تعريف العرف: هو مجموعة من القواعد غير المكتوبة التي اتبعها الأفراد في سلوكهم أجيالاً متعاقبة حتى نشأ الإعتقاد لديهم أن هذه القواعد أصبحت ملزمة وأن مخالفها سيتعرض لجزاء الجماعة، وهو المصدر الثاني في القانون.
شروط العرف: 1- العمومية: أى أن تكون القاعدة العرفية المتبعة تخص طائفة معينة أو حرفة معينة مثل الأطباء أو المحامين. 2- عنصر الزمان القديم: أى لابد أن تكون فى إتبعتها أجيالاً متعاقبة أو مضى عليها فترة من الزمن. 3- التواتر فى الإستخدام: أى إتبعها الأفراد باطراد غير متقطع. 4- الإعتقاد بالإلزام: أى نشأ الاعتقاد لدى العامة أن مخالفة هذه القواعد العرفية يترتب عليه جزاء معين فإذا تخلف عنصر الاعتقاد بالإلزام فإن هذه القاعدة تكون مجرد عادة معينة لدى الأفراد. 5- عدم مخالفة النظام العام والآداب العامة: أى لا تخالف القواعد الأساسية العليا فى الدولة والناموس الطبيعي للأفراد.
أنواع العرف:- توجد عدة تقسيمات للعرف كما يلي:
أولاً: تقسيم العرف من حيث النشاط الذي يحكمه:
– وينقسم العرف إلى عرف عام وعرف خاص والعرف العام هو ما ينشأ عن صنع السلطات العامة والمرافق العامة فى الدولة عندما تباشر وظائفها العامة مثل العرف الادارى.
أما العرف الخاص فهو من صنع الأفراد عندما ينشأ عن معاملاتهم في المعيشة. ثانياً: تقسيم العرف من حيث نطاق تطبيقه:
– وينقسم الى عرف شامل وعرف اقليمي، والعرف الشامل يحكم علاقات الأفراد بغض النظر عن الاقليم او المهنة، أما العرف الإقليمي فهو خاص بالإقليم الذي طبق هذه القاعدة السلوكية او قد يكون العرف مهنياً مثل عرف الأطباء أو المحامين. ثالثاً: تقسيم العرف من حيث مدى الإلزام:
– وينقسم إلى عرف آمر وعرف مكمل، فالعرف يكون آمرا إذا كان متعلقا بالنظام العام أو الآداب العامة، ويكون العرف مكملا إذا كان غير متعلق بالنظام العام والآداب العامة، وفى العرف الآمر لا يجوز للأفراد الاتفاق على ما يخالف أحكامه، وفى العرف المكمل يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة أحكام القاعدة العرفية. رابعاً: تقسيم العرف من حيث اتصاله بالتشريع:
– ينقسم إلى عرف معاون للتشريع، وعرف مخالف للتشريع، وعرف مكمل للتشريع….. 1- العرف المعاون للتشريع:
يلعب فيه العرف دور بجوار القانون (لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد به ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة).
فللعرف هنا دور فى تحديد ما هو من مستلزمات العقد. 2- العرف المخالف للتشريع (الفوائد التأخيرية تسرى من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق او العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها)، فهنا للعرف دور فى مخالفة ما أوجب القانون تحديده فإن كان العرف يحدد ميعاد آخر لذلك فإن القاعدة العرفية هي التي تطبق. 3- العرف المكمل:
أي أن العرف الذي يكمل دور القاضي عندما يعرض عليه نزاع ولم يجد فى نصوص التشريع ما يسعفه لحل النزاع.
