مروان الشاطري
يرى الكثير أن التطرق لموضوع المرأة وكونها عورة أمر شائك وهو كذلك إن فسدت النية وكان الهدف سفسطة تثير زوبعة ولا تسقي حرثا، لكن في حقيقة الأمر وبعيدا عن كل مهاترة، فمكانة المرأة كما أرادها الله لها كمربية أجيال وضامنة لصلاح الأمة، هي مكانة متميزة توازي مكانة الرجل بل قد تفوقه أحيانا، ولهذا جاءتني فكرة أن أقدم سؤال حول هذا الموضوع إلى الكاتبات والكتاب الأصدقاء،
فاتجهت فورا نحو الحاسوب لأتفحص أسماء الكتاب والكاتبات الأصدقاء على الصفحة الزرقاء للتواصل الاجتماعي لأبعث السؤال “إذا كنا لا نرى المرأة إلا عورة فالعيب فيها أم فينا”، فتوصلت بمجموعة من الردود، أشاركها مع القراء الكرام.
*هشام الحمراوي
المرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة، و “ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم” كما قال نبي الإسلام، واعتبارها عورة (بمعناها المنتشر بين العامة) هو جهل بالنصوص، ونقص في التربية السليمة، فلم يمنع الرعيل الأول في الإسلام المرأة من المشاركة في الحياة العامة، فكانت تخرج طلبا للعلم، ونصرة للدين، منهن من حملن القلم، ومنهم من حملن السيف، بل تفقهت النساء حتى كانت لها مجالس علم يبغيها كل طالب له.
فكانت المرأة بانية لنهضة الأمة جنبا لجنب مع الرجل، وتاريحنا حافل بالأسماء لمن أراد أن يستزيد.
لذلك، فالعيب كل العيب أن لا نرى من المرأة إلا جسدا، نرغب فيه أو نعين أنفسنا حفظة له
*موسى الطائي
إن الذهاب برأي البعض على أن المرأة هي عورة وناقصة عقل ودين وما إلى ذلك من توصيفات تحط من شأنها إنما جاءت نتيجة الموروث التاريخي المشوه الذي أراده البعض من ولاة الدولة الإسلامية أن يكون وسخرت له الأقلام المرتزقه وأوهمت الناس وبشيء من الخبث على أن كل ما ورد في السيرة النبوية والتاريخ هو من المسلمات التي لا جدال فيها وعلى هذا أساس هذا التقييم شرعت الكثير من القوانين الوضعية والأعراف الاجتماعية والتي حددت المسار لحياة المرأ في المجتمع الشرقي والإسلامي، فالمرأة في المجتمع الشرقي ماهي إلا كيان مسلوب الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار حتى في فيما يخص ذاته وتكون كل هذه القرارات بيد أولي الأمر من الذكور حتى وإن كان لا يفقه من الدين شيئا وقد كانت هناك محاولات على مر التاريخ وأصوات تقدمية تعالت بالمطالبة باستقلالية المرأة والاعتراف بوجودها كشخصية معنوية تتمتع بكل الحقوق الشرعية التي كفلتها لها السماء إلا أن كثير ما تواجه هكذا دعوات بتهمة التمرد والانحلال .. أن جل ماتريده المرأة في الوقت الحاضر هو رفع الوصايا عنها بحجة كونها كائن ضعيف وناقص لا يمكن أن يديم وجوده إلا في ظل وجود رجل وأنها كيان إنساني يتمتع بكامل حقوقه الشخصية المعنوية وطرف مهم لا يمكن تجاهله في معادلة الوجود البشري ولها الحق في تقرير المصير بما يضمن كرامتها الإنسانية.
*سعيد الشوادفي
نعم يا أخي إن لم نرى في المرأة إلا العورة فالعيب فينا، فالمرأة أم وأخت وزوجة وابنة، وكانت بعض النساء يجاهدن مع النبي صل الله عليه وسلم وعلى سبيل المثال (عائشة بنت أبي بكر الصديق، وأم أيمن بركة الحبشية، وأم عمارة نسيبة بنت كعب، وحمنة بنت جحش، وأم سليط، وأم سليم ونسوة من الأنصار، النساء يا أخي شقائق الرجال، وقد أخبرنا الله عن النساء بقوله: “ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
وهنا نعلم أن المرأة بعض الرجل، وقال النبي صل الله عليه وسلم في حجة الوداع، اوصيكم بالنساء خير فما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم.
ومن وجهة نظري أن من يرى أن المرأة ككل عورة فهو مريض نفسي يحتاج إلى علاج.
