«كول ما يعجبك والبس ما يعجب الناس». مثل تجسد في الجدل المثار حول ارتداء «الشاب خالد» للزي السعودي، وملابس لاعبة كرة القدم المغربية نهيلة بن زينة، وهذا يدل أن الزي ليس مسألة شخصية، كما يمكن أن يروج لها في المطلق، بل تتجه العيون والانتقادات نحو المظهر أكثر من الجوهر.
ولعل الصورة الأكثر انتشارا على منصات التواصل الاجتماعي العربية، هي للشاب خالد بالزيّ السعودي الرسمي، وأدائه لأغانيه القديمة، التي أرجعته طفلا صغيرا، كما صرح للإعلام.
موجة من ردود الفعل، وربط هيئته، التي قد تشير إلى الورع بأغانيه «غير الورعة» والتي غناها في المملكة، رغم تفاعل السعوديين تفاعلا لا نظير له مع «الكينغ» بطريقة ايجابية.
على صفحة كريم قندولي نقرأ «الشيخ خالد»: «فاجأ فنان الراي الجزائري الشاب خالد الجمهور في المملكة بإطلالة غير متوقعة، أثناء إحياء حفله الغنائي على مسرح الفنان «محمد عبده» في الرياض، ضمن «موسم الجيمرز». ارتدى الزي السعودي التقليدي، ما لفت إعجاب الناس، كما أشعل حماس الجمهور بأغانيه الشهيرة، التي قدمها خلال الحفل». قوبل إعجاب الجمهور السعودي بأغاني «خالد» بغضب، وتهكم بعض جمهور السوشال ميديا ، الذي أطلق وابلا من النقد على «الكينغ»!
على صفحة ايدير دحماني نقرأ «الكينغ يفتح يثرب بلا سيف ولا رمح، المجد لخالد. هزمت الأحزاب وحدك»!
وعلى صفحة يحيى بلقاسم محمد: «العالم الشاب خالد الحاج براهيم في السعودية يعلمهم «البرّاكة» و»البوشي» و»طريق الليسي» و»الديدي» وأخواتها. فرحلة ممتعة».
ومن ضمن الأغاني، التي علق عليها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، «طريق الليسي» أو طريق الثانوية، كتب بلعباس عبد القادر تعليقا مختصرا عن الموضوع: «الشيخ عفوا الشاب خالد يغني. طريق الثانوية كم أتعبني، مرفقا تعليقه بمنشور لنبيل كحلوش، جاء فيه: «70 عاما ما زال يغني طريق الليسي. كون يترجموها لأكثر من لغة أجنبية قادرين يرفعوا عليه دعوى، الكينغ مريض وفي محنة»!
وعن أغنية «الجرح يبرا بالدوا» علق منشط الحفل أن الأغنية تؤصل للثقافة الاستشفائية وأهمية الدواء في حياة المرضى…». (من صفحة قادر بو شريف).
أما الإعلامي الجزائري جمال الدين طالب، فقد ندد بالتعليقات التي طالت ملك الراي، وكتب على صفحته في فيسبوك: في البداية جاءت التعليقات مداعبات عادية ولكن اخذ الأمر بعد ذلك بعدا تهجميا غريبا من بعضهم بكل تناقضات ذلك! وكأن الشاب خالد ارتكب جريمة لمجرد أنه ارتدى لباسا تقليديا سعوديا هو بالمناسبة أقرب مثلا للباس تقليدي جزائري! لبس الشاب خالد قبلها لباسا هنديا حين غنى مع مغنية هندية ولم يثر ذلك أي إشكال! اللافت في تهجم بعضهم على خالد لأنه لبس لباسا عربيا هو أن هؤلاء يعتبرون أنفسهم عربا مع عروبة الجزائر وضد أصلهم الأول الأمازيغي.. بينما من الجهة الأخرى تجد من يقدمون أنفسهم كمدافعين عن الأمازيغية وهاجموا الشاب خالد بخلفية معادية للعروبة لأنه لبس لباسا عربيا! مع أن الحقيقة وأنا أعرف ما أقول بحكم تجربتي هي أن الشعب السعودي فيه أطيب الناس ولدينا أصدقاء منهم والكثرة بتجربتي منفتحين جدا والتقيت حتى من يحب الثقافة والأغاني الجزائرية بما فيه الأمازيغية من سعوديين وخليجيين وعرب آخرين ولا إشكال لهم! المشكلة صراحة جزائرية وفيه ما فيها من أبعاد تأخذ للأسف أشكالا نفسية!
