أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

المرأة في الاساطير الشعبية الامازيغية اسطورة .تاقنوشت..

الحسن اعبا

إن الباحث في الشأن الاجتماعي الأمازيغي وفي سوسيولوجية مجتمعاته القديمة لا بد أن يخلص ببحثه إلى مجموعة من المقومات الأساسية التي تنبني عليها الحياة اليومية عند الأمازيغ، ألا وهي: الأرض (تمورث) والمرأة (تمغارث)، وبدون هذين الإثنين لا وجود لمعنى الرجل: (أمغار). 

من خلال هذه المعادلة الأمازيغية يتضح لنا وبكل جلاء على أن للمرأة دورا بارزا ومهما عبر كل مسارات الحياة بمختلف أوجهها وتوجهاتها؛ فهي ليست عنصرا ثانويا أو تكميليا بقدر ما هي الحياة ذاتها على مستوى جميع المجالات كما يراها أخوها الرجل، ما دامت تنتج وتعمل وتربي وتعلم وتساهم في جميع النشاطات الحيوية من حرث وزرع وخزف وزربية ونقش… 

ولم ينظر إليها الرجل هذه النظرة الحداثية حتى وجدها تقوم بنفس المهام التي يقوم بها الرجل نفسه، الشيء الذي لم تسول له نفسه التنكر لمهامها وأعمالها الجبارة، بل حاول الإشادة بما تقوم به وتنهى عليه لتستمر الحياة بشكل طبيعي وسليم ملؤها التضامن والتآخي والتعاون للتغلب على كل ما من شأنه أن يعرقل تحقيق الطموحات والأغراض.

 

وهذا العنصر الاجتماعي يحظى بمكانة مقدسة ورمزية لأنه ينبوع الحياة كما سلف القول.

فالأمازيغي يرفض أن يذكر أحد اسم زوجته باسمها الخاص وبشكل سيميولوجي يقول لها ضمن الحضور (الجماعة) أبنائي (إحارموشن). 

فهي ليست فردا عاديا بل هي أسرة وعائلة، أي كونها هي المؤسسة لهذه الفخذة التي لعبت دورا مهما في حياة الفرد والجماعة، واعتبرها الأمازيغ السر الذي ساهم في تطوير الحياة وبناء التاريخ سواء تعلق الأمر بعملية تقسيم العمل أو تسيير الشؤون السياسية والاقتصادية – من خلال ظاهرة أسواق النساء – وممارسة الفنون الجميلة. 

أما على مستوى الكفاح والمقاومة فتاريخ طويل أشادت به مختلف الأشعار والروايات الشفوية لتأكيد الدور والنضال للمرأة الأمازيغية حتى لا يقال إن دورها كان محصورا في المنزل بقدر ما جاوز فضاءات أخرى منافسة للرجل الذي نظر للمرأة من زاوية إنسانية وحضارية وليس جنسية أو استغلالية، فلم يسئ إليها أبدا ولم يهنها أو يقترف في حقها ما يمكن أن يتعارض مع القيم الإنسانية، فكانت المجتمعات الأمازيغية عبر التاريخ مجتمعات أمسية لا بطريركية، لا يسودها الفكر الرجولي الذي ينظر للمرأة باعتبارها عنصرا ناقص العقل والدين كما هو الشأن عند العرب الذين يقولون عنهن “بأن عقولهن في فروجهن”.

إن النظرة الأمازيغية الحضارية للمرأة حققت المجتمع الأميسي الذي ساهم في تحرير المرأة وتكسير القيود عنها وتمتيعها بحقوقها وحريتها لتتمكن مع مرور الزمن باعتلاء الشؤون السياسية والعسكرية وقيادة الانتفاضات ضد الاستبداد والجور، وعلى سبيل الذكر: ديهيا – زينب النفزاوية- بويا- كنزة الأوربية -…. إلى غير ذلك من الأميرات اللواتي غمرهن النسيان ولم يأت عليهن التاريخ الرسمي وظللن في المخيلات الشعبية أشكالا ميتولوجية ترافق الحضور اليومي لتثبيت اللامفكر فيه: ك”تينهنان” عند الطوارق بالنيجر. 