*ياسر غريب
يبدو أن التقليل من شأن المرأة عبر التاريخ ارتبط بأشكال النشاط الاقتصادي السائدة في المجتمعات. وتبعاً لذلك ستكون الأنثى في مرتبة متأخرة من الذكر بعضلاته المفتولة في مجتمعات الصيد والحرب والرعي والزراعة، وتقتصر مكانة الأنثى في دائرة خدمة ذلك الذكر الذي يوفر الطعام، ويحصل على مقابل ذلك خدمة منزلية أو جنسية. وهو ما يعني تسليع المرأة.
هذه الآلية البدائية التي لم تتغير كثيراً عبر التاريخ في معظم المجتمعات الإنسانية الشرقية التي أنشأت تمييزاً كبيراً ضد الأنثى، ذات البنية الجسدية الهزيلة والمرغوبة من الذكر في آنٍ واحد. فاشتعلت ظاهرة الغيرة على الأنثى من منطلق غرائزي، ونشأ مصطلح “الحريم”، الذي غالى فيه المحافظون في استخدام مصطلح “العورة”، وتأسس البيت الإسلامي معمارياً وفق هذا التصور؛ فاحتجبت المرأة في “الحرملك”، ، وكانت لا تنظر إلى الطرقات إلا تلصصاً عبر “المشربيات”، وكان خروجها إلى الشارع مسيجاً بالموانع وإذا حدث فستكون ملتحفة بالسواد لكيلا تعرف، فجسدها عورة ووجهها عورة وصوتها عورة، وهو ما أخرّ من تعليم المرأة ومشاركتها الاجتماعية وأبقاها في موقعها البدائي حتى وقت قريب في التاريخ الحديث.
الفقه الذي أنشأه المسلمون في العصور المتأخرة بالغ في تأصيل فكرة عورة المرأة، وهو في ذلك لم يستمد أفكاره من القرآن بقدر ما استمدها من سيطرة الممارسات الاجتماعية والتاريخية ذات النزعة الذكورية السلطوية. بالرغم من أن القرآن يطرح بوضوح فكرة المساواة بين الذكر والأنثى في التكاليف والواجبات، مع إبراز أن فكرة القوامة تقوم على أساس تكليف الذكر برعاية الأنثى لما مُنح من إمكانات مادية وقدرات جسدية على الكسب والإنفاق والحماية، فالقوامة ليست مكافأة مجانية للذكر ليستحوذ من خلاله على جسد الأنثى وعقلها وروحها.
في الوقت الحالي ومع ارتفاع مستوى التعليم في المجتمعات الإسلامية، انحسر مفهوم عورة المرأة عما كان موجوداً من قبل، بالرغم من أن دوائر الفكر الديني السلفية لا تزال مرتبطة بالمتون القديمة وما كتب فيها من اجتهادات بشرية قديمة حول تسييج المرأة.
على الجانب الغربي، ومع رفع شعار المساواة، لا يختلف جوهر الأمر كثيراً، بالرغم من أن القوانين النظرية تحاول تضع حداً لذلك، فالاستمتاع بجسد المرأة يأخذ أشكالاً تجارية متطورة، وعدم المساواة بين الذكر والأنثى في الأجور أمرٌ مألوف، وتفلت الرجل من مسؤولياته لحماية المرأة ورعايتها يتزايد بحجة المساواة الكاذبة، ومن الشائع أن تنشأ علاقة منفعة جسدية يغادر الرجل على إثرها إلى علاقة أخرى، بينما تتحول المرأة على إثر تلك العلاقة إلى أم بلا عائل ولا راعٍ.