أركان العرف:
– للعرف ركنين
1- الركن المادي: أي مجموعة متواثرة من التصرفات والأفعال القادرة على تكوين روابط اجتماعية مصحوبة بجزاء، وهذا الاعتبار ينبغي أن يكون بصفة مستمرة طوال أجيال متعاقبة بحيث يسودها الثبات والاستقرار، ومثال ذلك أن العرف التجاري جرى على أن التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية. 2- الركن المعنوي:
أي اعتقاد الناس أن ما ألفه هؤلاء الأفراد قد أصبح ملزما، وهذا الالتزام ناشئ عن شعور الأفراد بضرورة الروابط الاجتماعية وعدم الخروج عن المألوف، وهذا ما يطلق عليه البعض العنصر النفسى. القوة الملزمة للعرف:
– اختلفت آراء الفقه حول تحديد القوة الملزمة للعرف إلى أربعة اتجاهات كالتالي: الاتجاه الأول: القوة الملزمة (السلطة العامة)، أى أن العرف يعتبر ضمناً رضاء من السلطة العامة بتطبيقه ومن ثم فإن القوة الملزمة للعرف لابد أن تستند إلى هذه السلطة العامة، ولكن يؤخذ على هذا الرأي أن العرف أسبق فى نشأته من وجود التشريع. الاتجاه الثانى: القوة الملزمة (حكم القضاء)، ساد هذا الاتجاه فى الدول التى تأخذ بنظام السوابق القضائية مثل القانون الإنجليزى، فالعرف لا يتكون هنا إلا بعد حكم المحاكم، ومن ثم فإن القاضى هو الذى ينشئ القاعدة العرفية، ويضفى عليها صفة الإلزام، ولكن هذا الاتجاه كسابقه يؤخذ عليه أن القاضى إذا كان قد طبق العرف، فهو يطبقه لأنه قاعدة قانونية ملزمة، فهل القاضى وفق ذلك يكون قد أصبح مشرعاً، وقد ذهب البعض رغم هذه المآخذ أن للقضاء بلا شك دور واضح فى تحديد مضمون القاعدة العرفية.
الاتجاه الثالث: القوة الملزمة (الضرورة الاجتماعية للعرف)، أى أن العرف له دور مكمل للتشريع، فربما لا يلاحق التشريع الزمان، فلا بد أن يكون مضافاً لديه قواعد عرفيه تساير هذا التطور، وهو ما تفرضه الضرورات الاجتماعية، ولكن هذا الاتجاه ظاهر البطلان، فالضرورة الاجتماعية لا تخلع عليه صفة الإلزام وهي العنصر الاساسى فى القاعدة العرفية. الاتجاه الرابع: القوة الملزمة (رضاء الجماعة)، فلما كان العرف ناشئ عن اتباع الأفراد لقواعد سلوكية معينة بمحض إرادتهم أصبح في اعتقادهم أن تلك القواعد صارت ملزمة، وهذا إنما يدل على رضاهم التام تجاه هذه القواعد السلوكية.
ونعتقد مع البعض أن الإتجاه الصحيح هو رضاء الجماعة والذى يكون القوة الملزمة للعرف. العرف والعادة الاتفاقية:
يقصد بالعادة الاتفاقية أن الأفراد يتبعون سلوكاً معيناً فترة طويلة من الزمن ولكن لا ينشأ في الاعتقاد لديهم بالزامية هذه القواعد التى تم اتباعها وكما عرفها البعض بأنها عرف ناقص، وهناك فروق جوهرية بين العادة الاتفاقية والعرف على النحو التالى. 1- على القاضي أن يطبق العرف دون حاجة لتمسك الخصوم في النزاع به اما العادة فإنها لا ترتقي إلى مرتبة القانون ولا يجوز للقاضي طلب تطبيقها إلا إذا تمسك بها الخصوم. 2- يتعين على القاضى افتراض العلم بالقاعدة بالقاعدة العرفية, أما العادة فهى مجرد شرط من شروط العقد ويجب على من يتمسك بها أن يثبت وجودها و إتجاه إرادة الخصوم في النزاع إلى العمل بها. 3- لا يجوز التذرع بالجهل بالقاعدة العرفية أما فى العادة الاتفاقية فإنه يجوز لأحد الخصوم الادعاء بالجهل بها. 4- فى مجال الرقابة القضائية التى تباشرها محكمة النقض يخضع القاضي في مجال القاعدة العرفية لنطاق تلك الرقابة، أما العادة الاتفاقية فلا رقابة لمحكمة النقض عليها. دور العرف فى القانون المصرى:
