أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

لا تنمية سياسية بزعامات كارتونية… بقلم الباحثة بشرى عبدالدايم.

بقلم الباحثة/ بشرى عبد الدايم

إن مفهوم التنمية السياسية يرتبط بتحقيق المشاركة في إطار سيادة القانون، حيث تعني التنمية السياسية في هذا الإطار تأكيد حق المشاركة وتوسيع قاعدتها، وتفعيل هذه المشاركة وما يرافقها من تحديث وتطوير للنظم والإجراءات والوسائل التي تكفل تحقيق هذه الأهداف.. وبما أن الممارسة الحزبية تعتبر ترجمة فعلية لواقع التنمية السياسية بكل تجلياتها وعلاقتها، وبها أيضا يتحدد مدى وعي الفاعل السياسي و الناخب – على السواء – ومدى استيعابه لأهمية العمل السياسي و المشاركة السياسية. وهنا لا بد من استحضار “واجب” المقارنة لتذليل السبل لوضع الأصبع على الجرح من أجل تغيير الواقع، حيث نجد واقع الحال يستدعي إعادة النظر في آليات التأطير والتكوين السياسي فلا نخبة سياسية بدون فلسفة سياسية واضحة، ومنهجية شفافة تساؤلها أطر واعية وزعامات كريزماتية مواطناتية تؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

والأكيد أن الممارسة السياسية اليوم عرفت مستويات متدنية من حيث أبجدياتها وانتهاك أخلاقيات العمل السياسي وخاصة الحزبي منه في غياب للمساءلة القانونية، فما يلاحظ جليا استهتار النخبة السياسية بالمواطن و الحالات كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها.

فغياب القدوة والرمز داخل الحزب السياسي من الأمور التي باتت تؤثر في المشهد السياسي، فالقيادة التحكمية التي لا تقوم بدورها الحقيقي في تأطير المناضلين و المناضلات وتروم منطق المحسوبية والولاءات في تعزيز اللوائح الوطنية و التناوب على الكراسي بين المقربين وتكرس منهج الإقصاء للنخب الفاعلة ، فأضحى ” نضال” الأسر من داخل الأحزاب منطلقا لتحقيق المكاسب و للتناوب على كرسي الزعامة “الوهم”، ومن نتائج ذلك الدفع بالكثيرين من الفاعلين السياسيين إلى تبني منطق العزلة السياسية و التفرج من بعيد ،أو اللجوء إلى رفع شعار التصحيح أو النزوع إلى تأسيس حزب جديد… فالفكر التحكمي الذي تقاربه أغلبية القيادات الحزبية نتج عنه غياب تأطير سياسي للشباب و تردي الفعل السياسي القادر على تدبير التنمية السياسية ،و كلما تمعنا في الأمر إلا و أظهرت المعاينة خوف القيادات من فقد كرسي الزعامة “المقدس” ….أقول هذا لأنه متى سقطت الزعامات و الرموز في مهب رياح المصلحة الشخصية و اختزلت مسار أحزابها في منصب وزاري أو كرسي برلماني سقطت معها القدوة السياسية و الريادة، و استفحل رواد الانتهازية والمصلحاتية في دواليب الحكم والمؤسسات التمثيلية وانتشر الفساد ..، فلا تنمية سياسية بزعامات كرتونية تبحث عن المقاعد وتستحمر الشعب و تسخر من ذكائه، لأن التنمية السياسية لا تتأتى إلا بنشر ثقافتها وتعزيز ثقافة الحوار من داخل الأحزاب أولا، لأنها خيار استراتيجي علمي وشامل ونهائي يهدف إلى تقدم المجتمع في جميع الأصعدة.

لذا التاريخ لا يرحم من يتحايل على الأمة كما أن ذاكرته قوية و لا يحترم المغفلين …

التعليقات مغلقة.