أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

العالم يلتئم تحت خيمة الشعر في تظاهرة الملتقى الثاني الشعري الجهوي (جهة العيون الساقية الحمراء)

اختتمت يوم الأربعاء 23 مارس، بالمركب الثقافي الشيخ سيدي احمد الركيبي بمدينة السمارة، فعاليات الدورة الثانية للتظاهرة الشعرية الكبرى “الملتقى الشعري الجهوي الثاني” (جهة العيون الساقية الحمراء)، ضمن ملتقيات “ست جهات .. ستة ملتقيات شعرية” والتي تنظمها دار الشعر بمراكش سنويا احتفاء باليوم العالمي للشعر. الدورة الثانية، والتي احتضنت فعالياتها مدينتي العيون والسمارة أيام: 21-22-23 مارس 2022، اختارت أن تسم دورتها باسم الشاعرة والإعلامية الراحلة عزيزة يحضيه عمر. وتندرج هذه البرمجة الجديدة، والتي أطلقتها دار الشعر بمراكش السنة الماضية بجهة مراكش أسفي، في دورة أولى 2021، ضمن الاحتفاء بالشعر المغربي وبالشعراء المغاربة، بمزيد من الانفتاح على حساسيات وتجارب القصيدة المغربية الحديثة، وعلى مختلف أنماط الكتابة الشعرية، وبانفتاح بليغ على مختلف التجارب الشعرية وأجيالها المشكلة لشجرة الشعر المغربي الوارفة. هي برمجة جديدة تراعي أسئلة التحولات التي مست راهن القصيدة، وأسئلتها، ولحظات معرفية للتفكير في وظيفة الشاعر اليوم وفي حضور الشعر ضمن المنظومة المجتمعية، وتأتي في سياق احتفاء بيوت الشعر العربية باليوم العالمي للشعر.

“الملتقى الشعري الجهوي الثاني” (جهة العيون الساقية الحمراء)، والذي نظمته دار الشعر بمراكش تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبتنسيق مع المديرية الجهوية للثقافة العيون الساقية الحمراء، يأتي في سياق انفتاح برمجة الدار على مختلف مدن وجهات المملكة بالجنوب، وفق منظور جديد يراعي تداولية أوسع للشعر بين متلقيه. هي فقرات، تواصل من خلالها دار الشعر بمراكش، ضمن استراتيجيتها منذ التأسيس (2017)، بموجب بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بحكومة الشارقة، الى جعل الشعر كوتنا على الأمل وقيم الشعر في ترسيخ المحبة والتعايش والمشترك والإيمان العميق بإنسانية الإنسان.

ملتقيات الشعر الجهوية، مبادرة ثقافية تسعى الى الاحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي، وتشجيع وتحفيز الأصوات الشعرية الجديدة، وتوسيع قاعدة الفعل الثقافي في اعتماده على القرب، ومد إشعاع الدار الى مختلف الجهات الترابية التابعة لها. ست جهات مغربية جنوبية تشهد ملتقيات شعرية جهوية، في مبادرة نوعية غير مسبوقة، تسعى الى خلق تقاليد ثقافية جديدة تتناسب وراهن المشهد الثقافي اليوم في المغرب، ولتجسير الهوة بين الشعر ومتلقيه. واحتضن فضاء المركب الثقافي أم السعد بمدينة العيون، الاثنين 21 مارس، افتتاح المعرض الفني ل8 فنانات تشكيليات: زينب الكاضي، نادية العبسي، أسماء بلفقيه، بوشرى التقي، سكينة الداه، رقية لمجامري، صابيرا جدوبي، جميلة العماري. المعرض، الذي كان مناسبة للاقتراب من اشتغالات فنانات مغربيات برؤى جمالية مختلفة ومدارس متعددة، ظل مفتوحا للزوار طيلة أيام التظاهرة، الى جانب تقديم بعض الإصدارات الشعرية والنقدية ومنشورات المديرية الجهوية لقطاع الثقافة ودائرة الثقافة بالشارقة.