وحتى ما قبل التارخ يتأكد لنا الأمر بأن المرأة الأمازيغية عاشت في مجتمع أمسي دون فكر رجولي يقيد حريتها ويمنعها من ممارسة رغباتها، وهذا يتبين من خلال أسماء الإلهات كالإلهة “تنيت” أو من خلال نسب الأبناء للأم بدل الأب إلى غير ذلك من السمات التي تفيد بأن الرجل الأمازيغي كان يقدر المرأة ويحترمها باعتبارها أختا وأما وليس جارية أو عبيدة… وكان دوما يأخذ برأيها في شتى المواقف اليسيرة والعسيرة، فأحيانا يرسل الأب الابن ليشاوره فيما قد يقرره الأب، بمعنى أن الإنفراد بالموقف دون مشاورة المرأة غير وارد باعتبارها جزءا فعالا من رأي المجتمع. 

وعلى مستوى آخر بفضلها حاولنا الحفاظ على جزء مهم من التراث الشعبي المحلي من خلال تكريسها للفن المادي والروحي والرمزي واعتنائها بكل أشكال الأدب… الذي حاول قدر الإمكان أن يصون هويتنا الثقافية والتاريخية رغم مسخ التاريخ الرسمي، حتى صارت المرأة عند الأمازيغ أكثر من الجنس والنوع وقد سوى بينها وبين الأرض لاعتبارات الخصوبة والحياة والهوية والانتماء لأن الإنسان دون المرأة والأرض إنسان لا يعتبر عند الأمازيغ لأنه لا يمتلك مقومات الانتماء والهوية. فإذا كانت الأرض تمثل الوطن والهوية فإن المرأة هي من ينظم فوضى الرجل، لذا فإن صح التعبير هي مقوده. 

المرأة عند المجتمعات الأمازيغية قبل كل شيء قيمة إنسانية وليست جنسية أو رغباتية؛ وهذا المنظور الحضاري والنظرة المتفتحة هي نتاج وتتويج لتجربة تاريخية عاشها وعاصرها الأمازيغ منذ قرون وهي من ساهمت في ترسيخ بوادر المجتمع الأميسي الذي قال إن المرأة ليست طابو، بل هي قيمة حضارية غير قاصرة كما يعتقد البعض، فترى الرجل والمرأة معا في الحقل وكل ما يتطلبه الشأن اليومي من كد وتفان وإخلاص ليعيشوا دوما في الحب والتآخي دون طلاق أو تنافر…. فتاريخيا تبقى المرأة الأمازيغية عنصرا مقاوما مكافحا منتجا مبدعا وقد حملت كل معاني السيميولوجيا الدالة عن الخصوبة والمطر ليس مجاملة بل اعترافا بجميلها في سبيل الهوية الأمازيغية، فهي: عروس المطر القادرة على إحياء الأرض بعد الجفاف والحروب والأوبئة. 

ومن خلال النقش ونسج الزربية والحلي حاولت أن تعرف بحضارتنا خارج الحدود كما حاولت أن تقي هذه الحضارة من اليتم والتشتيت. 

هي إذن المرأة الأمازيغية، إنها عنصر حيوي يحب الحرية ويحب الاشتراك في العمل دون أن يبقى على الهامش.

لكن هذا الدور الريادي هو الذي كان يخيف النازحين إلى بلاد المغرب الأقصى فأخذوا الأمازيغيات جواري وسبايا خصوصا في عصر “موسى بن نصير” كما تحكي المصادر التاريخية. رد الاعتبار إذن للمرأة هو كذلك رد للاعتبار للأمازيغية، وتمتيع المرأة بحقوقها امتلاك للنظرة الحضارية للإنسان وإيمانه بالآخر وتكريسه للاختلاف.

