في أوج منافسات بطولة كأس الأمم الأفريقية (الكان)، وخلافا لادعاءات السلطات، يعد ضمان الأمن في الأقاليم الكاميرونية الناطقة باللغة الإنكليزية أمرًا بعيدًا عن الواقع، فتلك المناطق الواقعة شمال غرب وجنوب غرب البلاد، ومنذ عام 2017 يجتاحها صراع بين الجيش والانفصاليين.
فقبل مباراة افتتاح البطولة التي أقيمت في ليمبي مساء الثلاثاء 11 كانون الثاني/يناير، غادر السيناتور هنري كيميندي منزله في مسقط رأسه بامندا، عاصمة المنطقة الشمالية الغربية التي مزقتها الحرب… ولم يعد قط.
بعد ساعات عدة، عثر على جثمان الخصم السياسي العتيد وصدره ممزق بطلقات الرصاص. فهنري كيميندي، المحامي وعضو مجلس الشيوخ ممثلًا لأحد أحزاب المعارضة الرئيسية في الكاميرون “الجبهة الديمقراطية الاجتماعية”، هو مدافع من الوزن الثقيل عن حقوق الإنسان بالبلاد.
وهو أيضا ممثل مهم للأقلية الناطقة باللغة الإنكليزية التي تمثل نحو 20 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 28 مليون نسمة.
وعلى الرغم من التهديد الجهادي الذي تواجهه البلاد في شمالها، والتمرد الانفصالي في غربها، ووباء فيروس كورونا الذي يجتاحها، لم تدخر الحكومة جهدًا في التأكيد على أن: “الأمن مضمون”. وهو أمرٌ مستغرب نظرا للتهديد بتعطيل المباريات الذي وجهه مقاتلو الجماعات المسلحة المكونة من مزيج غير متجانس، التي تقاتل من أجل إنشاء دولة مستقلة في غرب البلاد أطلقوا عليها اسم “أمبازونيا”.
وحتى اللحظة الراهنة، لم يعلن أحد إلى الآن مسؤوليته عن قتل هنري كيميندي. وبينما نفت “القوات الديمقراطية المتحالفة”، وهي إحدى الجماعات الانفصالية الرئيسية الناطقة بالإنكليزية، مسؤوليتها عن ارتكاب هذه الجريمة، أعلنت مسؤوليتها عن هجوم يوم الأربعاء الماضي، أسفر عن مقتل جندي كاميروني نظامي في بويا، وهي بلدة تقع غرب البلاد على بعد حوالي 20 كيلومترا شمال ليمبي، التي تستضيف فرق المجموعة السادسة المشاركة في البطولة: مالي وغامبيا وتونس وموريتانيا.
كان هنري كيميندي ضيفًا دائم الظهور على شاشات القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة الإنكليزية في الكاميرون، ولما لا فهو مدافع شرس عن حقوق ناخبيه ولا يخشى مواجهة السلطة الحاكمة وانتقادها علانية.
يا لها من خسارة فادحة”، هكذا بدأ كريستوفر فومونيوه حديثه لفرانس 24، وهو الباحث الأول في الشوؤن الأفريقية بالمعهد الوطني الديمقراطي ومقره واشنطن العاصمة. وتابع بالقول: “وبالطبع خسارة أكبر لعائلته. كما أنها خسارة لا تعوض لمهنة المحاماة، بالنظر إلى الدور الذي ساهم به المحامون منذ بدء هذه الأزمة والمسؤولية الواقعة على عاتقهم من أجل تقديم حلول لها. أما على المستوى الوطني، فإن اغتيال عضو بمجلس الشيوخ الذي هو مؤسسة حماية الدستور أمر عظيم الخطر. كما يمثل خسارة فادحة ستؤدي لاستمرار الصراع واتساع الفجوة بين السكان الناطقين باللغة الإنكليزية والدولة الكاميرونية”.
إن اغتيال هنري كيميندي والهجوم على بويا يضعان تحت المجهر صراعًا تحاول الحكومة الكاميرونية إخفاءه عن المجتمع الدولي.
المصدر فرنس 24
التعليقات مغلقة.