بوجدور – ما فتئت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ إطلاق مرحلتها الثالثة من طرف جلالة الملك محمد السادس في 2018، تقدم دعما ماليا وتقنيا متواصلا للشباب حاملي المشاريع، بهدف المساهمة في التنمية الاقتصادية المحلية بإقليم بوجدور.
وفي هذا الصدد، استفاد العديد من شباب الإقليم من مواكبة وتأطير وتمويل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف تجسيد أفكار مشاريعهم أو تطوير أنشطتهم في إطار مقاربة مندمجة تروم إحداث قيمة مضافة على المستوى المحلي وضمان استدامة المشاريع.
ومن بين المشاريع الرائدة الممولة في إطار برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي لدى الشباب، سواء في المحور المتعلق بـ “دعم ريادة الأعمال لدى الشباب” أو تلك المتعلقة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، هناك أربعة مشاريع للشباب الملتزمين بإقامة مشاريعهم الخاصة.
ويمثل الشاب بدر خطيش، مؤسس شركة “البدر للطباعة على الأكياس” في بوجدور، العاملة في مجال الطباعة على النسيج، نموذجا ساطعا لهذه الفئة من الشباب الطموح.
وقال السيد خطيش (31 عاما)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الشركة التي تأسست في مارس 2022، تعمل في مجالات الطباعة على النسيج لاسيما الملابس والحقائب القماشية والسترات المهنية والملابس الرياضية، مشيرا إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قدمت دعما ماليا يقدر بـ 100 ألف درهم، مما مكّن من اقتناء آلة طباعة على النسيج بالإضافة إلى معدات أخرى.
وأكد المقاول الشاب، كذلك، أن هذه الشركة التي توظف وكيلا تجاريا ومصمما فنيا وتقنيا، تستهدف اليوم فئة من الزبائن في كل من بوجدور والعيون والداخلة والدار البيضاء، وكذا لاس بالماس في إسبانيا، معربا عن رغبته في تطوير مشروعه ليصل إلى زبائن من مدن أخرى.
وأشار إلى أن مجال تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يهم المواكبة التقنية خلال مرحلة ما قبل إنشاء الشركة، ثم الدعم التقني والتمويل خلال مرحلة ما بعد الإنشاء.
كما يتجسد الالتزام المتواصل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، من خلال دعمها للتعاونيات المحلية التي تحمل أفكار مشاريع تنطلق من قطاعات واعدة بالإقليم تساهم بشكل كبير في تشغيل الشباب وتسهيل إدماجهم الاقتصادي.
وتعد التعاونية المتخصصة في نجارة قوارب الصيد التقليدي نموذجا ساطعا لجيل جديد من المشاريع الكفيلة بتطوير الاقتصاد المحلي، وتلبية احتياجات ورش بناء السفن على مستوى الإقليم.
ويهم المشروع، الذي عبأ غلافا ماليا إجماليا قدره 278.400 درهم من بينها 222.720 درهم كمساهمة من المبادرة، بناء وإصلاح وترميم قوارب الصيد التقليدي المصنوعة من الخشب.
وقال رئيس التعاونية، عمر لبتيت، “لقد قدمت لي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الدعم المالي الذي مكنني من الحصول على المواد والمعدات اللازمة لتقطيع وتشكيل المواد الخام”.
كما أشار السيد لبتيت (35 عاما) إلى أن هذه التعاونية توظف خمسة حرفيين، اثنان منهم مكلفان بإصلاح قوارب الصيد التقليدية في ميناء بوجدور ومختلف قرى الصيد بالإقليم.
وشدد، في هذا السياق، على أهمية المواكبة التقنية التي تقدمها منصة الشباب ببوجدور خلال مرحلتي ما قبل وما بعد إنشاء مشروعه.
وينطبق الشيء نفسه على رئيس تعاونية “الرخام البلدي”، محسن الكوشي، الذي بدأ مشروعه قبل سنة ونصف، مستفيدا من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من حيث اقتناء المعدات والمواد الضرورية لممارسة هذه المهنة.
وتطلب هذا المشروع، المنجز في إطار البرنامج الثالث من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مساحة 90 متر مربع، استثمارات إجمالية قدرها 180.585 درهم، بينها 144.468 درهم كمساهمة من المبادرة.
من جانبه، أكد رئيس تعاونية “الجنوب لجمع وتلفيف الطحالب البحرية”، عبد الله بوخريص، أنه استفاد من دعم المرحلة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 2015 من حيث التجهيزات، معربا عن شكره وامتنانه للمبادرة التي مكّنته من تحقيق حلمه.
وأوضح السيد بوخريص أن التعاونية، التي أحدثت في 2010، تهدف إلى بث دينامية جديدة في الاقتصاد المحلي، مضيفا أن التعاونية توظف ما بين 30 و50 أجيرا موسميا وستة آخرين دائمين مكلفين بجمع وتلفيف الطحالب البحرية.
وأضاف أن التعاونية تستغل ما بين 70 و80 طن سنويا خلال الفترات التي يسمح فيها بجمع الطحالب البحرية، مضيفا أن هذه الأخيرة يتم تصديرها كمادة خام إلى كل من إسبانيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى السوق المحلية.
وتشكل هذه المشاريع الأربعة نماذج تجسد فلسفة المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تركز على تعزيز روح ريادة الأعمال لدى الشباب ودعم مشاريع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
ووفقا لمعطيات قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم بوجدور، فقد صادقت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بوجدور، خلال الفترة 2019-2023، على ما مجموعه 117 مشروعا تنمويا لفائدة 525 شابا، من بينهم 205 نساء، بغلاف مالي قدره 24.4 مليون درهم، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لاسيما برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب.
وتهم معظم هذه المشاريع، التي ساهم فيها صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ 14 مليون درهم، قطاعات مختلفة تشمل الفلاحة (13 مشروعا) والصيد البحري (11) والصناعة التقليدية (42) والصناعة والتجارة والخدمات (48) والسياحة (3).
وتم تخصيص غلاف مالي ناهز 6 ملايين درهم لتمويل 59 مشروعا في إطار محور دعم ريادة الأعمال لدى الشباب، والتي مكنت من إحداث 212 منصب شغل، فيما تمت تعبئة 4 ملايين درهم لفائدة 58 مشروعا (313 فرصة شغل)، في إطار محور دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
لقد ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في إطار مرحلتها الثالثة، بشكل كبير في تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب على مستوى إقليم بوجدور وتعزيز روح المبادرة لديهم، فضلا عن اعتماد جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل وفرص الشغل.
ويحظى الدعم الذي تقدمه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذا المجال بتقدير كبير من طرف الشباب حاملي أفكار مشاريع على مستوى هذا الإقليم، ممن أبدوا رغبة كبيرة للمساهمة في تطوير محيطهم السوسيو-اقتصادي.
التعليقات مغلقة.