تمثل المقاولات الصحافية جزءاً أساسياً من النسيج الإعلامي والثقافي للمجتمعات، لكن هناك حاجة ملحة لتوفير الدعم اللازم لهاته المقاولات لتتمكن من مواجهة هاته الاوضاع في ظل التحديات التي تواجهها. فالكثير من هاته المؤسسات القديمة التي تحمل تاريخاً عريقاً وتجارب غنية على وشك الانقراض بسبب نقص التمويل والتنافسية العالية.
تأتي أهمية دعم هاته المقاولات لدورها في تقديم محتوى مهني متنوع يُعبر عن قضايا المجتمع ويعزز من روح الهوية الثقافية. إن تجاهل هذه المؤسسات قد يؤدي لانحسار دورها وبالتالي الأصوات التي تشكل صورة المجتمع. وهو ما يؤثر سلباً على تنوع الآراء والمعلومات المتاحة للجمهور.
ومع تزايد انتشار المنصات الرقمية، تجد العديد من المقاولات الصحافية التقليدية نفسها في موقف دفاعي. فهي تسعى للتكيف مع هذه المتغيرات الصعبة والسريعة، ولكن يجب أن يأتي هذا الجهد مدعوماً ببرامج دعم حكومية تعزز من موقعها في السوق. ومن هنا لزاما تقديم الدعم المالي والفني لهاته المؤسسات التي أثبتت جدارتها عبر الزمن. بما يضمن استدامتها واستمرارية إنتاج محتوى عالي الجودة.
كما أن هذا الدعم يجب أن يوجه للمقاولات التي لديها إمكانيات النمو والتطور وأداء الرسالة الإعلامية المطلوبة، لمساعدتها على الارتقاء بمستوى خدماتها وتوسيع نطاق تأثيرها. وبذلك نكون قد ساهمنا في بناء بيئة صحافية قوية تعكس تنوع المجتمع وتعزز من حيويته.
ويجب أن يكون لدى المسؤولين رؤية واضحة حول أهمية الدعم الذي يمكن أن تقدمه الدولة للمقاولات الصحافية. إذ إن استثمار هذه الوقفة سيساهم بلا شك في إعادة بريق الصحافة وجعلها رافداً حيوياً للحياة الاجتماعية والثقافية. وبالتالي رفع المعاناة والضائقة التي تعانيها المقاولات الصحافية التي تمتلك تاريخاً يمتد لأكثر من عشرين سنة. مع تسجيل إهمال واضح في الدعم المقدم لها، رغم جهودها المستمرة في تقديم محتوى مهني موثوق. لقد أصبحت هذه المؤسسات رهينة لشروط دعم لا تخدم الغالبية العظمى من أصحاب المقاولات، خاصة في ظل هيمنة بعض اللوبيات التي تسيطر على المشهد الإعلامي وتقصي الأصوات المستقلة.
يتجلى هذا التحدي في عدم القدرة على التنافس بشكل عادل في ظل شكل الدعم القائم. فبدلاً من أن تُتاح الفرص للمؤسسات التي تعكس إرادة المجتمع، نجد أن الدعم يتم توجيهه غالباً نحو المؤسسات التي تخدم مصالح معينة، مما يؤدي إلى تفاوت كبير في القدرات التنموية بين المقاولات.
وفي هذا السياق، يواجه أصحاب المقاولات العريقة صعوبات جمة في الحصول على التمويل. وعلى الرغم من ذلك تستمر في أداء دورها الإعلامي . لكن في المقابل تبقى هيكليات الدعم الحالية غير ملائمة. وهو ما يؤدي إلى إضعاف قدرتها على الاستمرار بالنجاعة والفعالية المطلوبة.
علينا أن ندرك أن الإعلام هو ركيزة أساسية في المجتمع. وذلك لمساهمته في تشكيل الوعي العام. لذا، فإن تجاهل دعم المقاولات التي تحمل تاريخًا طويلًا وتفضيل السياسات الهامشية هو أمر لا يمكن تجاهله. وتقع المسؤولية في هذا الشأن على عاتق وزارة الثقافة والإعلام. وبالتالي فالمفترض أن تعمل على إعادة النظر في سياساتها. عبر توفير بيئة دعم تضمن تنافسية عادلة وشاملة. بما يساعد في نقل أصوات الشعب وتجاربهم بشكل أفضل.
المستقبل الإعلامي يتطلب سياسة جديدة تعيد الاعتبار للمقاولات التي خدمت المجتمع لسنوات، وتعمل على خلق توازن بين مختلف الأصوات الإعلامية مهما اختلفت مشاربها. وبالتالي فمن الضروري أن نتكاتف جميعًا لمواجهة هذه التحديات والعمل نحو بيئة إعلامية أكثر انفتاحًا واستدامة.
التعليقات مغلقة.