العرف يلعب دوراً فاعلاً فى القانون الدولى العام والقانون الدستورى والقانون التجارى ثم نجد أنه يقل نشاطه فى مجال القانون المدنى ويكاد ينعدم نشاطه في مجال القانون الجنائى. أ- دور العرف فى القانون التجارى: مثل فى حالة الاعتداد بسجن النية فى عدم جواز الاحتجاج بالدفوع على حامل الورقة التجارية…. وهكذا. ب- دور العرف فى القانون الدستورى: إن العرف له دور ملحوظ فى الدساتير غير المكتوبة فقط بينما يتضاءل دوره فى الدساتير المكتوبة. جـ- دور العرف فى القانون الإدارى: فقواعد القانون الإداري تكتمل عن طريق التشريع، فمعظم أحكام القانون الإداري عرف استقر وتواتر فى الاستخدام مع الاعتقاد الراسخ بإلزامه. د- دور العرف فى القانون الدولى العام: يلعب العرف دوراً فاعلاً فى مجال القانون الدولي العام باعتبار أنه لا توجد هيئة تشريعية تملك سن القوانين. هـ- دور العرف فى القانون المدني: دور العرف فى القانون المدني محدود للغاية، وهذا يرجع إلى التشريع، يتطور حالياً بصورة تكاد تقوم بسد الثغرات القانونية فى التشريع العادي. و- دور العرف فى القانون الجنائي: إن العرف لا يلعب أي دور فى القانون الجنائى حيث أن القاعدة الدستورية الجنائية وهي مبدأ الشرعية الجنائية (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) ومن ثم فإن العرف لا ينشئ جريمة ولاعقوبة. مزايا وعيوب العرف: للعرف مزايا وعيوب نعرضها كما يلي……
مزايا العرف:
1) يعتبر العرف أصدق القواعد القانونية فهو تعبير أصيل عن إرادة الأفراد داخل الدولة. 2) للعرف دور هام فى الحياة التشريعية، فالعرف قد يكون مكملاً للتشريع أو معاوناً له أو مخالفا له. ثانياً: عيوب العرف: 1- قد يصعب عندما تتغير الظروف الاجتماعية أن يتغير العرف لمواجهة هذه الظروف على خلاف التشريع فإنه ملاحق للتطورات الحديثة، فالعرف يُعاب عليه أنه قد يعرقل مصالح الجماعة الحديثة. 2- يؤخذ على القاعدة العرفية الغموض وصعوبة الإثبات. 3- قد يكون العرف خاصاً بإقليم معين، فتتعدد القوانين بتعدد الأعراف مما يصعب معه وحدة واحدة للنظام القانوني الواجب التطبيق داخل الجماعة؟، فمصلحة الجماعة هي وحدة القانون على إقليم الدولة وعلى أي فتازناخت كغيرها من المناطق الأمازيغية عملت هي الأخرى بالعرف منذ القدم.
وقديما قال الجنرال “اليوطي” الفرنسي إبان فترة الاستعمار، إن قوة الشعب الأمازيغي تكمن في عرفه القبلي. فإلى أي حد قد صدق هذا الجنرال؟، حيث لا يمكننا أن نجيب على هذا السؤال إلا إذا استعرضنا نماذج مختلفة من هذه الأعراف الأمازيغية التي تمثل بحق قوة الشعب الأمازيغي.
يطلق العرف عند بعض الأمازيغ في المغرب بتسميات مختلفة لكنها متشابهة من حيث الكيفية والطريقة. فالعرف عادة هو القانون..، والأمازيغية الفصيحة هو.. ازرف، وهو مفرد والجمع.. ءيزرفان..
