أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

المسلمون ورقة الحظ الفضلى لدى مرشحي الرئاسة الفرنسية!!

  مراكش: السعيد الزوزي

الاختيار بين السيء والأسوأ، تلك هي المشكلة التي تواجه المسلمين في فرنسا في الجولة الثانية للرئاسيات يوم 24 أبريل الجاري، التي يتنافس فيها الرئيس “ايمانويل ماكرون” مع مرشحة اليمين المتطرف “مارين لوبان”.

فالولاية الرئاسية الأولى “لماكرون”، شهدت تضييقا غير مسبوق على المسلمين، خاصة بعد إصدار قانون مكافحة ما يسمى “بالانفصالية الإسلامية “و محاولة خلق “إسلام عصري” على مقاس “العلمانية الفرنسية”.

وفجر الرئيس الفرنسي غضبا واسعا بين مسلمي العالم، عندما قال إن ” الإسلام يعيش أزمة عميقة في كل دول العالم”.

فيما يفاخر وزير الداخلية “جيرالد دارمانان” ،المحسوب على “ماكرون”،باغلاق (مائتين) جمعية إسلامية مقربة من “حركات الإسلام السياسي”، على غرار جمعية مكافحة “الاسلاموفوبيا”، ناهيك عن إغلاق المساجد.

ناهيك كذلك، عن دعم” ماكرون” لنشر الصور المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام واعتبارها حرية رأي، بينما لم تتحمل باريس نشر السفارة الروسية رسما ساخرا عن أوروبا على موقعها، واستدعت السفير الروسي حوله، في مفارقة تكشف بشكل صارخ الكيل بمكيالين بشان حرية التعبير.

ورغم قرارات” ماكرون” المزايدة على اليمين المتطرف في عدائه للمسلمين والمهاجرين، إلا أن “لوبان” رفعت السقف إلى مستويات غاية في التطرف، عندما أعلنت في حملتها الانتخابية أنها ستمنع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وأنها ستفرض غرامات على المحجبات في الشوارع، اذا وصلت للرئاسة.

واعتبرت زعيمة حزب “التجمع الوطني”، أن الحجاب – رمز لتلك الأيديولوجية الشمولية (تقصد الإسلام)، ولهذا أتمنى تخليص كل النساء من الحجاب -، وردت عليها سيدة فرنسية محجبة من أصل جزائري، على هامش حملتها الانتخابية ” دعي المسلمين وشأنهم”.

لكن،” لوبان” مصرة على فتح الملفات التي تغذي اليمين المتطرف بأصوات “الشعبويين”، على غرار منع “ذبح الاضاحي” على الطريقة الإسلامية وحرمان المسلمين بالتالي من اللحم الحلال، لكنها تقترح بالمقابل استيراده من الخارج.

 

ورغم أن” ماكرون” يتبنى مشروعا يشدد فيه على تقييد الهجرة وحق اللجوء من خارج الاتحاد الأوروبي وبالخصوص من الدول العربية و الإسلامية، إلا أن” لوبان” تبالغ في الدعوة لتقييد هذا الحق.

 

فبينما يقترح “ماكرون” تسهيل عملية ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلباتهم، ومراجعة شروط الحصول على تصاريح الإقامة لأكثر من (أربعة) سنوات، تشدد “لوبان” على ضرورة تقديم هذه الطلبات من البلد أو الموطن الأصلي في السفارات الفرنسية في الخارج قبل أي هجرة.

 

وبالنسبة للحصول على الجنسية الفرنسية، يقترح “ماكرون” اشتراط إتقان اللغة الفرنسية، بينما تطالب منافسته بإلغاء حق الأرض و الحصول على الجنسية تلقائيا عن طريق الزواج، وتدعو لإدراج الظروف المؤدية إلى إسقاط الجنسية الفرنسية في الدستور.

 

لا “ماكرون” ولا “لوبان”، بحسب صديقتي بمعهد “ايفوب لاستطلاعات الرأي”، فإن أصوات المسلمين في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، التي أجريت  في عاشر ابريل الجاري، لم تذهب لا “لماكرون” ولا “للوبان” ، بل حصد المرشح اليساري” الراديكالي” المدافع عن المهاجرين على حصة الأسد بما يقرب من (سبعين بالمئة)، ولم يحصل “ماكرون” سوى على (أربعة عشر بالمئة) من أصوات المسلمين، فيما صوت (سبعة بالمئة) منهم “للوبان”.

 

ويمثل المسلمون بحسب بعض التقديرات (عشرة في المئة) من عدد السكان، البالغ عددهم ازيد من (سبعة وستين مليون نسمة) منهم (ثمانية و أربعين مليون نسمة) يحق لهم التصويت.