*زينب خلوق
يعد الفكر العربي عموما منذ محطاته التاريخية مقتصر على أساليب حداثية غربية خاصة إن كان يتعلق بمواضيع العلوم الإنسانية التي ينعكس عليها تداخل الذات بالموضوع. بالرغم من تميزها بالدقة والتعقيد إلا وأنها لا يمكن وأن تدرس بشكل موضوعي محض. ولهذا فإن الوضعية الماثلة أمامنا تحيل إلى مفارفة سوسيولوجيا بين الرجل والمرأة. لحد يجعلنا نتساءل: ما هي المرأة؟ وما علاقتها بالرجل؟
وإذا كان الرجل ينظر إلى المرأة على أنها عورة فهل العيب فيه أم في المرأة؟. الكل سيتفق معي إن قلت بأن المرأة كائن ذو طبيعة مزودجة يتحدد وفق خاصيتين أساسيتين الأولى تتمثل في خضوعها للقانون البيولوجي والثاني يتمثل في القانون السيكولوجي ( العاطفي, الوجداني) أما الرجل فيخضع وفقا لمنطق العقل والغريزة. فمن حيث أن ماهية الإنسان كونه كائن عاقل إلا وأن هذا لا يعني أن المرأة تخلو من خاصية الإدراك والعقل، إلا وأن نسبة العاطفة تزداد أضعافا على الرجل وذلك بسبب اتصالها بالحضن الدافئ لتربية الأبناء ولحملها لقب الأم، إن هذا الثقل الذي تحمله هذه المرأة على عاتقها هو ما يسمى بالأمومة. ولهذا فإن ما يميز المرأة على الرجل كونها تخضع للنظام السيكولوجي، المتصرف وفقا لقاعدة : الاهتمام، الحب، الثقة) وبالتالي فإن الطبيعة التي جبل(خلق) الله بها المرأة مختلفة عن طبيعة الرجل . فهي بيولوجيا في حاجة ماسة إلى الرجل، في مقابل ذلك نجد بأن الرجل يسعى دائما نحو تحقيق رغباته وهذا معناه أن كائن راغب. فلما ينظر الرجل للمرأة على انها عورة (جسد) لأن ثقافته جعلته يربط المرأة بالجسد وهنا تكمن المقاربة السيوسولوجيا لهذا الموضوع أنه يعالج ثقافة المجتمع المغربي الذي يرتأي من زاويته على أن المرأة خلقت من أجل خدمة الرجل ، بتعبير ٱخر من أجل إشباع رغبات الرجل. في حين أن المسألة تحيلنا نحو التمظهر الأول للثقافة بكل تجلياتها، فالطابع الأول (طبيعي ) وهو أمر لا يمكننا أن نتدخل فيه لأنه فطري. في حين أن الطابع الثاني (ثقافي) وهو من إنتاج الإنسان. وبالتالي فإن ما نلحظه من ثقافة المجتمعات الغربية مختلف تماما عن ثقافة المجتمع المغربي، لأنه يقدم الروح على الجسد ويحدث هناك نوع من التوازن الروحي، الوجداني، وبين ما هو غريزي ، فطري في الانسان…. وبهذا المعنى يمكن القول على أن المرأة ليست موضوع أو قضية لمعالجتها بل هي كيان رهين بتقدم الحضارات والشعوب، وذلك باختلاف المعتقدات والأفكار….
فإذا كان الرجل العربي ينظر إلى المرأة على أنها مجرد عورة فالعيب فيه لأن ثقافته التي توارثها من جيله علمته ذلك ، في حين أن الرجل الغربي ينظر للمرأة على أنها كيان، روح، فكر، لديها رأي وقرار ، جسد منحصر في حاجاتهما معا) وهذا لأن ثقافته علمته ذلك. وبالتالي فإن العيب في المجتمع (التنشئة الاجتماعية) الذي منه نتبنى المعتقدات والأفكار فمنها نستقي المعرفة ومنها تتكون لدينا عقلية منحصرة فقط في الجانب المحدود والضيق.
************
-هشام الحمراوي: مغربي الجنسية من مواليد 1977 بمدينة فاس العاصمة العلمية للمملكة المغربية متزوج وأب لطفلين حاصل على دبلوم الدراسات الجامعية العامة في شعبة الرياضيات والفيزياء.من مؤلفا ته:- ثلاثية قمر الدم (قمر الدم، العودة، رحيل الآلهة)- ساعة من الزمن- خربشات كاتب مجنون- انتقام الشر- الكونتيسة- مالاهاياتي زعيمة جيش الأرامل.
-موسى الطائي: شراد الطائي عراقي الجنسية يعمل أستاذ الخط العربي والزخرفة في معهد بابل التأهيلي.
– سعيد عبد العزيز الشوادفي: من الكتاب المصريين، حالياً له أربع أعمال منشورة ورقي، لا تتعجلي الرحيل، كهف الجحيم رواية، نداء القلوب رواية قصيرة، من بعد غياب شعر عامية.
-ياسر غريب: كاتب مصري، من مؤلفاته: استبداد التراث: قراءة في الإلف والعادة، في أدب الشيخ علي الطنطاوي، تحقيق ديوان أحمد بن العليف المكي.
– زينب خلوق: كاتبة وأستاذة التعليم الثانوي تخصص فلسفة.
التعليقات مغلقة.