الصناعة التقليدية بين الأزمة وغياب السند الحكومي محور لقاء مع المدير التجاري لشركة “موكاري” لإنتاج الزرابي + فيديو
كريم المفضل: راه الدولة اللي كاتقولك سد، راهوم كيحاربونا باش نسدو
في إطار انفتاح جريدة “أصوات” على المحيط العام، وربط كافة الهياكل والمؤسسات المغربية بمختلف تلاوينها بالمجتمع، ونقل صورة لمساهمة هاته المؤسسات في النسيج الوطني والمشاكل التي تعوق الديمومة والمساهمة الفعلية في دعم التنمية والتنمية المستدامة، كان لنا لقاء مع مسؤولي إحدى المؤسسات الرائدة في مجال الصناعة التقليدية، خاصة في مجال “الزربية” المغربية، باعتبارها، فضلا عن مساهمتها الاقتصادية، تعتبر سفيرا للمملكة المغربية على الصعيد العالمي، وقوفا على المعاناة التي تعيش تحت وطأتها الصناعة التقليدية المغربية، والصناع التقليديون، من خلال حوار جريء وصريح مع أحد ممثلي عملاق الزربية المغربية، الأمر يتعلق بالسيد “كريم المفضل”، المدير التجاري، لشركة “موكاري”، عملاق الزربية المغربية والعالمية.
خلال هذا اللقاء الصريح تداول النقاش في عدة محاور مرتبطة بحضور الشركة في حقل إنتاج “الزربية” المغربية، ومراحل هذا الإنتاج، وطرق التسويق، والعراقيل المرتبطة بالمنافسة الشرسة للمنتوج التركي والصيني، وحضور اليد العاملة الصانعة ذات الذوق الراقي في هذا الحقل، وأثره على هاته اليد العاملة، وعلى سلسلة الإنتاج التي لا تعني في ظل هاته السياسة التذبيرية إلا المزيد من تأزيم القطاع في غياب سياسات حمائية تضمن استمرار “الزربية” كموروث تراثي وثقافي هام، يساهم بقوة في الميزان التجاري، وتشكل آلية تعريفية بالمغرب وبحمولته الثقافية والتراثية، وبالتالي السياسية والاقتصادية.
الأكيد ومن الرصد والتتبع لمراحل الإنتاج يظهر الجهد الكبير المبدول وحداقة الصنعة التي يساهم فيها مجموعة من الصناع والصانعات لينتجوا منتوجا نستعمله، ولكننا نجهل كيفية وصوله إلينا والمراحل التي قطعها ليصبح في النهاية تحفة فنية، من لحظة وصول الصوف وعراقيل الحصول عليه نتيجة الوضعية الحالية، وإخضاعه للغسل والتجفيف ليصبح صالحا لعملية الإنتاج، وصباغته ليأخد اللون المطلوب، قبل أن يدخل مرحلة الإنتاج تبعا للصنف المراد تصنيعه وإنتاجه للتصريف وطنيا ودوليا.
مؤسسة “موكاري”، الرائدة في مجال “الزربية” المغربية، عرفت انطلاقتها التجارية عام 1978، من طرف أساتذة في مجال إنتاج الزربية والأمر يتعلق بكل من السادة “الجوهري” و”المرنيسي”، اللذان أسسا الشركة التي تعد رائدة في مجال الصناعة التقليدية، وتحديدا “الزربية” المغربية.
أهمية المشروع تكمن في اليد العاملية التي تشغلها والتي تفوق 400 صانع وصانعة، في مقابل مليونين ونصف المليون التي تشكل نسبة اليد العاملة المغربية المشتغلة في قطاع الصناعة التقليدية، أي أنها تساهم ب 22 % داخل سوق الشغل، كما أن الصناعة التقليدية تساهم بحوالي 140 مليار درهم في الميزان التجاري، وهي قيمة ليست بالهينة.
عبر هذا الحوار مع المعنيين في القطاع، والأمر يتعلق بالشاب “كريم المفضل”، حاولنا الوقوف على الوجه الخفي لما تعرفه الصناعة التقليدية، وإنتاج “الزربية” على الخصوص من حضور وإكراهات، عبر الفاعلين الميدانيين في المجال، وليس الوسطاء التجاريين الذي تعج بهم الساحة المغربية.