وتواصلت الفعاليات اليوم الموالي، الثلاثاء 22 مارس، بتنسيق مع منتدى المرأة الصحراوية للتنمية والديمقراطية ضمن فعاليات المنتدى الدولي الثاني “للقيادة النسائية والتمكين الاقتصادي”، بتنظيم “خيمة الشعر”. لحظة معرفية وشعرية وفنية رفيعة شهدت حضور المئات من جمهور الشعر، الى جانب وفد يمثل بعض القيادات النسائية المنتمية للدول التالية: الامارات العربية المتحدة، الكويت، الأردن، السعودية، موريتانيا، الطوغو، الكونغو برازافيل، الكونغو كينشاسا، جزر القمر والمغرب. خيمة الشعر تحولت لمنتدى معرفي وشعري وفني، وضمت فقرة محاورات مع الباحث جودا الوالي والباحثة منتنة ماء العينين لنقاش تقاطعات الشعر والذاكرة، حيث توقف الباحثان، الوالي وماء العينين، عند محور راهني يهم “الشعر والذاكرة: الشعر الحساني ذاكرة الموروث الثقافي اللامادي”، في تأكيد قدرة الشعر على إضاءة عتمات الكثير من أدبنا والذي ظل يعاني من تحديات التوثيق، وقدرة الذاكرة المتقدة لشعراء وأدباء الجنوب على “أرشفة” جزء مهم من هذا الموروث الثقافي اللامادي من خلال قصائدهم وأقوالهم، والتي تناقلتها أجيال تلو أجيال.

ليلتقي عشاق الشعر، وتحت خيمة الشعر، بأولى الأماسي الشعرية ضمن فقرة “الشاعرة”، في مواصلة لربيع الشعر والمرأة والذي خصته دار الشعر بمراكش لشهر مارس. هذا الحفل الشعري والموسيقي، شهد تقديم كلمات كل من السيد المدير الجهوي للثقافة العيون الساقية الحمراء، الأستاذ لحسن الشرفي، ومدير دار الشعر بمراكش الشاعر عبدالحق ميفراني، والسيدة فاطمة الليلي، رئيسة المنتدى الدولي “للقيادة النسائية والتمكين الاقتصادي”. مبادرة دار الشعر بمراكش الرائدة، في الانفتاح على التنوع الثقافي المغربي وفي الاحتفاء بشجرة الشعر المغربي وفي تنويع لبرمجتها الثقافية والشعرية وسفرها في عمق الجنوب، عناوين لخصت مداخلات الشركاء وأصبغت على خيمة الشعر، وهي تلتئم بحضور وفود تمثل جزء من العالم، قدرة الشعر على تجسير الهوة بين الثقافات.

قرأت الشاعرة خديجة أبي بكر ماء العينين نداء الشاعرة، كلمة دار الشعر بمراكش احتفاء باليوم العالمي للشعر، والتي وسمتها ب”الشعر مدرسة القيم” في استدعاء للمشترك الإنساني الذي يجمعنا. فقرة “الشاعرة” شهدت مشاركة الشاعرات: خديجة أبي بكر ماء العينين، وإيزة فرطميس، والشريفة المحمودي، والسالمة لحميدي، فيما سهرت الشاعرة أم الفضل ماء العينين على تقديم فقراتها، أما الحفل الفني فأحيته مجموعة غيلان فيزيون للموسيقى والطرب الحساني (برئاسة الفنان العربي منصور) الى جانب المشاركة المتميزة لفرقة موسيقية أفريقية. الشاعرة خديجة ماء العينين، “نخلة الجنوب” وأحد رائدات الشعر في الصحراء والتي سبق أن كرمتها دار الشعر بمراكش ضمن فعاليات مهرجان الشعر المغربي في دورتها الأولى2018، أنشدت تنادي “إني من الواحات”: نادمتما الأشواق لا أخفي لشي/إني ارتشفت مدامكم يا ساقيي// كأس الوداد وبالأماني شعشعت/لا والهوى لا أكتفي والقلب حي// هيا املأ كاساتنا لا تبخلا/ ساقي الهوى بالجود يعرف قبل طي// راع الخباء فذكره يا ساريا/ معروفة بدوية توحي إلي//. واختارت أن تقرأ الشاعرة إيزة فرطميس لضيوف خيمة الشعر، قصائد باللغة الفرنسية والانجليزية، في حين غردت الشاعرة الشريفة المحمودي من “حيرة العتاب”، “ناجيت ظلك سترا/ وبالقوافي جعلت لك العذرا//فألقيت في شرابك سحرا/يتيمة الحرف لا تعشق الثرى// قلت عانق اللهيب نصرا/فكل السباع أسرت قصرا”. ومن معين الشعر الحساني، سافرت الشاعرة السالمة لحميدي بين “أبياتها وكافها”، عن “الولع” والحكم.  واختتمت فقرة الشاعرة، بلحظة وفاء وعرفان لروح الشاعرة والاديبة عزيزة يحضيه عمر، بحضور رئيسة رابطة كاتبة المغرب، بالنيابة، الأديبة والاعلامية بديعة الراضي والتي تسلمت درع منتدى المرأة الصحراوية من يد الأستاذة فاطمة الغالي الليلي.

