المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب: دوره، قيمته، أهدافه وإنجازاته
بدر شاشا
يعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب من أبرز الهيئات الاستشارية التي تم إنشاؤها بهدف تقديم المشورة والمساهمة في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في البلاد. تأسس هذا المجلس بموجب الدستور المغربي المعدل لعام 2011، الذي سعى إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية وضمان مشاركة جميع الفاعلين في عملية صنع القرار.
لكن رغم مرور الوقت، يبقى السؤال: ما هو الدور الذي يلعبه المجلس؟ وما هي القيمة التي يقدمها للمجتمع المغربي؟ وكيف ساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في البلاد؟ يتمثل الدور الأساسي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقديم الاستشارات والتوصيات حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تهم البلاد. المجلس يعمل كحلقة وصل بين الحكومة والمجتمع المدني، حيث يوفر منصة للنقاش والحوار بين مختلف الأطراف المعنية. وفي هذا السياق، يعتبر المجلس مرجعًا فنيًا يقدم دراسات وتقارير حول القضايا المهمة التي تواجه الاقتصاد والمجتمع المغربي، ويساعد في اتخاذ القرارات السياسية بناءً على هذه الدراسات.
واحدة من القيم الأساسية التي يقدمها المجلس هي تعزيز الشفافية والمساءلة. من خلال التقرير الذي يقدمه بشأن السياسات العامة، يمكن للمواطنين والمجتمع المدني الاطلاع على الأوضاع الحالية، وبالتالي ممارسة الضغط من أجل تحسين السياسات الحكومية. وبذلك يساهم المجلس في تقوية الديمقراطية التشاركية من خلال ضمان إشراك الفاعلين في تطوير استراتيجيات وسياسات البلاد.أما بالنسبة لأهداف المجلس، فتتمثل في تعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان الاستدامة البيئية.
يعمل المجلس على تحليل الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وتقديم التوصيات التي تهدف إلى تحقيق التنمية المتوازنة في جميع أنحاء المغرب، لا سيما في المناطق النائية والمحرومة. كما يسعى المجلس إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال دعم السياسات التي تساهم في تقليص الفوارق بين الفئات الاجتماعية المختلفة، وتحسين فرص العمل، وتوفير خدمات أساسية للجميع، مثل الصحة والتعليم.
فيما يخص القضايا البيئية، يسعى المجلس إلى التأكد من أن السياسات الحكومية تأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة والموارد الطبيعية للمغرب. المجلس يساهم في توجيه الأنظار نحو القضايا البيئية الملحة مثل التغيرات المناخية، التصحر، وتدهور الأراضي، ويعمل على اقتراح حلول للمساهمة في الاستدامة البيئية والاقتصادية.
من الناحية العملية، حقق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عدة إنجازات مهمة في مجال استشراف السياسات العامة وتقديم التوصيات الاستراتيجية. من أبرز هذه الإنجازات، التقارير والدراسات التي أصدرها حول الإصلاحات الاقتصادية الكبرى في المغرب مثل إصلاح صندوق المقاصة، وكذلك التقارير المتعلقة بـ العدالة الاجتماعية و الإدماج الاقتصادي للفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء والشباب في المناطق الريفية. كما قدم المجلس توصيات قيمة بشأن الطاقة المتجددة والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تم تكليف المجلس بإعداد تقرير حول سياسة المغرب في مجال الطاقات المتجددة، التي تعد أحد الأهداف الاستراتيجية الكبرى في السياسات البيئية في المغرب.لعب المجلس دورًا هامًا في مجال العدالة الاجتماعية والمساواة، حيث قام بتقديم توصيات حول سياسات الدعم الاجتماعي، لا سيما فيما يتعلق بتحسين الظروف المعيشية للطبقات الفقيرة والطبقة الوسطى، ودعم الحق في العمل والحق في التمتع بالخدمات الاجتماعية الأساسية. وبالطبع، تساهم هذه التوصيات في تحسين البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المغربي. يعد المجلس منصة للحوار بين مختلف الفاعلين، بما في ذلك المجتمع المدني، القطاع الخاص، و الحكومة. وهذا التعاون بين الجهات المختلفة يسهم في تجنب التوترات الاجتماعية ويساعد في بناء توافقات وطنية حول قضايا رئيسية تهم مستقبل البلاد.
ومع ذلك، ورغم هذه الإنجازات العديدة، يبقى هناك تحديات كبيرة تواجه المجلس. على الرغم من تقديم التوصيات والدراسات، فإن قدرة المجلس على التأثير المباشر على السياسات العامة تعتمد بشكل كبير على استجابة الحكومة لهذه التوصيات ومدى تطبيقها في الواقع. كما أن هناك حاجة مستمرة إلى تعزيز استقلالية المجلس من حيث الموارد والقدرة على اتخاذ قرارات مستقلة بعيدًا عن التأثيرات السياسية، لضمان تحقيق فعالية أكبر في أدائه. يمكن القول إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب قد حقق خطوات كبيرة نحو إرساء ثقافة الحوار والمشاركة المجتمعية في رسم السياسات العامة، وهو يلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المغرب. لكن يبقى الطريق طويلًا لتحقيق أهدافه بشكل كامل، ويجب على الحكومة والمجتمع المدني مواصلة التعاون لتحقيق رؤية المجلس في بناء مغرب أكثر عدالة وتوازنًا في كل من جوانب الاقتصاد والبيئة والمجتمع.
التعليقات مغلقة.