الحسن اعبا
اولا قبل ان نطرق الى الموضوع لابد للقاري ان يتساءل اولا عن.. من هم ..ازناگن..او بالاحرى.. من هم الصنهاجة..ومن اين اتو.. هل هم من المشرق كما يدعي العروبيين.. ام من الغرب كما يدعي الاخرون.. يقول ابن خلدون الدي عاصر الصهاجة..ان التاريخ جم الفوائد شريف الغاية اد هو يحدثنا عن تاريخ الامم كالانبياء في سيرهم والملوك بسياستهم ودولهم.ان ابن خلدون يرجع اصل الصنهاجة الى موريتانيا وليس المشرق كما يدعي البعض..الصنهاجة المرابطون من قبيلة لمثونة احدى القبائل الامازيغية تزعم حركتهم محمد بن تيفاوت وقام فيهم يحيى الجازولي او الگدالي ودلك بمساعدة عبد الله ابن ياسين الدي يدعو الناس باسم الدين واسس دولتهم محمد ابو بكر اللمتوني الدي فعلا تنازل لابن عمه يوسف ابن تاشافين عن العرش سنة 453.غير ان الدي يهمنا هنا هو موضوع المراة.فكيف كانت المراة في عهد الدولة المرابطية..
المرأة الصنهاجية، حينما سعى الدّين لتغييب التاريخ:
لماذا المرأة الصنهاجية ؟
تشترك القبائل الصنهاجية حسب النسّابين القدماء، مع مجموعات قبلية أخرى مثل: أوربة، مصمودة، كتامة … وغيرها، في أصلها إلى البرانس (أحد الأقسام الكبرى للأمازيغيين). وتستقر قبائل صنهاجة في جل جهات شمال إفريقيا سواء في السهول المتوسطية أو المحيطية أو في الجبال، أو في الصحاري الكبرى, ومعروف أن صنهاجة كانت أول قبيلة مغربية استطاعت أن تتجاوز عتبة التنظيم القبلي لتدخل التجربة الدولتية، وذلك عندما قامت « لمتونة » بمحو التجربة الإدريسية لتقيم على أنقاضها الدولة المرابطية. (لذلك سقنا هذا النموذج ولا نعني به التخصيص أو حد تاريخ المرأة الأمازيغية فيه، كنموذج).
ومن خصال قبائل صنهاجة، حبها الشديد للبلاد ودفاعها الكبير عن العباد، وهو ما كان له أبعد الآثار في صياغة تاريخ المغرب؛ إذ رفضت صنهاجة دخول العرب إلى المغرب أثناء « الفتوحات » وبعدها، فكانت شديدة العداء للأمويين وحلفائهم الأمازيغ البتر. الشيء الذي سمح ببروز الدور التاريخي للمرأة بشكل مميز في هذه الفترة من جديد. ذلك لأن المرأة الأمازيغية حافظت دائما على زعامتها ومكانتها في المجتمع الشمال إفريقي بشكل عام.
ولإبراز مكانة المرأة الصنهاجية في بيئتها الصحراوية (والشبه صحراوية)، خلال العصر الوسيط، تحيلنا المعلومات التي ساقها الرحالة « ابن بطوطة » (الذي زار مضارب قبائل صنهاجة سنة 753هـ) إلى دورها المهم بهذا المجتمع، مما أثار استغرابه واندهاشه، بحيث لم يسبق له أن شاهد، خلال رحلاته وأسفاره العديدة، وضعية مماثلة لها. ويقول في معرض حديثه عن أحد بطون قبائل صنهاجة: « ولنسائها الجمال الفائق، وهن أعظم شأنا من الرجال، وشأن هؤلاء القوم عجيب، وأمرهم غريب… ».
إن أهم ما ميز هذا الرحّالة كونه غريبا عن المنطقة، ما سمح لنا أن نستشف من خلاله بعض العادات والتقاليد التي تمسّك بها المجتمع الأمازيغي في هذه الفترة، خاصة فيما يتعلق بوضع المرأة التي يقول بأنها لم تكن تتخد الحجاب، بل من عادتها السفور حتّى أمام الرجال الأجانب. إضافة إلى شيوع الاختلاط بين الجنسين، بحيث تربط النساء علاقة صداقة مع الرجال الأجانب من غير ذوي المحارم. وحينما تتزوج إحداهن برجل أجنبي عن القبيلة، يشترطن عليه عند عقد الزواج البقاء معهن في مدينتهن أو مضارب قبيلتهن، ولا يقبلن أن يسافرن معه بعيدا عن أهلهن…إلخ.