وفي المغرب هناك تسميات مختلفة تطلق على هذا العرف، فهناك من يطلق عليها.. ءيمزوورا.. والبعض الآخر يسمونه..ءيمزوارن..ءينفلاس.. ءيد بوطناش.. ايت تبوعشرينت.. أو آيت تبوربعينت إلى غير ذلك من التسميات الكثيرة المتعددة.. وعلى أي فالعرف الأمازيغي هو ذلك القانون القديم الذي ينظم سلوك الفرد والمجتمع في المجتمع الأمازيغي القديم، أو قل إنه مؤسسة أو منظمة أو جمعية تقليدية آنذاك؛ فهو ليس جمعية عصرية كما نعرفها الآن، لكنها جمعية اختيرت من طرف الأمازيغ بطريقة تلقائية معبرة، وبشروط معروفة آنذاك وجد دقيقة، فليس من السهل أن تكون عضوا فعالا في تلك الجمعية التقليدية العتيقة..ادا لم تتوفر فيك شروط أهمها.. الإدراك العقلي أي البلوغ والشعبية.. أي أن تكون ذات شخصية معروفة لدى المواطنين ثم التجربة..أي أن تكون لديك تجربة كبيرة في الميدان ثم الثقة..أي أن تكسب ثقة السكان من الكبير الى الصغير.
وعلى أي فالعرف في المفهوم الشعبي الامازيغي هو المؤسسة أو الإدارة وهو قوة الامازيغ، والذي يتشكل عبر عدد كبير من الأعيان.. او ءيمزوورا، وكل فرد من هؤلاء الأعيان تعطى له مهمة خاصة لايتجاوزها وهم على الشكل التالي.. -امزوارو ن ءيمزوورا او رئيس الرؤساء – امزوارو ن ءيمشاران د ءيناغان المكلف بالحرب والصلح – امزوارو ن تيضاف المكلف بحراسة الأملاك من بساتين وحقول وابوار وسواقي إلى غير ذلك أي بعبارة أصح المكلف بالفلاحة -امزوارو ن تكمي ن تقبيلت وتيكمي هي دار الجماعة أي هو الذي يكلف بدار القبيلة – امزوارو ن تمحضيت المكلف بأموال القبيلة – امزوارو ن وازاين..او تافكورت المكلف اساسا بجمع الغرامات النقدية والمالية التي يأخذها عند الخارجين على القانون – امزوارو ن تمزكيدا..وتيمزكيدا هو المسجد أي المكلف بكل شيء يحتاجه المسجد أو..تينمل.. – امزوارو ن توزدايين المكلف بالعلاقات مع القبائل الأخرى. ملاحظة هدا النموذج من العرف الامازيغي مأخوذ من ايت واوزكيت بتازناخت الكبرى ورزازات المغرب والذي كان سائدا آنذاك قبل الاستعمار الفرنسي للمغرب
المراجع المعتمدة..
. 3223 ه – 2000 م، ص 31 ، – إسماعيل كُوكَسَال: تغير الأحكام في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة ناشرون بيروت، ط 3 43 .229- 3990 ، ص 222 ، – عثمان فتحي: الفكر الإسلامي والتطور، دار البرق للنشر، تونس العاصمة، ط 3 44 . – معروف الدواليبي: النصوص وتغير الأحكام، مجلة المسلمون، ع 1، ص 881 . – محمد النويهي: نحو ثورة الفكر الديني، مجلة الآداب، بيروت، عدد ماي 3990 ، ص 303 – مصطفى إبراهيم الزلمي: إيضاح الفوائد في شرح القواعد على نمط جدي د، م.س، ص 111 بتصرف يسير. – أحمد فهمي أو سنة: العرف والعادة في رأي الفقهاء، مطبعة الأزهر، سنة 3925 )دون ذكر عدد الطبعة(، ص 3 – العرف المتداول بتازناخت ونواحيها باقليم ورزازات
التعليقات مغلقة.