضيا وحاضرا ومستقبلا، لكنه بلد حريص على استقلال قراره السيادي، حريص على وحدة أراضيه، حريص على كرامة مواطنيه، حريص على عزة رموزه الوطنية والدينية.

وتأبى ديبلوماسية “البلد القارة”، و”الدولة العظمى”، عبر ممثلها، إلا أن تسمع ما لا يرضيها من الرجل، الذي تأفف وتعفف في الخوض، في الحرمات، فدُفع إلى ذلك دفعا، وأُجبر على إشهار “الحقيقة” المرة، في وجه فضول محاوره، فذكره، لعل الذكرى تنفعه، بفضيلة “الصمت”، والكف عن الحديث في ما لا يعنيه، وتابع بأن وضح له ما يعني “التمثيل”، وما يعني الحديث باسم آلاف الصحراويين الوحدويين الذين يعيشون في صحراء بلدهم، مقابل “شرذمة” ضيقت عليها الجزائر في مخيمات الذل والعار، وجعلتها أسيرة متاجرة رخيصة لمأساتها.

يستفيض السيد السفير، والأناقة لا تفارقه لباسا ولغة، بأن ذكر “العسكرتارية” بمسؤوليتها التاريخية في نزاع مفتعل، عطل بناء مشروع الوحدة المغاربية، الذي حلم به الأجداد ويطمح إليه الأحفاد، وأنها طرف “رئيس”، معددا له الشواهد التاريخية والواقعية على ذلك، فاضحا جهله “بتاريخ ديبلوماسية بلده”، وإمعانا في الحجة، ذكره بأن الحرب الدائرة في الصحراء يقودها، مع الأسف “الجيش الجزائري” الذي أسرت منه القوات المسلحة الملكية الباسلة أعدادا، تشهد على ذلك محاضر وإحصاءات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفضحا لتهافت “لخطاب الأخوة”، وشعارات “خاوة خاوة”، الخاوية الفارغة.

وأضاف من خلال سرده لوقائع طرد المغاربة غداة المسيرة الخضراء، دون مراعاة حرمة الشهر ولا مناسبة العيد، والحدود المغلقة الوحيدة في العالم الذي تنشد كل مكوناته حرية تنقل الأشخاص والرساميل.

 

لا نعول كثيرا على رُشد المحاور، فهو ليس سوى بوق لأسياده من العسكر، ينفد أجندتهم، ويردد “ببغاوة” خطابا لم يعد ينطلي على أحد، وبيان مؤتمر مراكش الأخير كان أحسن رد عليه، لكن حجة الخطاب، وقوة مضامينه، ورجاحة دليله كان العالم هو المعني بها، العالم الذي غير نظرته إلى موضوع وحدتنا الترابية، العالم الذي تخلص من ترسبات الحرب الباردة، ورشاوي البترول، وديبلوماسية الكواليس، وصفقات الظلام، وتواطئات تجار الأسلحة.

العالم المتحدث للغة الحقوق، وللمعايير الدولية، ولقواعد الحكم الرشيد، ولمدنية السلطة، لن تجد فيه “الجزائر الجديدة”، ولا “جزائر لم الشمل” مكانا لها، إنها تضيع الزمن الثمين، ومقدرات الشعب على قصر من الرمال تجرفه بانتظام رياح “الرابوني”، وسمعة سجن “الرشيد”، والمتاجرة في المساعدات الغذائية، والمشاريع الإرهابية التهريبية، وغنى أثرياء الحرب.

فالحقيقة تبقى ساطعة، وإن حجبتها غشاوة التلبيس والتدليس لبرهة، فموعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب.

 

 شكرا لمعالي السفير، فقد تحدثت فأجدت، وناظرت فأقنعت، وجادلت فأحسنت.

التعليقات مغلقة.