“العدالة والتنمية” يرد على مذكرة “بوعياش” ويصفها بالمتحللة من المرجعية الإسلامية
حمزة غطوس
رفض حزب العدالة والتنمية، اليوم الإثنين، في مذكرة حول مراجعة مدونة الأسرة، مقترحات وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، واصفا إياها بالمتحللة من أي قيد أو ضابط ينتسب للمرجعية الإسلامية.
وانتقد الحزب، في مذكرته التي تتوفر “جريدة أصوات” على نسخة منها، المقترحات والتوصيات التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمام الهيئة المكلفة بإعداد تعديل مدونة الأسرة، باعتباره “عضو في الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة التي تلقت الاقتراحات والتوصيات والمذكرات، وطرف في المداولات التي شرعت الهيئة في إجراءها بعد إنهاء عملية الاستماع للتصورات”.
ولفت الحزب إلى أن مقترحات المجلس، “كلها محكومة بهاجس واحد وهدف واحد وتتبع خيطا ناظما واحد وهو المساواة الميكانيكية الكاملة بين الرجل والمرأة”، التي أكد أنها تتحلل من أي قيد أو ضابط ينتسب للمرجعية الإسلامية، مضيفا أن “تعديل مدونة الأسرة في إطار المرجعية الإسلامية، ليس اختيارا اجتهاديا، وإنما هو الإطار المرجعي الإلزامي الذي تنطلق منه مدونة الأسرة في حد ذاتها”.
وأضاف المصباح، أن المذكرة تجاهلت الدستور في التعاطي مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تبقى مقيدة بثوابت المملكة وبأحكام الدستور، لافتا أن المجلس تعامل بقبول ميكانيكي للتوصيات والتعليقات المرتبطة بآليات المعاهدات الدولية، دون مراعاة الممارسة الاتفاقية المغربية التي تتحفظ على جميع التوصيات المخالفة للشريعة الإسلامية في المحافل الدولية.
وتابع أن “مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعطي الأولوية للمرجعية الدولية، وعند الخلاف والتعارض بين هذه الأخيرة والمرجعية الإسلامية أو أحكام الدستور ، لا يتوانى المجلس في أن يجعل الأولى تسمو وتكون حاكمة على المرجعية الإسلامية”.
نظام الإرث
وأشارت المذكرة إلى أن “تخويل صاحب المال سلطة اختيار النظـام المطبـق على أموالـه، إمـا الوصيـة أو الميراث”، هو “إلغاء لمنظومة شرعية جوهرية تهم التصرف في المال باعتباره مال الله، ينتقل لأصحابه وفق قواعد محددة على سبيل التفصيل بالنص القرآني، وبناء على فلسفة ربانية قوامها العدل والإنصاف، وجعل الإنسان يتحدى حدود الله وقواعده التي سنها لتسري على عباده المسلمين”.
واستغرب الحزب وفق مذكرته من “التبريرات التي قدمتها لتغيير نظام الإرث كما هو مقرر الآن في مدونة الأسرة هي كون “المقتضيـات المتعلقة بكتـاب الميراث تعـتبر مخالفـة للقانون العـام بالنسـبة لعـدد مـن بلـدان الإقامـة لمغاربـة العالـم، حيـث يتـم استبعـاد تطبيـق مدونـة الأسـرة لكونهـا تـميز بين الجنـسين، وبين الأطفـال بحسـب الوضعيـة العائليـة للأبويـن، وبحسـب الأنصبـة، وبسبـب الديـن.””.
ورفض “البيجيدي”، وفق مذكرته “ادعاء المذكرة ب”غياب جزاء قانوني عن الحرمان من الإرث”” واصفا أن ذلك غير صحيح، لافتا أن “القانون الجنائي نظم ذلك في الفصل 526-1 الذي تمت إضافته بمقتضى الفصل 5 من القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، حيث تم تجريم حالة تبديد أو تفويت الأموال من طرف أحد الزوجين بسـوء نيـة وبقصـد الإضـرار بالـزوج الآخـر أو الأبناء أو التحايل على مقتضيـات مدونـة الأسـرة المتعلقـة بالنفقـةأو السكن وبالمسـتحقات المترتبـة عـن إنهـاء العلاقـة الزوجيـة أو الأبنـاء أو باقتسـام الممتلـكات”.