فبعد أن شكر السيد “كريم” اهتمام جريدة “أصوات” بالفاعلين في مجال الصناعة التقليدية، تناول اللقاء بدون لغة خشب، في حوار مفتوح حول التأسيس، يحيلنا إلى سنة 1978 كلحظة للتأسيس الفعلي لشركة “موكاري”، مع الإشادة بالمؤسسين الأوائل، أساتذة المجال، والأمر يتعلق بالسادة الجوهري الغالي، والمرنيسي محمد.
وفيما يتعلق بالحصول على الصوف، كمادة خام أساسية في عملية الإنتاج، وقف السيد “كريم” حول الصعوبات التي تعاني منها الشركة في الحصول على المنتوج الأولي، من ناحية تشتت نقاط الحصول على الصوف، الامر الذي يقتضي التنظيم، لتسهيل الحصول على المنتوج، وهو ما حاولت الوزارة تفعيله، لكن الأمر بقي كلاما ليس إلا، فضلا عن الصعوبات المتعلقة بإنتاج الخيط الذي يمر من عدة مراحل ضمنها الصباغة حسب الطلب.
وفيما يخص تدبير المشكل، فقد اضطرت الشركة إلى استيراد الصوف من نيوزيلاندا، أما محليا فيتم إحضاره للشركة بمواصفات تتطلب جهدا كبيرا ليصبح قابلا للتصنيع وفق المواصفات العالمية، قبل ذلك كانت “لاسافت” هي التي تقوم بتدبر العملية، أما الآن فهناك مشاكل في الحصول على المادة الأولية.
إنتاج “الزربية” وتصريف المنتوج في ظل المنافسة الشرسة “تركيا، الصين” والتي تشكل أزمة للاقتصاد الوطني، والحديث عن نفور الشباب من شراء الزربية، مرجعه الأساسي انسحاب الحكومة من صيانة المنتوج وحمايته من هاته المنافسة الشرسة، مع عدم فرض رسوم جمركية حماية للمنتوج الوطني، خلال سنوات الثمانينات والتسعينات كان كل منزل يحنوي على الزربية المغربية بل كان ذلك يعتبر ضروريا، وما كان يعزز هذا الحضور هو غياب المنافسة، وإذا حسمنا الأمر في هذا المنحى وفرضنا حمائية جمركية لفائدة دعم المنتوج الوطني سيكون هناك إقبال وحضور اقتصادي هام للزربية المغربية.
في الواقع نجد في الأسواق منتوجا مغربيا، والأمر يتعلق بالزربية، بمبلغ 700 إلى 1200 درهم، في مقابل منتوج مقلد ساقط عديم الجودة بمبلغ 120 درهم للمتر، الأكيد أن الشباب سيتوجهون للمنتوج الأرخص سعرا.
وفيما يتعلق بحضور الغرف المهنية وحمايتها للإنتاج الوطني، قال السيد “المفضل” إن الغرف لم نر من ورائها أي شيء، مضيفا تعطى لعارضي الزربية 20 مترا فقط للعرض، كيف سيتم عرض المنتوج في هاته المساحة؟، وماذا ستعرض في هذا المكان؟، هناك سوء تدبير داخل القطاع، وغياب اهتمام فعلي بالصناعة التقليدية، حيث قال “هادشي كيموت”، مبرزا أن الذي عرف العالم بالمغرب هو الزربية والصناعة التقليدية، فخلال إحدى السنوات صدر المغرب كمية زربية تعادل مساحة “إيران” التي تنافس المغرب في هذا المجال، الزربية تصدر للعالم كله، وألمانيا أول مستورد ومروج لها عبر أوروبا والعالم، فمنتوج “الزربية” معروف على الصعيد العالمي.
وفيما يتعلق بالصناع التقليديين عامة، وفي مجال “الزربية” خاصة، وعلاقة كل ذلك بتجويد الإنتاج لضمان الحضور ضمن المنافسة، أكد السيد “كريم” أن اليد العاملة في هذا المجال قلت، الأكيد أنها مبدعة “لنا مصممين في الميدان جيدين، وعمالا في المستوى العالي”، لكن من قبل كان يتم تشغيل فتيات صغار كانت أصابعهن الصغيرة تمكنهن من التعامل مع صناعة الزربية التي تتطلب ذلك، لكن بعد صدور قانون منع تشغيل الأطفال افتقدت السوق لهاته الأنامل الذهبية.
التعليقات مغلقة.