أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الزواج المغربي: مؤسسة الصبر والتفاهم وحماية الخصوصية من تدخلات الآخرين كفى من نشر حياتكم للناس

بدر شاشا

الزواج المغربي يعتبر من أعرق المؤسسات الاجتماعية التي تحمل في طياتها قيم التضحية، الصبر، والتعايش. غير أن هذه المؤسسة تواجه تحديات كثيرة في العصر الحالي، ويكمن أحد أهم هذه التحديات في التأثير السلبي للآراء الخارجية، سواء كانت من الأصدقاء أو العائلة أو حتى من المجتمع ككل.

فالعديد من العلاقات الزوجية تتعرض للانهيار بسبب الإنصات غير المتزن لنصائح تأتي من أشخاص قد لا يدركون حقيقة ما يجري داخل العلاقة الزوجية. فالشيطان يكمن في التفاصيل، وكم من شياطين تدخلت عبر الكذب والخداع لتقضي على أسر بكاملها.

صديقتها قد تكون سبب طلاقها، صديقتها التي ربما لم تعش نفس ظروفها ولم تفهم ديناميكية العلاقة التي تجمعها بزوجها. إنها النصائح العمياء التي تهدم ولا تبني، النصائح التي تأتي عادة من منطلقات شخصية أو مصالح ضيقة.

وفي بعض الأحيان، تكون النصائح نابعة من غيرتها أو حكمها القاصر على الوضع. وهنا تكمن المشكلة الكبرى في أن الزوجة أو الزوج قد يستمعون لصوت خارجي يخبرهم بما يجب أن يفعلوه، في حين أن حل المشكلة قد يكون أبسط بكثير لو أنهما جلسا معًا وتحدثا بصدق وهدوء.

يوم عليك ويوم على شريك حياتك، هذا هو جوهر الزواج. إنه رحلة طويلة من الصبر والتفاعل المشترك، حيث لا يمكن لأي علاقة أن تستمر دون تقديم التضحيات من كلا الطرفين. فالزواج ليس دائمًا ورديًا ولا هو دائمًا صعبًا، بل هو توازن بين اللحظات الجيدة والسيئة. الصبر والتفاهم هما المفتاح لتجاوز الأزمات والاختلافات التي تنشأ.

وعندما يحدث خلاف بين الزوجين، لا يجب أن يخرج هذا الخلاف إلى العامة أو إلى العائلة، لأن تدخل أطراف أخرى قد يزيد من تعقيد المشكلة بدلًا من حلها.

الاحترام المتبادل والتقدير هما الركيزتان الأساسيتان في كل علاقة زوجية ناجحة. فبدون احترام، تنهار أي محاولة لبناء علاقة مستقرة. والاحترام هنا لا يعني فقط احترام الطرف الآخر كشخص، بل احترام خصوصية العلاقة وما يجري فيها.

على الزوجين أن يتفقا على أن كل ما يحدث بينهما يجب أن يبقى بينهما، لأنه بمجرد أن يتم إدخال أطراف خارجية في المعادلة، تصبح الحلول أكثر تعقيدًا وتبدأ الآراء المختلفة في التأثير على القرار الصحيح.

المشاكل الزوجية أمر طبيعي في أي علاقة، لكن يجب أن يتم حلها داخل جدران البيت، بين الزوجين فقط. التحدث عن المشكلات مع أطراف خارجية قد يعطي للآخرين سلطة غير مبررة على حياتك الشخصية ويجعلهم يتحكمون في مصير العلاقة. في النهاية، لا يعرف حقيقة الوضع إلا الزوج والزوجة، ولا أحد غيرهما يمكنه تقديم الحلول المناسبة.

إذا كانت هناك قيمة يمكن أن ننصح بها الأزواج، فهي الحفاظ على أسرار العلاقة والابتعاد عن آراء الناس. فكما أن الزواج مؤسسة قائمة على الصبر والتفاهم، فهو أيضًا مساحة خاصة تحتاج إلى الحماية من تدخلات الآخرين.

التعليقات مغلقة.