يقول « ابن بطوطة »: ومع ذلك فإن القوم مسلمون محافظون على الصلوات وتعلّم الفقه وحفظ القرآن… . بل الأدهى من ذلك أن المنطقة التي كان يتحدث عنها عرفت الإسلام منذ أزيد من سبعة قرون قبل ذلك، وهي مدة كافية لترسيخ العادات الإسلامية بالمنطقة والقضاء على العادات المحلية المناقضة للإسلام !. ولو سلّمنا بصمود بعض العادات المحلية ، فإن الحركة الإصلاحية التي قادها « عبد الله بن ياسين » في مطلع القرن الخامس الهجري، والتي أدت إلى قيام الدولة المرابطية، كانت لتقضي على بقايا تلك العادات وترسخ بدلها تقاليد إسلامية والمذهب السني المالكي. هل كان « ابن بطوطة » كاذبا فيما أورده إذن ؟
إن الرجوع إلى المصادر التاريخية الأخرى يؤكد لنا صحة جل معلومات رحالتنا عن نساء المنطقة، إلا في قضية واحدة هي قضية انتساب الأبناء إلى خالهم، فنسبهم كان يرجع لأمهم دائما وليس لأحد آخر. إذن هل ماتت المرأة الأمازيغية ؟ أم أن الحركة النسائية بالمغرب لم تبدأ بعد ؟ هل نسيت المرأة الأمازيغية زمن الأمازونات ؟ كلها أسئلة تجعلنا نقر بغرابة التاريخ الذي يكرر نفسه، وبأزلية وخلود أدوار المرأة الأمازيغي بالمجتمع الشمال إفريقي.
يقول أحد الأمثال المأثورة : « Ur da ttmunn sin iẓaṭṭn g yanuxriṭ » . بمعنى أن ثقافتين مختلفتين لا يمكن أن تتعايشا في بيت واحد، إلا إذا امتلكت إحداهما آليات غير شرعية لإخضاع الأخرى، أو التحايل عليها واستدماجها في داخلها. وهذا ما حدث مع الثقافة الأمازيغية التي لم تمت يوما رغم تأثرها بالعديد من الثقافات المجاورة لها. ومن بين مسببات عدم موثها مقاومة المرأة الأمازيغية كما سبق الذكر، إضافة إلى التجاء العديد من القبائل الشمال إفريقية إلى الجبال واتخاد نمط الترحال الذي يصعب التأثير فيه إلا بدرجات قليلة. ومن بين هذه النماذج التي ظلت مقاومة إلى حدود الفترة الحديثة من تاريخ المغرب، نعطي نموذج قبائل الجنوب الشرقي، خاصة تلك التي شكلت أهم أحلاف عرفها تاريخ ما قبل/ وبعد تدخل المستعمر الفرنسي بالمنطقة.
– ملاحظة، لابد منها:
إن ما كان يميز المرأة الأمازيغية في فترة معينة دون أخرى، هو مدى اهتمام أو إغفال المؤرخين والمحدثين لها. ذلك أن استمرارية قمع هذا الدور رغم احتفاظ المجتمع الأمازيغي بالعديد من عاداته وتقاليده، ورغم كل ما عاناه من تدخلات خارجية واستعمار وتنكيل وتحولات جلية في الديانات والعبادات.. لم يحل دون تغيرها بشكل كبير، يجعل منها خاضعة تماما للهيمنة الذكورية.
إننا إذ نقرّ بهذا، وندافع عنه؛ فذلك استنادا إلى فكرة علمنا إياها التاريخ، فما لم تكتبه بيديك كما تعيشه أنت، لا يمكن لأحد آخر أن يكتبه بدلا عنك، ويفهم كيف قمت به ! خصوصا أن الشعب الأمازيغي كما سبقت الإشارة، اكتفى بذاكرته من أجل حفظ التاريخ. فكان يورّث هذه الطريقة لأجياله اللاحقة حتى تدخلت عدة عوامل ذكرنا بعضا منها فيما سبق، أدت إلى مغادرة السهول والالتجاء إلى الجبال والاحتماء بها. لذلك فأي نموذج نسوقه هنا، لن يعبر بتاتا عن شمولية الدور الذي لعبته المرأة الأمازيغية في تاريخ شمال إفريقيا عموما، والمغرب على وجه الخصوص؛ ثم إن اختيارنا لمجال معين دون آخر في هذه المحاولة، لا يعدو أن يكون إلا إشارة بسيطة لمجالات ظل فيها الإنسان مستقلا نسبيا عن التأثيرات الخارجية الكبيرة، كما حصل في السهول والمجالات القريبة من المحيطات.
الحسن اعبا
المراجع المعتمدة:
– المرأة والحفاظ على التراث الأمازيغي. أعمال الندوة الوطنية التي نظمت يومي 26 و 27 يوبيوز 2005. تنسيق: الحسين أيتباحسين. منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. الرباط ة 2008.
– المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي، المواجهة المغربية للأمبريالية الفرنسية 1881-1912. تأليف: روسإ.دان. ترجمة: أحمد بو حسن، مراجعة: عبد الأحد السبتي. منشورات زاوية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2006.
– أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الأمازيغ). ترجمة وتعليق وشرح: الدكتور مصطفى أعشي. منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. الرباط 2009.
– مجلة: (التاريخ، الثقافة، المجتمع). عدد مزدوج: 13-14 « حلقات في تاريخ المرأة بالمغرب ». مطبعة النجاح الجديدة 1998.
– مجلة: أمل (التاريخ، الثقافة، المجتمع). العدد: 39- 40 « نساء وقضية ». مطبعة النجاح الجديدة 2012.
التعليقات مغلقة.