تدبير واقتسام الأموال المكتسبة
وأضاف العدالة والتنمية أن المقترح الذي تقدمت به مذكرة بوعياش، والمتعلق بطريقة تدبير واقتسام الأموا المكتسبة، سيفتح المجال لرفع دعاوى الطلاق رغبة في اقتسام الثروة وذلك دون انتظار الوفاة والحصول على النصيب المخول في إطار الإرث، بما يمثل تهديدا للاستقرار الأسري وللغاية الدستورية من القانون المنظم للأسرة.
واعتبر أن ذلك سيشكل توجهات خطيرة تخرج الأسرة من قدسيتها ومكانتها وتدخلها في متاهات وحسابات مادية وتجارية لا نهاية لها.
وأضاف أنها ستجعل مؤسسة الزواج تتحول إلى شركة تجارية تعاقدية تبدأ بفتح بيان محاسباتي لها عند التأسيس، وبيان محاسباتي ختامي بعد الانفصال أو الموت، وإدماج علاقة مشغل وأجير داخل بيت الزوجية، خلافا لمؤسسة الزواج القائمة على الشرع والتراحم والمعاشرة بالحسنى والمكارمة والفضل.
منع تعدد الزوجات
واعتبر “بيجيدي” أن مقترح تجرييم تعدد الزوجات هو محاولة لتحريم ما أحله الله وتدخلال في أحكام شرعية قطعية الدلالة، توافقا مع “التوجه الغربي الذي يمنع التعدد لكنه يجيز ويبيح تعدد العلاقات الجنسية خارج الزواج”.
وأكد الحزب أن المغرب “قدم جوابا واضحا تحت رقم 192 إلى لجنة سيداو في مارس 2021 وكان جوابا صريحا في رفض إلغاء هذا الاستثناء حيث أكد على أنه تم تقييده بشروط كثيرة، وأن للمرأة أن تشترط في العقد على زوجها عدم التزوج عليها باعتبار ذلك حقا لها”.
إثبات النسب
وردا على مقترح إثبات النسب بالخبرة الجينية، لفت الحزب أن هذا المقترح هو بمثابة “إرساء نظام جديد للأسرة غير الشرعية التي لا تقوم على علاقة الزواج الشرعي والتطبيع مع العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، وهو ما يشكل تيسيرا وتشجيعا لوجود حالات واسعة من الأبناء الناتجين عن علاقات غير شرعية وهو ما يهدد استقرار المجتمع”، حسب نص المذكرة.
وأضاف أن القبول بهذا المقترح “يفترض بشكل تلقائي ابتداء رفع التجريم عن العلاقات الخارجة عن إطار الزواج وبالتبع رفع التجريم عن جريمتي الفساد والخيانة الزوجية، وهو ما يتعارض مع النص القرآني بشكل صريح”.
تزويج الأطفال
ورفض العدالة والتنمية، تجريم زواج “الفتيات والفتيان أقل من 18 سنة”، مشيرا أنه موضوع لا يستحق كل هذا الصخب المثار حوله، و أن هذا “الإهتمام المبالغ فيه يندرج ضمن المنهجية القائمة على افتعال قضايا جزئية وغض الطرف عن القضايا الحقيقية للأسرة المغربية”.
وتابع، “يظهر تناقض المجلس الصارخ لكونه ينهل في مقترحاته من مرجعية غربية تدعو إلى حق الفتيات والفتيان أقل من 18 سنة في الممارسة الجنسية وإلى اتخاذ سياسيات عمومية داعمة لذلك، غير أنه حينما يتعلق الأمر باختيار إرادي وواع وتتوفر فيه شروط وموجبات يقترح التضييق على ذلك الاختيار ومنعه”.
وأضاف، “في نفس الوقت الذي تتبنى فيه رئيسة المجلس رفع التجريم عن العلاقات خارج إطار الزواج (المطالبة بإلغاء الفصل 490) دون اشتراط سن معين لذلك، تدعو المذكرة إلى تجريم اللجوء إلى الزواج في هذه الحالة، أي أن المجلس يقترح تيسير وحماية وتحصين الممارسة الجنسية الحرام خارج إطار الشرع، غير أنه يقترح التضييق والتجريم إذا ما تعلق الأمر بالحلال وبالشرع”.
التعليقات مغلقة.