الطالبي العلمي يدعو إلى بعث الثقة من جديد في الشراكة لكسب الرهانات في المنطقة الأورو-متوسطية
جريدة أصوات
وقال السيد الطالبي العلمي، في كلمة خلال افتتاح الجلسة العامة ال17 للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، إن الشراكة الأرو-متوسطية بحاجة إلى التجديد على مستوى الحوار السياسي والمؤسساتي الذي يؤطر العلاقات والمبادلات بين القطاعات وفي الأنشطة الأخرى، كي يستعيد الحوض الأرو-متوسطي أدواره ومركزه الكوني وإشعاعه.
ولدى تطرقه للتحديات التي تواجه المنطقة المتوسطية، أكد رئيس مجلس النواب أن النزاع في الشرق الأوسط يظل محور النزاعات الإقليمية، إذ تناسلت عنه العديد من النزاعات الأخرى، وتظل قضية الشعب الفلسطيني جوهر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة التوجه إلى جوهر المشكل بشأن هذا النزاع، والمتمثل في إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الاستقلال وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، دولة ذات سيادة، قابلة للحياة، وتعيش في سلام وتعايش مع باقي دول المنطقة.
وشدد على أنه ينبغي، على المدى القريب، ألا تقبل المجموعة الدولية، بغير كفالة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير الحماية له، لينعم بحقه في الحياة، وفي الأمن وفي المؤسسات الوطنية وفي الهوية، مبرزا أن القيم الإنسانية اليوم ممتحنة والضمير الإنساني أمام مسؤوليات تاريخية.
وتابع أن المنطقة تواجه التطرف والإرهاب، الذي يجد تربته الخصبة في الفوضى والفقر وغياب المؤسسات، مؤكدا أنه إذا كان ينبغي مواصلة التصدي الأمني لمدبري وممولي ومنفذي المشاريع الإرهابية، فإنه لابد من تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على البيئة التي تحتضنه، وفي نفس الوقت مواصلة تكريس الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان وإشاعة ثقافة العيش المشترك.
وأبرز أن هذه التحديات والعوامل تساهم في تزايد ملفت لظاهرة الهجرة غير النظامية واللجوء والنزوح، مع ما يلازم ذلك من مآسي إنسانية، مشيرا إلى أن المتوسط تحول إلى ممر لهلاك آلاف من الشباب الباحثين عن الأمل في الشغل، أو عن لقمة العيش، أو عن الأمن أو عن الحرية أو الحماية من تعصب طائفي أو عرقي.
وقال إنه إذا كانت الهجرات في الحوض المتوسطي قد شكلت على مدى التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر، ظاهرة إثراء وتلاقح وتثاقف بشري كثيف، ثري وفريد، فإنها اليوم مع الأسف، مصدر نزاعات، وعنصرية وتمييز، وهو ما يتغذى، من الإعلام المضلل.
ودعا، في هذا الصدد، إلى عدم إغفال النماذج الناجحة للإدماج وللتدبير المشترك الناجح لظاهرة الهجرة غير النظامية بين الشمال والجنوب، كما يتجسد ذلك في نموذج التعاون متعدد الأوجه بين المملكتين المغربية والإسبانية في التعاطي مع الظاهرة.
من جانب آخر، حذر السيد الطالبي العلمي من أن الحوض المتوسطي يعاني أكثر من غيره من بقاع العالم من انعكاسات الاختلالات المناخية، ويضاف ذلك إلى إجهاد التربة وتدمير الغابات، والاستغلال المفرط للثروات البحرية، والجفاف، مشددا على أن المنطقة توجد أمام مسؤولية أخلاقية في الحفاظ على الحوض المتوسطي وإعادة الاعتبار لبيئته.
وأشار إلى أن التذكير بعدد من التحديات التي تواجهها المنطقة “هو من باب المسؤولية والحرص على تطوير الشراكة الأورومتوسطية، علما بأن نماذج النجاح في هذه الشراكات والتعاون والإبداع كثيرة، لربما أحدثها وأكثرها رمزية وتاريخية هو حصول المغرب وإسبانيا والبرتغال على شرف تنظيم كأس العالم برسم 2030، بكل ما لذلك من حمولات تاريخية وحضارية وثقافية وما يجسده من ود وروابط تاريخية فريدة بين شعوبنا”.
وقال، في هذا الصدد، إن المغرب، الوفي لتقاليد التعايش والاعتدال والحرية لن يتوانى في مواصلة انخراطه الإيجابي الفاعل في تجديد الشراكة الأرو-متوسطية، كما أن مجلس النواب المغربي الذي كان مؤسسا رئيسيا للبعد البرلماني الأرومتوسطي وتطويره، سيواصل التزامه الإيجابي في إطار هذا المسلسل، وحضوره الاقتراحي مستندا إلى علاقاته مع مختلف مكونات الشراكة الأرو-متوسطية وإلى خبرته المؤسساتية التي تتغذى من نموذجه الديمقراطي المؤسساتي الأصيل والمتأصل، الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقال رئيس مجلس النواب “سنظل حريصين وداعين لاحترام الالتزامات المتبادلة وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وأساسا احترام الوحدة الترابية وسيادة الدول باعتباره خطا أحمر في التقاليد الدولية المعاصرة”.
يشار إلى أن مجلس النواب يحتضن، يومي 15 و 16 فبراير الجاري، الدورة ال17 للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط والقمة الثامنة للرؤساء، فضلا عن اجتماعات المكتب والمكتب الموسع واجتماعات اللجان.
ويناقش المشاركون في هذه الاجتماعات الأوضاع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ودور الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط في التعاون الأورو-متوسطي في القرن ال21.
التعليقات مغلقة.