أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الرقصة ما قبل الأخيرة

بقلم: الأستاذة مليكة فتح الإسلام

إلى كُلِّ المَعطُوبين ضحايا موجات المُوضة والكمال، إلى أطبَّاء التّجميل، إلى كل الأَثداء والأردافِ التي أخلَفَ المِشْرَطُ وَعدَه بمعانقتها، إلى كل الصَّالحاتِ الباقياتِ على طبيعتهنَّ، إلى العَجَائِزِ اللَّواتِي يُجالسنَ مَاضِيهنَّ يَنظُرنَ باستهجانٍ لحاضرٍ لا يَعترفُ بالتَّقاليد، إلى العَوانسِ اللَّواتي فضَّلنَ مُغادرةَ المحطَّةِ بدلَ انتظارِ قطارٍ قد يأتي مُكتظًّا بالمُتحوِّلينِ والشَّوَاذ، إلى كل المؤمنين بجَدوَى المُصالحة مع الذَّات، إلى القِلَّةِ القليلةِ التي سَتُقلِقُهَا تدوينتي وتُحلِّقُ بها فراشاتُ الفَهْمِ صَوبَ اللَّهَبِ، إلى كل الذين نَجَوْا من الحياة بشَقِّ الأنفُسِ وترجَّلُوا باكِراً قبل أن يَفقدَ العَيشُ مَعناهُ، إليكم جميعا أكتب الٱتي:

     

كُلُّ الذين مَرُّوا على البِالِ ووشَمُوا الخَاطِرَ وإنْ على مَضَضٍ كانُوا شَغُوفِينَ بِتَمشِيطِ ظَفَائِرِي إلى أنْ سَقطتْ أسنانُ مُشطِيَ العَاجِي، إنجلى السواد الأنيق وما فَضَل لدَيَّ من زَنبَقَاتٍ بَيضَاءَ خَضعتْ لِلرِّيحِ تُطَيِّرُهَا كمَا شاءَ لها أن تَفعلَ، وكُلُّ رُعَاةِ المَبادِئِ الذين شَرِبُوا من قِنَانٍ عَبَّأها شِعرِي، أنْكَرُوا عَلَيَّ مَجَازِي وأنكرُوا على العَالَمِ حُبَّهُ لِلشِّعرِ ولكلامٍ لا يُروَى إلاَّ والنَّاس نِيَّامٌ.

أنكرُوا عليه حُبَّهُ لِمُوسيقَى كَعبِي العَالِي…، لِخَشْخَشَةِ حَلقاتِي المُدوَّرَة التي أهداني إيَّاهَا رجُلٌ يَقفُ على عَتبَةِ شَيخُوخَتِهِ حَائرًا، يَتَمسَّكُ بما تَبقَّى من فُحُولَتِهِ يُلَمْلِمُ تَرَهُّلَهَا، وُيدَاوِي نَزْفَهُ ببطولاتٍ لا أظُنُّهُ نَالَ شَرَفَ خَوضِهَا.

من المُؤَكَّدِ أنَّ للحُبِّ طُرُقاً عديدة في إِذْلاَلِ أَعْتَى الفُرسانِ، وَوَحدَهَا الخُيُولُ الأَصِيلة تبقَى شَامِخَةً.

إنَّ كلَّ الذين شاهدوا رَقصَتِي مَا قبلَ الأخيرة وأنا على شُرفَةِ البَهَاءِ احتِفاءً بسُقُوطِ ٱخِرِ حُصُونِ وقِلاَعِ مُسَيلِمَة الكَذَّاب إفْتُتِنُوا بفستاني الأسود الذي أَلِيقُ بِهِ وإنْ لَم تَلِقِ استِدارَتُهُ بخَصرِي، وتَطلَّعَتْ رفيقاتُ القصِيدِ بِشَغَفِهِنَّ المَعهُودِ إلى طِلاَءِ الأظافرِ وكيف بَدَا مُنسجماً مع سُمرةِ جِلدٍ أَتعَبَهُ خَبْزُ الأرغِفَةِ لأَفوَاهٍ يُبقِيهَا الجُوعُ فَاغِرِةً، كُنَّ  يَنظرن شزْراً إلى حقيبة اليَدِ المُستعارةِ والتي لم يتسنَّى لي الوقت لترتيبِ مُحتوياتِها، وإلى المِنْهَدَةِ حمالة الصدر، الحَمَّالَةُ لِلْأَسَى ولانتكاساتٍ لا يَعلمُها إلاَّ طَبيبٌ أُجْهِزَ عَليهِ بتُهمةِ ممارسة الجمال. 

أنا أيها القارئ الفارُّ من مطبَّاتِ الكتابة لا أحاول أن أنصب لك فخًّا إبداعياً،  لأنني بكل بساطة لا أكتبُ ولكنِّي أنزفُ، ولا أتَبَيَّنُ مكان النَّزفِ لِأُنْقِذَني فهلَّا أرشدتني…

التعليقات مغلقة.