 

وبلغت نسبة المشاركة في الدور الأول للرئاسيات (ثلاثة وسبعين بالمئة) مقارنة (بثمانية وسبعين بالمئة) في انتخابات 2017، ما يمثل تراجعا بأكثر من (خمس) نقاط، ومن المتوقع أن تتراجع هذه النسبة في الدور الثاني، خاصة وأن المعركة الرئاسية تبدو محسومة “لماكرون”،ر غم تمكن” لوبان” من تقليص الفجوة بينها وبينه.

وفد حصل” ماكرون”، على 27,85 بالمئة من الأصوات الصحيحة، مقابل 23,15 بالمئة ” للوبان”، بحسب النتائج الرسمية للمجلس الدستوري.

 

ولم يعلن ” ميلونشون”، الذي حاز بثقة اكثر من (ثلثي) المسلمين في فرنسا دعمه “لماكرون”، لكنه دعا لحرمان “لوبان” من أي صوت لأنصاره، ما يصب ذلك في مصلحة الرئيس المنتهية ولايته، خاصة وأن المرشح الذي حل ثالثا بأكثر من (سبعة ملايين) صوت لم يدعو إلى مقاطعة الانتخابات.

 

وفي اقرب استطلاعات الرأي، نشرت خلال الدور الأول، تمكنت ” لوبان” من تقليص الفجوة بينها وبين “ماكرون” إلى (ثلاثة نقاط) فقط ، 48,5 بالمئة “للوبان” مقابل 51,5 بالمئة “لماكرون”، وهذا فارق ضئيل جداً وغير مسبوق، رغم ان “ماكرون” يحظى بدعم أغلبية المرشحين الرئاسيين الخاسرين، إلا أن إمكانية حدوث مفاجأة ليس بالمسألة المستحيلة، خاصة إذا لجأ الناخبون إلى التصويت العقابي ضد “ماكرون”، او أن نسبة المقاطعة كانت كبيرة في الأوساط اليسارية والمسلمة، مقابل تحشيد كثيف لأصوات اليمين المتطرف خلف “لوبان”.

 

فالمعركة الرئاسية لم تحسم نهائيا، والمسلمون بإمكانهم هزيمة “ماكرون”، لأنهم يمثلون نحو (عشرة بالمئة) من الناخبين بينما الفارق يقترب من (ثلاثة بالمئة)، لكن البديل سيكون الخيار الأسوأ، لذلك لا يبدو الرئيس المنتهية ولايته قلقا كثيراً من أصوات المسلمين، إلا أنه يخشى من التصويت العقابي.

 

ولم يقدم ” ماكرون” في حملته الانتخابية تنازلات كبيرة للمسلمين، لكنه حاول الظهور بصورة المنقذ للمسلمين من “بعبع” اليمين المتطرف، وقال في حملته الانتخابية ” أريد لفرنسا ان تسمح للجميع بحرية المعتقد والعبادة في ظل العلمانية، ولا أريد لها أن تمنع المسلمين واليهود من تناول لحم الحلال وفق معتقداتهم، فذلك ليس من قيمنا “.

 

وأضاف قائلا ” سوف اثبت لهم في الأيام المقبلة أن مشروعنا سيلبي متطلباتهم اكثر من أي مشروع لدى التيار اليميني المتطرف”، كما اطمأن النساء المسلمات بأن ” مسألة الحجاب ليست هاجسا”، ردا على تهديدات “لوبان” بمنع الحجاب في الأماكن العامة.

هل لجأ ” ماكرون” للجزائر ؟؟

في أقل من 48 ساعة من زيارة وزير الخارجية الفرنسي ” جان إيف لودريان” إلى الجزائر ولقائه بالرئيس “عبد المجيد تبون” ، أعلن عميد مسجد باريس الكبير، الذي تسيره الجزائر، المسلمين الى التصويت لصالح “ماكرون”.

فزيارة “لودريان”،المفاجئة وغير المبرمجة والتي لم يسبقها جدول أعمال، جاءت حمالة لعدة أوجه، خاصة أن العلاقات بين البلدين عصفت بها أزمة حادة ،تسببت في استدعاء الجزائر سفيرها من باريس ،قبل ان تعيده بعد سعي الأخيرة للتهدئة.

ويتجلى ذلك، في ردة الفعل الفرنسية الغاضبة على تصريحات السفير الجزائري “عنتر داوود”، عندما صرح أنه “من غير المقبول ألا تتمكن الجزائر، التي تملك على أكبر جالية أجنبية بفرنسا و(ثمانية عشر) قنصلية، من الأخذ بزمام الأمور من أجل التدخل ليس في السياسة الجزائرية فحسب، بل أيضا على مستوى السياسة الفرنسية”.

وعندما يدعو عميد “مسجد باريس الكبير” المسلمين للتصويت ” لماكرون”، فهذا لا يكون إلا بإيعاز من الجزائر، وبالتالي فليس من المستبعد أن تكون هناك تفاهمات جزائرية مع “ماكرون” بشكل غير معلن لدعمه في الانتخابات ، دون ان يتضح بعد ما هو المقابل….!

التعليقات مغلقة.