وعلى ما يبدو فإن ارتداء الزي السعودي لم يقتصر على «خالد»، بل شمل «دي جي سناك» وغيرهم، وليس الفنان الجزائري أول من لبس هذا الزي، ولن يكون الأخير، ولا يوجد ما يعيب في ذلك، ما يعيب هو محتوى أغاني الراي، وإن كانت أغانيه نسبيا تشذ قليلا عن القاعدة التقويمية لوزارة الثقافة الجزائرية، التي أرادت أن تمنع الأغاني المبتذلة في الأماكن العامة، بعدما أصبحت البذاءة عالمية بتصنيف الراي، والتصنيف لا يفصل بين المبتذل والورع، ولا يدخل في الشؤون الداخلية للبلدان والثقافات.
الدور على «نهيلة»
وجدت نفسها بين مطرقة العنصريين الرافضين لحجابها، الذي يشكل خطرا على علمانيتهم، وسندان «الفقه الشعبي»، الذي لا يعتبر حجابها شرعيا، وحتى ممارستها للرياضة تجوز.
هكذا أثار ظهور لاعبة القدم المغربية «نهيلة بنزينة» بحجابها، جدلا كبيران بسبب زيها، والذي اعتبره الكثيرين «غير شرعي»، رغم أنها «أول لاعبة محجبة تشارك في كأس العالم، وتفوق فريقها ووصل للدور الثاني للقاء فرنسا. فقام كل العنصريين الفرنسيين – سياسيين ورياضيين – بالهجوم عليها، وانتقاد السماح لها باللعب بالحجاب، يمكن خايفين تهزم فريقهم يوم الثلاثاء المقبل.
رئيس الفيفا هنأها بتفوقها، وكان قد سمح للمحجبات باللعب لأول مرة عام 2014». (من صفحة محمد جمال عرفة). إضافة إلى عنصرية الفرنسيين، أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي حكمها «الشرعي»، وأصبح الجميع «فقيها» في أحكام اللباس، مثلما نقرأ على صفحة «نور الدين موسين على فيسبوك: «ما بال أقوام ستروا الراس بالحجاب والجسد ضاقت به الثياب، آسفي على قوم باعوا الحياء من أجل الحياة»!
ثم أضاف صاحب المنشور: «نهيلة بنزينة، أول لاعبة في العالم والتاريخ تشارك في كأس العالم، وهي لابسة حجاب! الخبر فعلا دار ضجة عالمية، ولكنها ضجة غير بريئة مع الاسفاف، دعونا نتفق على نقتطين مهمتين: اللاعبة حرة في لباسها، تلبس الي تريده، وتتحمل مسؤوليتها مع خالقها، ثانيا إلي لابساه لا علاقة له بالحجاب وقطعا لا. بالنسبة للاعبة نهيلة ما عندها حتى ذنب في ما يثار حولها، الذنب على من سمى لباس نهيلة «حجابا»، ومرر مغالطة حول مفهوم إسلامي واضح».
والمهم في الموضوع، كما كتب سيدي أحمد التجاني حريري: «أجمل ما يمكن أن يقع هذا الأسبوع هو أن تسجل هذه اللبؤة المغربية هدفا في مرمى فرنسا، ردا على الحملات الممنهجة الأخيرة لإعلامها ضد المغرب وضد اختيار «نهيلة بنزينة» اللعب بحجابها.
وأيضا انتقاما لأسود المنتخب في نصف نهاية كأس العالم في قطر، مغاربة ونفتخر، ولا عزاء للحاقدين. ونهيلة بالرغم من الانتقادات، أدخلت الفرحة على أسرتها وعلى المغرب، والانتقادات لا يمكنها أن توقف طموحها.
التعليقات مغلقة.