استعرض وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، الاستراتيجية الجديدة للتحول الرقمي لمنظومة العدالة التي تنكب في مجملها على مبدأ “العدالة في خدمة المواطن”، محذرا في الوقت ذاته من مخاطر هاته الرقمنة على منظومة العدالة.
جاء ذلك خلال ألقاها، وهبي، أمام المؤتمر العدلي الدولي، المقام يومه الأحد 5 مارس 2023، بالعاصمة السعودية الرياض، تحت شعار “مستقبل القضاء في ظل التحول الرقمي”، حيث حذر من مخاطر الرقمنة على منظومة العدالة، معتبراً أن الرقمنة بقدر ما تسهل التعامل داخل العدالة وتسهل الخدمات وخدمة المتقاضين، بالقدر نفسه قد تشكل خطرا على العدالة، وقد تمس بقيم وقناعات تشكلت عبر عقود خدمة للعدل وللمحاكمة العادلة.
وشدد الوزير على عدم إخضاع القاضي للاَلات والأجهزة التي تحدد له قناعاته التي يجب أن يكونها بناء على الكثير من العوامل القانونية والشخصية والذاتية بما فيها تقدير ظروف ارتكاب الجريمة قبل النطق بحكمه.
وفي هذا السياق قال وزير العدل، “الرقمنة مفيدة في تسريع الإجراءات والتدابير وربح الزمن وتسهيل الإجراءات، لكن مخاطرها قد تتجلى كذلك في إلغائها لقيمنا وخصوصياتنا وإنسانيتنا”، مضيفاً: “عندما نعمم حكم الآلة على جميع الحالات، سنلغي دورا هاما ورئيسيا وهو القناعات الشخصية للقاضي قبل النطق بالحكم”.
وبخصوص الرؤية الجديدة للتحول الرقمي التي اعتمدتها وزارة العدل، أكد الوزير أنها تهدف بالأساس إلى رقمنة كاملة لمسار المواطن/ المقاولة وإعطائه الأولوية بالنسبة للخدمات المقدمة.
كما تهدف هاته الاستراتيجية، حسب وزير العدل، إلى توحيد وتبسيط ورقمنة مسارات الإدارة القضائية؛ وتحسين العلاقة مع المواطن وتوفير خدمات مؤمنة وذات جودة عالية وفي أجال معقولة.
وبالإضافة الى ذلك، تروم الاستراتيجية لتعزيز التواصل الإلكتروني مع منتسبي العدالة ومختلف الشركاء؛ وضمان حكامة المعطيات التي تنتجها الإدارة القضائية وتسهيل الولوج إليها.
وفي ذات السياق، أبرز الوزير أنه قد تم نهج مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين، حيث تم تأسيس لجنة خاصة مكونة من ممثلي وزارة العدل، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، رئاسة النيابة العامة، وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية وصندوق الإيداع والتدبير، لمواكبة تنزيل مختلف أوراش التحول الرقمي لمنظومة العدالة. وعرج الوزير للحديث عن مشاريع الرقمنة الأولوية، ذات الوقع الفعلي والفوري على المتقاضين والمواطنين، التي تم الاشتغال عليها وتلك التي يزمع تنزيلها على المدى القريب والمتوسط.
ولنجاح ورش الرقمنة، دعا عبد اللطيف وهبي إلى ضرورة العناية بالموارد البشرية الوطنية المؤهلة والعمل على التكوين المستمر وحماية معطياتنا الخاصة وصيانتها بأطر وبرامج وطنية، وأن لا نبقى رهينة لتقنيات وتقنيين من الخارج.
التعليقات مغلقة.