أما الأسطورة فهي عبارة عن قصة تقليدية تتناول القصص التي تتعلق بالتاريخ القديم لشعبٍ ما، أو القصص التي تشرح ظواهر طبيعية، أو اجتماعية، وتتضمن الأساطير عادةً كائنات أو أحداث خارقة للطبيعة،[١] كما يمكن تعريف الأسطورة بأنّها عبارة عن روايات مرتبطة بأصل الكون، وعادةً ما تكون مرتبطةً بثقافة أو منطقة معينة، وتكون ذات طابعٍ كوني، كما يمكن تعريفها على أنّها روايات طبيعية مقدسة، بحيث ترتبط ببعض الطقوس، أو على أنّها روايات تكوينية، أو انعكاس للنظام الاجتماعي أو القيم في ثقافة معينة، بالإضافة إلى أنّها تمثل نظرية المعرفة أو طريقة فهم الطبيعة، وتنظيم الفكر، وغالباً ما تنطوي الروايات الأسطورية على شخصياتٍ بطولية، مثل: البشر أو الآلهة.

وهي أيضا حكاية أو قصة قديمة أو مجموعة من القصص تعود إلى الزمن القديم، ولكنها لا تكون دائماً قصص حقيقية حصلت على أرض الواقع، ومن الجدير بالذكر أنها تكون متعلقة بأحداث محددة، أو بأشخاص معيّنين،[١] أو بأماكن معينة، وتشبه الأساطير الحكايات الشعبية من ناحية المحتوى، ففيها أشخاص خارقين، وتفسيرات لظواهر طبيعية مختلفة عن الواقع.[٢] تنتقل الأساطير من جيل إلى آخر، ويختلف سرد الأساطير فمنها ما يتم سردها من خلال الشعر أو الروايات المروية شفهياً أو المدوّنة منها، وتهدف معظم الأساطير إلى تقديم درس معيّن أو فقط لتسلية المستمعين أو القرّاء، ومن الأمثلة على الأساطير؛

الغريبة والتي لها علاقة بالمرأة هي ..أسطورة تاقنوشت..وماهي تاقنوشت في المفهوم الشعبي الامازيغي بايت واوزكيت.يطلق على هذا المصطلح على البنت الصغيرة المحبوبة بين البنات اما في الأسطورة فيطلق على القدر أو ..تيكينت..تاكدورت..المصنوعة من الطين الأحمر..ءيدقي..أي الخزف..وتقول هذه الاسطورة الرائعة…كانت هناك في قديم الزمان امرأة انجبت اطفالا كلهم ذكور، وذات يوم طلبت هذه الأخيرة من ربها أن يرزقها ببنت ولكن أن تكون على شكل قدر او..تيكينت..اي ان لا تكون على هيئة بشر، فاستجاب الرب دعاءها ورزقت بتلك القدرة وذات يوم قالت تاقنوشت في نفسها لماذا لا أذهب عند اليهودي التاجر، ولما ذهبت الى متجره رآها اليهودي فأعجب بشكلها وقال شكرا للرب الذي أثاني بهذه القدرة لكي اضع فيها ذهبي وأموالي وجواهري فملأها؛ ولما أراد أن يفتحها تعب كثيرا واخدها مرة اخرى وضربها مع الحائط ولما فشلت محاولة اليهودي في فتحها لعنها وتركها.

ولما تركها جاءت متدحرجة إلى أمها الآدمية وفتحتها ووجدت بداخلها أموالا طائلة ففرحت الأم بذلك فرحا كثيرا.ومرت أيام على ذلك وذهبت تاقنوشت كعادتها ووجدت لصوصا سرقوا أموالا ولما رأوها اخدوها ووضعوا فيها أموالهم ولما أرادوا فتحها فشلوا وتركوها وتدحرجت إلى أمها التي وجدت فيها كل ما يروق النفس من أموال وفضة.
المراجع..

ملاحظة:

هي أسطورة شفوية نادرة كانت تقال بايت واوزكيت بتازناخت الكبرى
الاسطورة سبق أن تم نشرها في جريدة تويزا
الاسطورة رويت بلسان رقية اعبا وايت باها فاطمة بتازناخت القصبة
“legend”, www.dictionary.cambridge.org, Retrieved 21-6-2018. Edited. “Legend”, www.britannica.com, Retrieved 21-6-2018. Edited. ^ أ ب ت Richard Nordquist (19-4-2018), “What Is a Legend?”، www.thoughtco.com, Retrieved 21-6-2018. Edited.

التعليقات مغلقة.