العامل والبركة: حين تلتقي السلطة بالرمز الحزبي في مشهد مغربي محمل بالدلالات
سليم لواحي - خريبكة
أصوات من الرباط
في مشهد مثقل بالرموز والإشارات، شهد إقليم خريبكة يوم الإثنين 26 ماي حفل تنصيب العامل الجديد، هشام العلوي المدغري، في حضور لافت لنزار البركة، وزير التجهيز والماء، والأمين العام لحزب الاستقلال. غير أن ما قد يبدو مجرد مناسبة إدارية بروتوكولية، يخفي بين طياته رسائل بصرية وسيميولوجية تتجاوز سطح الحدث.
اللباس والهيبة: تمثيل الدولة المخزنية
ارتدى العامل الجديد الجلباب المغربي الأبيض والطربوش الأحمر، لباس رمزي تقليدي محمل بدلالات الانتماء والشرعية السياسية، يستدعي صورة “رجل المخزن” في أبهى تجلياتها، ويعيد إنتاج رمزية السلطة المركزية، المؤتمنة على النظام والاستقرار. حضوره الصامت في مقابل تصفيقات السياسيين يعزز من بعده المؤسسي، مقابل الحيوية الحزبية المحيطة به.
نزار البركة: السياسي الذي يُصفّق للسلطة
وقوف نزار البركة، وزير السيادة وأمين عام حزب عريق، إلى جانب العامل الجديد، وتقديمه إشارات الدعم والتزكية غير المعلنة، يحمل تأويلاً سيميائيًا عميقًا كذلك : إنه التحام بين السياسي والمؤسساتي، بين ما هو حزبي وما هو مخزني. فالبركة، من موقعه الوزاري، لا يمثل فقط الحكومة، بل يحمل هوية حزبية متجذرة في الذاكرة المغربية، ما يضفي على حضوره طابعًا مزدوجًا: دعم سياسي معناه ان الاستقلال سيهيمن في خريبكة وإشراف سلطوي يعني ان المخزن راضي على حزب الميزان.
الكتابة على الجدار الالكتروني : من يقرأ من؟
خلفية الحفل لم تكن محايدة: لوحة إلكترونية ضخمة كتبت بخط رسمي “حفل تنصيب عامل إقليم خريبكة”، موقعة باسم هشام العلوي المدغري، في تكرار رمزي لسلطة التعيين والتزكية، تبرز الاسم كعلامة مفتاحية، وتؤكد أن الحفل لا يحتفي بالرجل بقدر ما يحتفي بمكانته الجديدة داخل هرم الدولة.
من الإقليم إلى الدولة: خريبكة كنموذج
اختيار خريبكة، المدينة الفوسفاطية بامتياز، يحمل هو الآخر رمزية اقتصادية وسياسية. فالإقليم ليس مجرد مجال ترابي، بل هو معقل استراتيجي في قلب السياسة الاقتصادية الوطنية. ما يجعل من تنصيب العامل الجديد، بشراكة رمزية مع حزب الاستقلال، إشارة إلى توجه نحو إعادة ترتيب الأولويات وربما استحضار موروث الحزب في التنمية المجالية.
حين تتحدث الصورة
في النهاية، الصورة التي جمعت العامل الجديد بنزار البركة تتجاوز لحظة الحدث لتصبح نصًا بصريًا مفتوحًا على التأويل. إنها لحظة تواطؤ رمزي بين السلطة والحزب، بين الدولة والتاريخ، حيث يصبح التنصيب مشهداً درامياً تكتبه الدولة بلغة الإشارات، وتقرأه النخبة بلغة المصالح، فيما يترقبه المواطن بلغة الانتظار.
التعليقات مغلقة.