وتواصلت تظاهرة “ملتقيات الشعر الجهوية” في دورتها الثانية اليوم الموالي، الأربعاء 23 مارس في مدينة السمارة واحتضن المركب الثقافي الشيخ سيدي احمد الركيبي بالسمارة فعالياتها، بقراءة نداء الشاعرة خديجة ماء العينين “الشعر مدرسة القيم”، فيما كانت قصيدتها “حنين”، عتبة اللقاء: “القلب حن حنين الجذع مشتاقا/ والروح تزداد تحنانا وتشواقا// أكاد أبدي لما ضاق الفؤاد به/ ويقسم الصدر لا أبدي وإن ضاقا//”. ديوان “سحر القوافي”، أفتتحه الشاعر أبو فراس بروك مقتطفا من ورود قصائده، “ما زلت أذكر / كيف كنت فراشة/ وقصيدة تنساب عفو الخاطر// صادفت حين أتيت قلبا خاليا/ فعمرته.. وسكنت ملء محاجري”. أما الشاعر عبدالعظيم الحيداوي، أحد المتوجين بجائزة أحسن قصيدة” لدار الشعر بمراكش (الدورة3/2021)، فاحتفى بالشعراء في اليوم العالمي للشعر مبدعا: “خرجت من الأسماء أغنياتهم/ مذ كان “آدم” يحفظ الأسماءا// ومن الردى فروا الى تاريخهم/ وتجمعوا في “عبقر” أحياءا// تركوا لأ”فلاطون” ألف قصيدة/ في كل بيت تطرب الفضلاء//…// لا يسألون الغيم شعرا إنما/ يتفجرون من الثرى شعراءا”. الشاعرة حفيظة بوعمامة، أحد أصوات الجنوب المغربي الغني بموروثه المادي واللامادي، اختارت نداء الحرية “موطنها”: “ولو بالبعاد أصابوا جريدي/ ستبقى جذوري وتعطي قصيدي//فكم في الخيال الفسيح احتوتني/ تقاليد قومي بحبل وطيد//…// ففي مسمعي صوت طبل وناي../ غناء ل “سدوم” “ديمي” و”سيدي”//”.

واختتم الشاعر مصباح النعمة، “شاعر الرسول”، ديوان سحر القوافي، والذي أشرف على تقديم فقراته الشاب المتألق سعيد جابر. الشاعر الحساني النعمة، والذي ظل وفيا لتجربته “الصوفية”، تنقل بين “حكم” وشذرياته التي تلامس القيم واختتم بقصيدة في مدح الرسول. زين الحفل الفني، لليلة سحر القوافي، فرقة الساقية الحمراء للموسيقى والطرب الحساني والتي تتكون من مجموعة من فناني مدينة السمارة (مولاي بابا السعد، محمد علي عيلا، ليلى الغزواني، سعيد الموساوي، سعيد الأطرش، علي العويسي..).

“ست جهات.. ستة ملتقيات شعرية جهوية”، تظاهرة شعرية وثقافية تنمي الحاجة لدينامية أشمل للفعل الثقافي داخل النسيج المجتمعي المغربي، كما تستجيب للحاجة الدائمة للشعر وقيمه، ولمزيد الإنصات والانفتاح على التجارب الشعرية المغربية، على اختلاف تجاربها ورؤاها، وأيضا التداول في آليات ترسيخ الفعل القرائي خصوصا بالجنوب المغربي، الغني بروافده المادية واللامادية، وبرموزه الشعرية والثقافية المغربية.

التعليقات مغلقة.